محاذير التفرد والانقسام

لخص الجنرال غيورا أيلند رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق 2004-2006، دروس حملة المستعمرة “درع ورمح”، ضد حركة الجهاد الإسلامي وأهل غزة في مقال نشرته يديعوت أحرونوت العبرية يوم 14/5/2023 تحت عنوان “ثمانية دروس من الحملة”:


وأهمها التفريق بين نوعين من الحملات العسكرية، الأولى وغايتها محدودة من أجل الحفاظ على الوضع القائم، والثانية التي تستهدف تغيير الوضع القائم.

حملة العدوان على غزة كانت من النوع الأول، محدودة الهدف وهي المس بقدرات حركة الجهاد، وتقليص مبادراتها الكفاحية، وتخفيض مستوى خطورتها، وهو ما سبق وفعلته مع حركة حماس عدة مرات بهدف تقليم أظافرها وخلع أنيابها، ولكن عدم المس بسلطتها الأحادية وسيطرتها المنفردة على قطاع غزة، طالما هي تلتزم باتفاقات التهدئة، وهي كذلك، وأثبتت ذلك في حملة شهر آب 2022، وها هي تجدد مصداقيتها والتزامها بالتهدئة في حملة أيار 2023، وبأقل كلفة إسرائيلية بشرياً ومادياً.

حماس تتوسل الحفاظ على سلطتها في قطاع غزة، وذلك عبر عاملين:

1- استمرار فتح أبواب مناطق 48 للعمالة الفلسطينية من أهل غزة، وهم حوالي عشرين ألف عامل يتوجهون يومياً نحو العمل في ورش ومصانع المستعمرة في مناطق 48.

2- استمرار تمرير المساعدة القطرية المالية شهرياً، بواسطة السفير العمادي.

في الحالتين ومن خلالهما: 1- العمل في مناطق 48، 2- المساعدة النقدية القطرية، تتوفر فرص تحسين الوضع الاقتصادي المعيشي، ما أمكن لفلسطينيي قطاع غزة تحت سلطة حركة حماس، في مواجهة الإفقار والتجويع حصيلة الحصار القاسي الظالم من قبل المستعمرة ضد أهل القطاع.

غيورا أيلند يدعو حكومة المستعمرة للاعتراف بحركة حماس، وفتح التفاوض معها، لتكون هي عنوان الدولة الفلسطينية في قطاع غزة.

حركة حماس تتميز بثلاثة عناوين:
أولاً أنها تملك السلطة منفردة في قطاع غزة، ولها السيطرة الكاملة.

ثانياً أنها تملك المصداقية في القرار، وأثبتت أنها حينما يتم التوصل معها عبر الوسيط المصري لاتفاق التهدئة، تلتزم بذلك قطعياً.

ثالثاً أنها امتداد لأكبر وأهم حركة سياسية عابرة للحدود في العالم العربي، وهي حركة الإخوان المسلمين، والتوصل معها لأي اتفاق يشمل ذلك وينعكس على فصائل الإخوان المسلمين متعددة المواقع الجغرافية.

لا يستطيع المراقب المدقق، إلا أن يأخذ ذلك بعين الاعتبار، نحو التدقيق ببرامج المستقبل ومخططات المستعمرة التي تعمل على تعميق الفجوة بين الفصائل والأحزاب الفلسطينية، وبين الضفة الفلسطينية والقطاع، واستمرار الانقسام يصب في هذا الاتجاه التدميري للقضية الفلسطينية، والدفع باتجاه تعزيز المصالح الحزبية وإبرازها، على حساب مجمل العنوان الفلسطيني: العودة والحرية والاستقلال.

حركة حماس فصيل كفاحي أساسي، كما هي فتح والجهاد والشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وباقي الفصائل، وعليه بدون أن تكون الشراكة شاملة الجميع في إطار منظمة التحرير ومؤسساتها والسلطة الفلسطينية وأدواتها، يكون القلق ساكناً في أعماق من يحمل الإحساس بالمسؤولية، وتجنب كل برمجة ومخطط إسرائيلي يستهدف بقاء الانقسام والشرذمة واستمراريته، كما هو سائد حالياً.

Exit mobile version