كتب: صادق الشافعي
من اهم نتائج الدورة الأخيرة للمجلس الثوري لحركة فتح – وقد يكون أهمها -، كان القرار الواضح والمحدد وربما الحاسم المتعلق بتحديد موعد انعقاد المؤتمر العام للحركة في أواخر شهر كانون الأول من العام الجاري.
أن يأتي القرار في هذا الوقت بالذات وفي هذه الظروف الوطنية العامة هو ما يجعل منه قرارا جادا وصائبا وضروريا، ومسؤولا في نفس الوقت.
وانه أيضا، يقدم تعبيرا واضحا على تحمل حركة فتح لمسؤولياتها الوطنية العامة وبدرجة عالية من الاقتدار.
واللافت أيضا أن نص القرار وتوقيته خليا من مخارج احتياطية يمكن التذرع بها عند الحاجة أو الضرورة التنظيمية للرجوع عن القرار أو حتى تأجيله، أو إلحاق إضافات أو تعديلات على نصه ذات معنى أو التزامات خاصة.
والقرار بالمحصلة مؤشر قوي على قدرة حركة فتح وعلى استعدادها في نفس الوقت على تحمل نصيبها الوازن من المسؤولية الوطنية.
ويؤشر في الوقت ذاته على وجود درجة مناسبة من التوافق والانسجام بين مكوناتها التنظيمية والنضالية والتي تتحمل مسؤوليات السلطة الوطنية.
القرار جاء في توقيت تبدو فيه ساحة النضال الوطني الفلسطيني بشكل عام في حاجة موضوعية عالية إلى التجديد في كل مؤسساتها وعلى كل المستويات، بداية من الأوضاع والعلاقات فيما بينها، ثم مع وفي الأطر الوطنية العامة والجامعة.
تتوازى مع هذه الحاجة الموضوعية، وربما تتوازى معها في الأهمية والأولوية حاجة أخرى: هي استعادة حضور وفاعلية المؤسسات الوطنية الفلسطينية الجامعة واستعادة دورها وفعلها الجامع والموحد في أطرها للكل الوطني الفلسطيني ولسياساته البرامجية، ولهيئاته ومؤسساته العامة والجامعة (أو المتكاملة والمنسقة) وبرامجها الموحدة وصولا إلى سياساتها ومواقفها وعلاقاتها وبرامجها التنفيذية.
ورغم أن هذه الحاجة هي الأهم ولها الأولوية بين الحاجات الأخرى فإنه لا يمكن الوصول إليها والتعامل معها بالقفز فوق أو تجاهل الأولويات الأخرى.
من هنا، تكتسب مؤتمرات التنظيمات الوطنية (مثل مؤتمر حركة فتح المعلن مسبقا عن شهر انعقاده) والتنظيمات الأخرى المفترض أن تواريخ انعقادها قد استحقت أو تقترب من الاستحقاق أهمية زائدة، كونها يمكن أن تشكل المقدمة الضرورية أو الأنسب للتعامل مع الحاجات الأخرى الأكثر أولوية والأكثر أهمية، وفي المقدمة مبادرات التوحيد الجامعة.
ما يمكن أن يسجل لصالح التنظيمات الفلسطينية أنها ورغم الغياب الفعلي الواقعي لوحدة الجميع في إطار المؤسسة الواحدة ذات الرؤى والبرنامج الموحد والقيادة الموحدة أو المؤتلفة، ورغم التنافس الذي يقترب أحيانا من حد التراشق، فإن علاقاتها وأدوارها لم تخرج عن الإطار الرسمي/ النضالي الموحد.
ولم تخرج في برامجها وأهدافها وممارساتها النضالية عن الإطار العام الذي يجمع حركة النضال الوطني الفلسطيني بكل مكوناتها وهيئاتها وأدواتها وبأهدافها الوطنية والتحررية، حتى وان استمر هذا الإطار وما زال لا يصل إلى وحدة الرؤيا الكاملة والشاملة ووحدة البرنامج والأدوات ووحدة التنفيذ.
ومع حقيقة أن مؤتمر حركة فتح قد يعلن عن بداية الفعل لتحقيق ما تقدم من أهداف، فإنه من المهم التأكيد على فائدة وضرورة أن توسع حركة فتح «بيكار حركتها» ليشمل إضافة إلى قوى وتنظيمات منظمة التحرير قوى المجتمع المدني الفلسطيني غير المؤطر وغير المنظم إلا في هيئات مجتمعية متعددة ومتنوعة في أحسن الحالات.
المطلوب بالمختصر وبكل وضوح أن تشمل الحركة المطلوبة كل الناس، كل أهل الوطن من منتمين وغير منتمين بكل تشكيلاتهم وتنوعهم. ولا يمكن نسيان أو تجاهل هيئات أو جمعيات أو شخصيات أو ما شابه كان لها دور أو تجربة في وقت ما وظرف ما: هيئة الانتخابات المركزية مثلا وما شابهها.
ولا يجب بأي حال غلق أبواب أمام أي تحرك في وجه الناس العاديين ولو في حدود سماع وجهة نظرهم أو اقتراحاتهم. ولا يجب بأي حال أن يكون مسار ومآل أي محاولة أو هيئة أو تجربة إلا مسار أهل الوطن: المسار الوطني العام.
والطريق المثلى لتحقيق ذلك هي عبر انتخابات ديمقراطية سلمية شاملة ونزيهة.
انتخابات طال انتظارها، انتخابات تطال كل أطر السلطة الوطنية وخاصة أن الحراك السياسي في المنطقة نشط جدا. حراك له ارتباط وثيق سواء بجوهر القضية الوطنية الفلسطينية أو بالكيان الصهيوني.
ما يستدعي بل يحتم وجود قيادة فلسطينية منتخبة وجامعة للكل الوطني تتحمل مسؤولية اتخاذ قرارات مصيرية والتعامل مع المستجدات بما يضمن صيانة وتحقيق الحق الفلسطيني في التحرر والاستقلال والسيادة والعودة.