بقلم:حمادة فراعنة
رغم قدرات المستعمرة الإسرائيلية وتفوقها، على قدرات الشعب العربي الفلسطيني المحدودة، مقارنة بما تملكه المستعمرة من إمكانات واسعة متعددة محلياً ودولياً، مما يتعذر على المقاومة الفلسطينية، توجيه ضربة موجعة للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، تؤدي إلى هزيمته، وانتصار فلسطين.
رغم ذلك، فرص التحول التدريجي لعدالة القضية الفلسطينية جارية بلا توقف، عبر خطوات تراكمية تتم على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية، مقابل تراجع تدريجي لمكانة المستعمرة، رغم مظاهر القوة التي تملكها، فقد كشفت حقيقتها كمستعمرة واضحة الدلالة والمضمون والنتائج، وتتسع إلى الحد انها تسبب الحرج لحلفائها الداعمين لها.
على المستوى الدولي، حقق الفلسطينيون خطوة متقدمة في شهر تشرين الثاني 2022، لدى الأمم المتحدة عبر الجمعية العامة بقرار اللجنة الرابعة المعنية بتصفية الاستعمار، حين اتفقت على تقديم طلب المشورة أمام محكمة العدل الدولية، بهدف صياغة فتوى تتضمن وصف الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وقد حصل القرار على 98 صوتاً، مما يدلل على مواصلة الحضور الفلسطيني والاحترام الدولي لقضيته العادلة.
سيتم خلال الأيام المقبلة، التصويت النهائي لدى الجمعية العامة بهدف توجيه المطالبة رسمياً لدى محكمة العدل الدولية، وهو إنجاز غير مسبوق سوى طلب الفتوى لدى المحكمة عام 2004 في تفسير وتوضيح مساوئ جدار الفصل العنصري الذي أقامته المستعمرة على أرض فلسطين.
كان ذلك انتصاراً مؤكداً، لم تستثمره القيادة الفلسطينية، ولم توظفه في سياق ما هو مطلوب منها من إجراءات، استجابة للضغط الأميركي وأوهام الرهان الفلسطيني على واشنطن وألاعيب الإدارة الأميركية ووعودها التي تفتقد للمصداقية.
في قطر غابت فلسطين عن مشاركة فريقها بالأولمبياد، ولكنها كانت الحاضرة الدائمة لدى الجمهور متعدد القوميات والجنسيات، وحتى لدى بعض الفرق التي أظهر العاملون معها من رياضيين أو مشجعين في التعبير عن الوقوف مع فلسطين والتضامن مع شعبها.
جريدة “لوس أنجلوس تايمز” الأميركية أقرت في تقرير لها أمس الاول، من قطر، أن “القضية الفلسطينية تحتل مركز الصدارة في كأس العالم”، وكتبت “بينما تجمع الفريق المغربي لالتقاط الصور، احتفل بعض اللاعبين بتلك اللحظة من خلال التلويح بعلم بلادهم، ولكن كان هناك علم آخر حمله الفريق في المقدمة وفي المنتصف، إنه: علم فلسطين، الحاضر في كل مكان : في المدرجات، وملعب كرة القدم، لدى كأس العالم في المونديال الأول لدى الشرق الأوسط”.
ليست اللوس أنجلوس تايم صديقة للشعب الفلسطيني، أو حتى محايدة، فهي غالباً ما تكتب بإنحياز لصالح المستعمرة، ولكن ما فرض عليها عبر تقريرها من قطر، من وقائع المونديال، عاكسة الاهتمام العربي والدولي، جماهيرياً، لصالح الفلسطينيين، هو الذي أملى على الصحيفة، الإقرار بالحضور الفلسطيني، والتعاطف العربي والدولي مع نضالهم وتضحياتهم، وحجم العنف والظلم والقتل اليومي الواقع عليهم من طرف المستعمرة وجيشها وأجهزتها ومستوطنيها الأشرار.
الآفاق مفتوحة لتحقيق الانتصار الفلسطيني، ولكن العامل الذاتي المتمثل بالانقسام، والضعف العربي بسبب الحروب البينية، هي العوامل المفروضة المستغلة من قبل الأميركيين والإسرائيليين وبعض الأطراف الأوروبية المنافقة، أسيرة النفوذ الصهيوني الإسرائيلي اليهودي، التي تحول دون اختزال عوامل الزمن لتحقيق ما يتطلع له الشعب الفلسطيني، فالعامل الذاتي هو الأساس والباقي عوامل مساندة، محفزة أو محبطة.