الادانات الدولية غير كافية لوقف انتهاكات الاحتلال

المحامي: علي أبو هلال

في اطار ادانة هيئات الأمم المتحدة للانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة، لمؤسسات ونشطاء حقوق الانسان في ‏الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومطالبتها المتكررة بوقف هذه الانتهاكات، دعت خبيرتان أمميتان، يوم ‏الخميس 17/11/202، حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلى وقف الهجمات على منظمات حقوق الإنسان ‏والمدافعين عن حقوق الإنسان الفلسطينيين، وقالت المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في ‏الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 فرانشيسكا ألبانيز، والمقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين ‏عن حقوق الإنسان ماري لولور، في بيان مشترك، إن “استخدام إسرائيل للقوة العسكرية لردع أو إسكات أو ‏اضطهاد المنظمات والأفراد السلميين وغير العنيفين، هو أحد أعراض نظام الفصل العنصري الهش وغير ‏المتسامح مع أي شكل من أشكال النقد”. وأضافتا: أن “إسرائيل تستخدم تشريعات مكافحة الإرهاب والأوامر ‏العسكرية لوقف وتقييد وتجريم العمل الحقوقي والإنساني المشروع، وكوسيلة للسيطرة على السكان ‏الفلسطينيين وقمعهم”. وأشار البيان إلى العقبات التي يواجهها المدافعون الفلسطينيون عن حقوق الإنسان ‏الذين ينخرطون في أنشطة غير عنيفة، موضحا أن ما يتعرضون له من اعتداءات وعنف من قوات ‏الاحتلال والمستوطنين “يرقى إلى مستوى هجوم إسرائيلي أحادي الجانب على الفضاء المدني في جميع ‏أنحاء فلسطين المحتلة”. ‏
ودعت الخبيرتان حكومة الاحتلال الإسرائيلي أن ترفع “المنطقة العسكرية المغلقة” التي فرضتها على منزل ‏المدافع الحقوقي الفلسطيني البارز عيسى عمرو فورا، وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد أقامت “منطقة ‏عسكرية مغلقة” حول منزل السيد عمرو في 31 تشرين الأول / أكتوبر الماضي، بعد يوم من محاولته تقديم ‏شكوى للشرطة حول عنف المستوطنين الإسرائيليين، ويتم تجديد الأمر يومياً بشكل شفهي‎.‎‏ السيد عمرو هو ‏مدافع عن حقوق الإنسان يحظى باحترام دولي ورائد في المجتمع المدني في مجال مبادرات تعليم الشباب. ‏ويذكر أن منزل الحقوقي عيسى عمرو في منطقة الخليل، في الضفة الغربية المحتلة، يستخدم أيضا كمركز ‏مجتمعي لمنظمة‎ “‎شباب ضد الاستيطان‎”‎، وهي منظمة من المجتمع المدني الفلسطيني تسعى إلى إنهاء ‏التوسع الاستيطاني من خلال المقاومة المدنية السلمية. وقالت الخبيرتان إن إغلاق المنزل يثير مخاوف ‏جدية بشأن حرية تكوين الجمعيات والتجمع في الأراضي الفلسطينية المحتلة‎.‎‏ وبحسب بيان الخبيرتين، فقد ‏تعرض عمرو للاعتداء بالعصي والحجارة طوال شهر تشرين الأول / أكتوبر الماضي، أثناء قيادته مبادرة ‏لمساعدة العائلات الفلسطينية في موسم قطف الزيتون، وقد صرفته الشرطة بعيدا عندما حاول تقديم شكوى ‏في 30 تشرين الأول / أكتوبر الماضي. وقد تدخل خبراء أمميون في السابق وطالبوا بحمايته إذ إنه يتلقى ‏تهديدات بالقتل بانتظام من قبل المستوطنين وقوات الاحتلال الإسرائيلية‎.‎‏ وأضاف البيان إن قضية عيسى ‏عمرو هي رمز لمجموعة معقدة من العقبات التي يواجهها المدافعون الفلسطينيون عن حقوق الإنسان ‏الذين ينخرطون في أنشطة غير عنيفة. ‏
يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهي ‏جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم. ويكلف المقررون والخبراء بدراسة ‏أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان.‏
وفي إطار انتهاكات حكومة الاحتلال الاسرائيلي لنشطاء ومؤسسات حقوق الانسان في الأراضي ‏الفلسطينية، قامت باقتحام هذه المؤسسات عدة مرات وتحطيم ومصادرة أجهزتها واغلاق مقراتها، في ‏شهر آب/ أغسطس 2022 الماضي، وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها بشأن إغلاق قوات الاحتلال ‏الاسرائيلي 7 مؤسسات أهلية فلسطينية، بعد اقتحام مقراتها في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية‎.‎‏ ‏والمنظمات السبع التي تعرضت للمداهمة والإغلاق، هي: الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، والقانون ‏من أجل حقوق الإنسان (الحق)، ومركز بيسان للبحوث والإنماء، واتحاد لجان المرأة، ومؤسسة لجان العمل ‏الصحي، واتحاد لجان العمل الزراعي، والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال-فرع فلسطين، وفي سياق ‏متصل، أعرب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة في بيان له عن “القلق ‏إزاء الإغلاق الإسرائيلي التعسفي للمنظمات الحقوقية الفلسطينية السبع”، داعيا إسرائيل إلى التراجع الفوري ‏عن هذه القرارات‎.‎‏ وأشار المكتب، إلى أن “أوامر الإغلاق هي خطوة لتنفيذ الإعلانات الإسرائيلية السابقة ‏لهذه المنظمات على أنها غير قانونية ومنظمات إرهابية في عام 2021‏‎”.‎‏ ولفت إلى أن “السلطات ‏الإسرائيلية لم تقدّم إلى الأمم المتحدة أي دليل موثوق به لتبرير هذه الإعلانات على الرغم من أنها قد ‏عرضت تقديم أدلة‎”. ‎
والى جانب ادانة هيئات الأمم المتحدة لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ضد مؤسسات ونشطاء حقوق ‏الانسان، فقط أدانت غالبية دول العالم والمنظمات الحقوقية الدولية هذه الانتهاكات، وطالبت حكومة ‏الاحتلال بوقفها، وفتح مقرات هذه المؤسسات، والسماح لها ولنشطاء حقوق الانسان بممارسة عملهم القانوني ‏بدون قيد او شرط، ورغم أهمية هذه المواقف الدولية، إلا أن التجربة أكدت أن هذه المواقف غير كافية لوقف ‏انتهاكات الاحتلال، إذا لم ترتبط بفرض عقوبات سياسية واقتصادية ضد حكومة الاحتلال، بالإضافة إلى ‏استخدام الآليات القانونية التي تملكها هيئات الأمم المتحدة من أجل تحقيق هذه الغاية. ‏
‏*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي. ‏

Exit mobile version