مؤتمر بازل 2022… صهيو-أبرتهايد عالمي جديد

 بقلم: د. رمزي عودة

إنتهت الحركة الصهيونية العالمية من عقد مؤتمرها في بازل بالفترة من 28 الى 29 آب الماضي، ‏إحتفالا بالذكرى ال 125 لإنطلاق مؤتمر الحركة الصهيونية الأول عام 1897. وقد شارك في هذا ‏المؤتمر سري الطابع 1400 شخصية مناصرة للحركة الصهيونية، يمثلون 40 دولة من مختلف ‏الديانات. وقد طُرحت في هذا المؤتمر عدة قضايا أهمها: الريادية وخلق قيادات شابة مبتكرة، ومعادة ‏السامية، والأمن السيراني، والأمن البيئي والفضاء، وتشجيع الاستثمارات الخارجية، وتصدير ‏الصهيونية الى أفريقيا، وتعزيز الروابط مع “الشتات اليهودي”، وأخيراً التطرف داخل المجتمع ‏اليهودي “الحريديم”. وقد تم التركيز بشكل لافت حسب البرنامج المعلن للمؤتمر، على تعزيز ‏العلاقة بين إسرائيل وما أسماه البرنامج “الشتات اليهودي”، بإعتبارهم عمق دولة الاحتلال إسرائيل ‏ومخزونها الاستراتيجي. بالمقابل، أغفل المؤتمر في برنامجه قضايا السلام، وحقوق الانسان، ‏وسياسات الفصل العنصري التي تمارسها دولة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ‏
من الواضح، وحسب تصريحات الجهة المنظمة بأن المؤتمر يسعى الى تحقيق هدف إستراتيجي ‏رئيس وهو تحقيق حلم “إسرائيل الجديدة”، بمعني تحويلها من دولة إقليمية الى دولة عالمية قادرة ‏على التأثير في النظام العالمي الجديد. ومن أجل تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي، قدمت الحركة ‏الصهيونية في بازل أربعة برامج وإستراتيجيات للعمل عليها خلال العقد القادم أهمها: ‏
أولا: إعادة بث الروح والتجديد في الحركة الصهيونية، بحيث تصبح الحركة الصهيونية ممثلاً عن ‏جميع اليهود في العالم وراعية لانشطتهم وقادرة على توظيف مواردهم لخطة المشروع الصهيوني ‏الجديد.‏
ثانيا: تمكين “الشتات اليهودي” حسب وصف المنظمين، في مختلف دول العالم، وتمتين الروابط ‏بينهم وبين دولة الاحتلال، بحيث يتم تجنيد الجاليات اليهودية في العالم لخدمة مشروع “إسرائيل ‏الجديدة” وتوظيف إمكاناتهم المادية والخبراتية في هذا المشروع. ‏
ثالثا: تعزيز مفهوم إسرائيل اليهودية، بإعتبارها دولة لليهود ويجب أن تحافظ على هذه السمة حتى ‏تستطيع أن تقنع يهود العالم بأنها تمثلهم وبأنها قادرة على إستثمار طاقاتها لخدمة اليهود في العالم. ‏ويدخل في هذا الهدف تعطيل فرص السلام وتعزيز سياسات الأبرتهايد من أجل خنق العرب ‏الفلسطينيين وحصارهم استعداداً لتهجيرهم القسري. ‏
رابعا: البحث عن أدوار جديدة تستطيع فيها “إسرائيل الجديدة” لعب دور فاعل في النظام العالمي ‏الجديد. ومن أهم هذه الأدوار: الأمن السيبراني، ومحاربة التطرف، والأمن البيئي، وريادية الأعمال ‏والابتكارات العلمية، والغزو للمناطق الأقل منافسة مع القوى الكبرى مثل القارة الأفريقية. ‏
وعند تحليل هذه الأهداف الاستراتيجية والفرعية، نجد أن “إسرائيل الجديدة”، حسب التصور ‏الجديد للحركة الصهيونية ، ستكون لها سمات مختلفة، أهمها: ‏
‏-‏ الانتقال الى العالمية، بحيث تصبح خلال الخمسين عاماً القادمة إحدى الدول الكبرى في ‏العالم. وهذا سيقلل إعتمادها على حليف استراتيجي واحد؛ مثل الولايات المتحدة الأمريكية ‏كما هو الحال عليه في الوقت الحاضر. وسيجعلها أكثر إرتباطاً في علاقات تعاون وتنافس ‏مع عدد أكبر من الدول الكبرى. ‏
‏-‏ التحول الى الدولة العنصرية الكاملة، سواء في علاقتها مع الفلسطينيين داخل الخط ‏الأخضر أو في علاقتها مع الفلسطينيين في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967.‏
وبالمحصلة النهائية، يبدو أن الشعب الفلسطيني قد دخل مرحلة جديدة من نضاله في سبيل الحرية ‏والاستقلال. مرحلة تتعدى مقاومة إسرائيل الى مرحلة أكبر وأعمق وهي مقاومة المشروع ‏الصهيوني العالمي. وبالضرورة، يتوجب إعداد خطط جديدة وطنية وعالمية تستطيع التصدي لهذا ‏المشروع. ‏

Exit mobile version