استهداف الصحفيين لمنعهم من تغطية جرائم الاحتلال في المسجد الأقصى

بقلم: المحامي علي أبو هلال 

يتضح للمتابعين والمراقبين للأحداث التي تجري في المسجد الأقصى وفي مدينة القدس المحتلة خلال شهر ‏رمضان المبارك، أن قوات الاحتلال تتعمد تصعيد انتهاكاتها ضد المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية، ‏وتنتهك بشكل صارخ حق وحرية العبادة، وكافة الحقوق والحريات السياسية والمدنية والثقافية والاقتصادية ‏والاجتماعية، التي تكفلها الشرعة الدولية لحقوق الانسان عموما. ‏

وأن حديث حكومة الاحتلال عن السماح لجميع أتباع الديانات بممارسة حقهم في العبادة وأداء شعائرهم ‏الدينية بشكل متساوي وبدون تمييز، هي مجرد أكاذيب وتضليل للرأي العام، وتنفيه كل الوقائع التي تجري ‏على الأرض، سواء في القدس أو في سائر الأراضي الفلسطينية المحتلة.‏

فقد أكدت ممارسات الاحتلال في القدس خلال شهر رمضان المبارك أنها تنتهك كافة الحقوق والحريات التي ‏يكفلها قانون حقوق الانسان، وذلك بتعرضها لكافة حقوق وحريات الفلسطينيين بمختلف فئاتهم، وخاصة ‏وسائل الاعلام والصحفيين، للحيلولة دون نشر حقيقة الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية، التي تجري على ‏الأرض الفلسطينية، لدحض رواية الاحتلال التي تؤكد بما يخالف الحقيقة أنها تسمح بممارسة الحقوق ‏والحريات للفلسطينيين بكل فئاتهم. ‏

إن أكثر ما يزعج قوات الاحتلال وحكومته اليمينية المتطرفة، أن تنجح وسائل الاعلام وينجح الصحفيين ‏من نقل حقيقة الأحداث التي تجري على الأرض كما هي، وبصورة موضوعية وحقيقية بما يخالف الصورة ‏والرواية الإسرائيلية الكاذبة، لذا تلجأ قوات الاحتلال إلى منع الصحفيين من القيام بعملهم بكافة الوسائل، ‏ليس فقط منعهم من حريتهم في الحركة والتنقل لتغطية ما يجري على الأرض، بل تتعدى ذلك لتشمل ‏اعتقال الصحفيين والتعرض لهم والاعتداء عليهم بما يعرض حياتهم للخطر.‏

وفي هذا الإطار استمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي في استهدافها للصحفيين الفلسطينيين، الذي يعملون ‏على تغطية اقتحامات المستوطنين واعتداءات قوات الجيش الإسرائيلي المتكررة على المواطنين في المسجد ‏الأقصى منذ بداية شهر رمضان المبارك‎.‎

أصيب يوم الجمعة الماضي لوحده ثلاثة صحفيين إصابات لا يمكن أن توصف سوى أنها تقع في دائرة ‏الاعتداءات الخطيرة التي تستهدف الصحفيين، إذ أصيب الصحفي علي ياسين برصاصة مطاطية في ‏حنجرته سببت له جرحا عميقا في رقبته، فيما أصيب كلا من الصحفيين “محمد عشو” و”أحمد شريف” ‏برصاصات مطاطية في أقدامهم‎.‎

ومنذ بداية شهر رمضان سجلت عشرات الإصابات في صفوف الصحفيين في ساحات المسجد الأقصى، ‏بشكل متعمد لإبعادهم ليس فقط عن المكان، وإنما لردعهم عن تغطية الاحداث، وتنوعت الانتهاكات ‏الإسرائيلية ضد الصحفيين ما بين الإصابة بالرصاص المطاطي، أو الاختناق بغاز القنابل أو غاز الفلفل ‏إلى حد التعدي السافر بالضرب المبرح على الصحفيين، لمنعهم من تغطية جرائم الاحتلال وانتهاكاته‎.‎

وقد بلغت الاعتداءات على الصحفيين المقدسيين ذروتها خلال الهبة الأخيرة السنة الماضية، رفضا لإخلاء ‏عائلات حي الشيخ جراح، ودفاعا عن المسجد الأقصى المبارك، وسجل مركز إعلام الناصرة 42 اعتداء ‏خلال شهر أيار/ مايو الماضي بحق صحفيين مقدسيين، خلال قيامهم بعملهم المهني في مناطق مختلفة من ‏القدس.‏

وكان آخر تلك الاعتداءات اعتقال الصحفية جيفارا البديري، مراسلة قناة الجزيرة، والاعتداء عليها وعلى ‏مصور القناة أثناء قيامهما بتغطية فعالية لأهالي حي الشيخ جراح، ما يفتح ملف الاعتداء كذلك على ‏المصورين الصحفيين لمنعهم من توثيق الانتهاكات في المدينة.‏

استنكرت المراكز الصحفية والإعلامية ونقابة الصحفيين الفلسطينيين، جميع الاعتداءات السافرة من قبل ‏قوات الاحتلال بحق الصحفيين في مدينة القدس وبقية المدن الفلسطينية وأكدت هذه المؤسسات الاعلامية ‏أن سياسة الإفلات من العقاب والتعامل الدولي مع دولة الاحتلال على أنها فوق القانون، هو ما يشكل ركيزة ‏أساسية وتشجيعا لها بالاستمرار في هذه الاعتداءات.‏

وأكدت العديد من المؤسسات الصحفية، إن قوات الاحتلال تواصل استهدافها المتعمد للصحفيين ‏الفلسطينيين دون أدنى اعتبار للحماية المكفولة للصحفيين بموجب القوانين الدولية والمواثيق والأعراف ‏الإنسانية، مسجلة أعلى المؤشرات على صعيد محاربة حرية الإعلام في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ‏لاسيما في ظل الصمت غير المقبول والمستهجن من قبل المنظمات الدولية المعنية بحماية الصحفيين ‏والدفاع عنهم، الأمر الذي يؤكد على ضرورة تحرك هذه المؤسسات للقيام بمسؤولياتها المهنية والقانونية، ‏لوقف هذه الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية التي يتعرض لها الصحفيين والإعلاميين.‏

كما ينبغي أن تتحمل كافة المنظمات الدولية، وخاصة هيئات الأمم المتحدة ومجلس حقوق الانسان، وكافة ‏الهيئات الحقوقية الدولية كافة، مسؤولياتها القانونية لضمان حرية عمل الصحفيين والإعلاميين، ومحاسبة ‏إسرائيل ” السلطة القائمة بالاحتلال” عن الجرائم التي ترتكبها بحق الصحفيين والمؤسسات الاعلامية. ‏

‏*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.‏

Exit mobile version