بقلم: سهيل كيوان
من المؤكّد أن قائمتين تمثلان شريحة واسعة من أبناء شعبنا مضمونتان في تجاوز نسبة الحسم، إلا أن هناك من يثير التخوّفات أيضا من ناحية الجبهة – طيبي.
يلجأ هؤلاء إلى بثّ دعاية أنه لا أمل للتجمع، وخسارة على كل الأصوات، وذلك لتحويل أصوات من التّجمع إليهم، وبهذا يخطئون، وبدلا من هذا التوجه السَّلبي الذي سيواجه بدعاية مضادة، فعلى الجميع العمل على رفع نسبة المشاركين في التصويت، وضمان وجود 12 أو 13 نائبا في الكنيست، يمثّلون العرب ومصالحهم، رغم الفوارق بين القوائم الثلاث، وهي ليست خلافات على الكراسي كما يدّعي أو يظنُّ أو يروّج البعض. صحيح أن هناك أهمية لحجم تمثيل كل شريحة، ولكن الخلاف هو على طريقة العمل والمبدأ، وستكشف الأيام وبسرعة كبيرة، المحقّ في طرحه، رغم أن سنة واحدة بالشراكة مع هذه الحكومة الأخيرة، برهنت فشل سياسة التنازلات التي انتهجتها الموحَّدة.
التجمع الوطني بحاجة إلى بضعة آلاف من الأصوات ليعبر نسبة الحسم، والتقدير أنّ أكثر الممتنعين والمستائين لأسباب مبدئية متعلّقة بالزعل لسبب أو لآخر من أداء أعضاء الكنيست العرب، هؤلاء إذا ما قرّروا التصويت فسوف تكون أصوات أكثرهم للتجمُّع، أي أنّ الارتفاع في نسبة التصويت سيكون من مصلحة القوائم الثلاث، وعلى رأسها التّجمع الذي سيضمن دخوله في حالة رفع نسبة المشاركة إلى 52% بحسب الاستبيانات، فيضيف أربعة نواب عرب إلى الثمانية أو التِّسعة أو العشرة. التجمّع ملتزم بتمثيل مصالح هذه الأقلية بطرح واضح، وتعريَةٍ لجذور الأزمات التي يعيشها مجتمعنا، وبالتزام وطني تام، وهذا ما يميّزه عن طرح الحلول المُسكّنة للأوجاع أو الحبوب المنوّمة، فالوعود بالحلول ليست جديدة، إنها هي نفسها تتكرّر منذ عقود طويلة، ومنذ كانت السّيطرة لمن هم أكثر يسارية بكثير مما نرى الآن، ولكن في خط موازٍ للوعود، كان وما زال، وازداد تشديد الخناق على قرانا ومدننا بهدف زرع اليأس بين شرائح كبيرة من الأجيال التي باتت في ضائقة، أي أنّ تقديم الوعود ثم نكثها هي سياسة مقصودة هدفها التيئيس من إمكانية الوصول إلى حلول، وليس كذبا عاديا، بل هو كذب مُهَندَس على مقاسنا، تُعززه سياسة فوضى العنف التي تلتهم مجتمعنا من داخله، والتي تسهم فيها السّلطة بوضوح من خلال إتاحته لكل طائش ومنحرف.
نحتاج إلى من يرفع قضايانا ليس فقط كضريبة كلامية لوجوده في الكنيست، بل التصعيد بهذه المطالب حتى لو وصل بها إلى المحافل الدولية، فهي قضايا جذرية تمسّ وجودنا واستمرارنا، ولم تعد هناك مساحة كبيرة للمناورة وانتظار الخلاص ممن رسموا ونفّذوا وينفذون. كلنا وبوعي كامل، يجب أن نشمّر عن سواعدنا وأن نذوّت جيّدا أن حقوقنا لن ننالها إلا بمواجهة هذه السياسات بنضال حقيقي من خلال التصعيد السياسي داخل الكنيست وخارجها بمساندة شعبية منظَّمة، وليس محاباة السُّلطة وتقديم تنازلات جوهرية، والعيش في أمل كاذب وأوهام ستوصلنا في النهاية إلى حيث لات من مندم.
في الوقت ذاته، إنّ المشاركة في التصويت، لا تعني التنازل عن ضرورة تنظيم الأقلية الفلسطينية في إسرائيل بصورة أفضل بكثير من مجرد أحزاب تمثلها في الكنيست.
هناك ضرورة إلى تنظيمنا بحيث نستغل القوّة الكامنة فينا، واستبدال روح الإحباط والعجز بروح الأمل والاستعداد لمواجهة سياسة الترانسفير الصامت.
من ناحية أخرى، إن عدم مشاركتنا في التصويت، هي حُجّة للنظام بأنّ الدولة تمنح المواطنين العرب حق الاقتراع واختيار ممثليهم بحرّية، ولكنهم هم الذين ينأون بأنفسهم إلى العزلة وترك السّاحة فارغة لغيرهم.
نعم، الكنيست ليس بديلا للنضال، بل إنه منصّة وأداة مساعِدة لتنظيم شعبنا، إذا ما أوْصَلْنا من يمثّل معاناتنا بصدق وجذرية وحنكة ومنطق يفرض نفسه على القريب والبعيد.
الاستعراضات التلفزيونية ليست حلًّا. هناك وسائل سلمية وقانونية كثيرة لم تُستنفد بعد، لنيل حقوقنا في الأمن والتكاثر الطبيعي والتوسّع والمسكن وغيرها.
واجب الجمهور أن يستيقظ من حالة اللامبالاة والوصول إلى الصندوق، واقتراع من سيمثله حتى النهاية، هذا واجبنا تجاه أنفسنا خاصة، وتجاه شعبنا كله، وتجاه الأجيال التي تحلم بالسلام والطمأنينة في وطنها.