شمعون بيريس، وإسحق رابين، وآخرهم، بيني غانتس وزير الجيش، وكثيرون غيرهم، كل هؤلاء الزعماء هم من خريجي مدارس التأهيل والإصلاح غير الحكومية!
استفاد الإسرائيليون من تجارب الأمم الأخرى في أنظمة التعليم، وظفوها لتحقيق غايات عديدة، أبرزها اكتساب المهارات وتعلم الحياة العملية، ليصبح خريجو المدارس والمعاهد قادرين على كسب قوتهم بعرقهم، فهم ليسوا عالات وحالات اجتماعية ملقاة على عاتق الدولة كما يحدث في بلادنا، لأننا نعتبر التعليم دفيئة لتخريج الموظفين الحكوميين (الميري) وتتويج حاملي الألقاب ليفخر الآباءُ بأبنائهم!
أوردتْ، أرئيلا مارسون الكاتبة في صحيفة «جيروسالم بوست»، 10-12-2022 نبذة عن نظام تعليم إسرائيلي مقتبس من نظام التعليم في اليابان، وهو نظام مكون من ست وأربعين مدرسة في إسرائيل، تضم ألفاً ومائتي طالب، تبدأ أعمارهم من السنة السادسة حتى السادسة والعشرين، هذه المدارس تستوعب كل مَن لهم مشكلات خاصة، ممن يعانون من العنف في مدارسهم، أو أنهم لا يجدون الرعاية الكافية في أسرهم بسبب الضائقة الاقتصادية، أو أنهم هربوا من أسرٍ متزمتة قاسية تفرض عليهم نظامها الديني الحريدي الصارم.
اختارت الصحافية نموذجاً واحداً، مدرسة بن شيمن بالقرب من مدينة اللد. وصفت الصحافية، نظام الحياة في المدرسة: «توفر المدرسة المهجع والأكل المجاني، يدرس الطلابُ المقررات الدراسية من وزارة التعليم، وهم يعملون في حلب الأبقار وزراعة الأرض، وتعلم فن البيطرة، وهم أيضاً يبيعون إنتاجهم لزيادة الدخل، ويتدربون أيضاً على فنون الحياة العملية، وليس حفظ النصوص المقررة في الكتب الصماء البعيدة عن مجالات العمل المنتج، لم يعد هؤلاء الطلاب عالات اجتماعية على الدولة، بل أصبحوا منتجين، حتى أن 96% منهم حصلوا على شهادة الثانوية والتحقوا بالتعليم العالي!
من المفيد اقتباس التجارب في أنظمة التعليم لغرض تحسين النظام التربوي والتعليمي، وتوظيفه لخدمة المجتمع بإكساب الأبناء الخبرات اللازمة للحياة.
كتبتُ سابقاً عن تجربةٍ في نظام التعليم في اليابان مستفيداً من كتاب الصديق الراحل دكتور سمير عبد الحميد نوح، (اليابان بين طيات الكيمونو وأقنعة النينجا). كان مؤلف الكتاب محاضراً في الجامعات اليابانية، وصف في كتابه السابق زيارته لمدرسة ابتدائية يابانية، ورد في صفحات الكتاب حوارٌ مع مُعلمة الصف الثاني الابتدائي، أساهارا قالتْ: «إن واجب المدرسة الإشراف على تشكيل شخصية الطفل، وإشعاره ببهجة الحياة، لذا نسعى لتقليل الكم المنهجي إلى أقصى حد، مع توجيه التلاميذ إلى احترام القيم، وحب العلم، المدرسة عندنا بيت التلميذ الحقيقي»!
قال الكاتب: «شاهدتُ في الساعة نفسها طلاب الصف الرابع ينتظمون في مجموعات صغيرة، تنشغل مجموعةٌ بالحياكة والنسيج، ومجموعة أخرى بأعمال النجارة، وأخرى بالزخرفة، ومجموعة رابعة تتولى تركيب إنسان آلي، وخامسة تُركِّب هيكل سيارة، أما طلاب الصف الثاني، يتحلق بعضهم حول حوض السمك، وآخرون ينظفون أقفاص الطيور، ومجموعة أخرى تُطعم الأرانب، ومجموعة رابعة تسقي النباتات والأزهار، سألت عن طابور من التلاميذ يتجهون نحو بوابة المدرسة، أجابتني المعلمة: إنهم يستعدون لجولة مدرسية لزيارة مصانع الحلوى. في تمام الساعة الثانية عشرة يتناولون طعام الغداء، بإشراف خبير في التغذية»!