مقاربة حول “الإيكاب الإسرائيلي”‏

بقلم: د. رمزي عودة ‏
أثارت المصادر الرسمية والإعلامية الإسرائيلية موجة كراهية عالية ضد السيد الرئيس محمود ‏عباس نتيجة لتصريحاته التي أُدلى بها خلال مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار الألماني أولاف ‏شولتس في برلين. وقد أشار السيد الرئيس الى أن إسرائيل إرتكبت “50 هولوكوست” ضد ‏الفلسطينيين على مر السنين.

وبرغم أن مكتب السيد الرئيس أشار في بيان رسمي نشر قبل يومين ‏في وكالة “وفا” الى عدم إنكار الهولوكوست واصفاً إياها بأنها أبشع مجزرة تاريخية عرفتها ‏البشرية في العصر الحديث، وبأنه كان يقصد الإشارة الى تلك المجازر الإسرائيلية المتكررة بحق ‏الشعب الفلسطيني دون ان يتحرك العالم ساكناً، الا أن الإسرائيليين استغلوا هذه التصريحات واصفين ‏إياها بأنها “تزوير للتاريخ” و”كذبة وحشية” كما وصفها رئيس الوزراء الاسرائيلي “يائير لابيد”، ‏بل إن “نفتالي بينت” رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق برر موقفه الرافض لأي مفاوضات ‏مباشرة مع الجانب الفلسطيني بإعتبار الرئيس محمود عباس “ليس شريكا للسلام لأنه ينكر ‏الهولوكوست ويدفع رواتب للإرهابيين على حد زعمه ! وتجاوز “ليبرمان” وزير المالية ‏الإسرائيلي كل النظريات السياسية حول تعريف الإرهاب، عندما رد على تصريحات السيد الرئيس ‏ناعتاً إياه بأنه “يمارس الإرهاب الدبلوماسي وينكر المحرقة وهو أخطر على إسرائيل من حماس ‏والجهاد الإسلامي”! ‏


في الاطار السابق، هنالك عدة دلالات وإستنتاجات من ردود الفعل الإسرائيلية على هذه الحادثة، ‏نلخصها بالآتي: ‏

‏1-‏ إن التصريحات الاسرائيلية المعادية تندرج في سياق تغذية الكراهية والعداء والتطرف في ‏المنطقة، وسيكون تأثيرها سلباً على الأمن والاستقرار في المنطقة. ‏

‏2-‏ إن حقيقة الهولوكوست حقيقة تاريخية لم ينكرها السيد الرئيس، ولكنه سعى في تصريحاته ‏لتسليط الاهتمام الدولي على المجازر الإسرائيلية التي ترتكب يومياً ضد الشعب الفلسطيني. ‏

‏3-‏ إن التصريحات الاسرائيلية المعادية تندرج في سياق تبرير عدم الدخول في أي عملية ‏سياسية سلمية وهو تبرير غير منطقي ويتعارض مع القانون الدولي بإعتبار إسرائيل دولة ‏مارقة تحتل أراضي الغير بالقوة وترتكب جرائم حرب مثل أعمال القتل والتنكيل ‏والاستيطان والفصل العنصري وتتنكر لقواعد القانون الدولي. ‏

‏4-‏ على الدول جميعاً أن تحترم حق الفلسطينيين شعباً وقيادةً وأحزاباً وحكومةً في الدفاع عن ‏حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن ذاته ومقاومة المحتل وفضح جرائم الاحتلال. وفي ‏السياق، فلا أحد يجب أن يتوقع من الفلسطينيين أن يصفقوا لدولة الاحتلال ويثنوا عليها في ‏المؤتمرات الدولية !‏

‏5-‏ الدول والشعوب لا تعتذر، فليس من المقبول أن تعتذر الشعوب والدول عن تاريخها ‏النضالي ومقاومتها للأعداء والمحتلين. وبدلاً من مطالبة الشعب الفلسطيني في الاعتذار ‏عن أعمال المقاومة، يجب مطالبة دولة الاحتلال بالانسحاب من الأرض الفلسطينية ‏المحتلة والاعتراف بدولة فلسطين. ‏

بالنتيجة، فإننا نحترم الضحايا اليهود التي أزهقت أرواحهم على أيدي النازية ونعتبرها أكبر مجزرة ‏عنصرية بحق اليهود. وفي الوقت ذاته، فإن على العالم أن يقف ويساند الشعب الفلسطيني ويمنع ‏سياسة التطهير العرقي والابرتهايد التي تمارس من قبل الاحتلال الإسرائيلي في الأرض ‏الفلسطينية المحتلة ‏Ethnic cleansing and apartheid Against Palestinians‏. ‏‎(E.C.A.A.P)‎، والتي يمكن إختصارها بالإيكاب. في هذا الإطار، فإننا لا نقارن الهولوكوست ‏بالايكاب الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني. ولكننا نذكر العالم بضرورة التصدي للايكاب ‏الإسرائيلي تماماً كما تصدى للهولوكوست النازي. وفي النتيجة، على الأمم المتحدة وكافة المنظمات ‏الدولية، إضافة الى المحاكم الوطنية والدولية أن تجرم كافة الاعمال المرتبطة بالايكاب الإسرائيلي ‏تماماً كما فعلت في موضوع الهولوكوست. ‏

Exit mobile version