من شهداء الجزائر إلى شهداء مصر.. دمكم عطر الأرض

بقلم: الاسير هيثم جابر

في الخامس من تموز احتفلت الجزائر بعيدها الستين في التحرر والاستقلال عن دولة الاستعمار العالمي فرنسا… اندحرت هذه الاخيرة واصبحت على هامش التأثير العالمي والدولي وخرجت منكسرة وضعيفة بعد الحرب العالمية الثانية… ولدت الجزائر من جديد وعادت دولة عربية حرة قوية تقف الى جانب الحق العربي والفلسطيني.
عزة الجزائر هذه صنعها الشهداء… وكرامة الجزائر وشعب الجزائر صنعها الشهداء الابطال الذين ضحوا بحياتهم من اجل ان تحيا الجزائر… اليوم من حق الشهداء علينا ان نكرمهم وان نحفظهم عن ظهر قلب ولا يكونوا مجرد ارقام وان لا نكتفي ان تكون الجزائر بلد المليون شهيد فقط.
هؤلاء الشهداء يجب ان يكون لهم اسماء ومقابر ولهم قصص تعرفها كل أجيال الامة العربية وليس فقط الجزائر. اذ ان إكرام شهداء الجزائر هو استعادة جثامينهم من متاحف دولة الاستعمار المندحرة فرنسا بكل الطرق الشرعية وغير الشرعية حتى لو كلف الامر خوض حرب من اجل تحقيق ذلك .
فرنسا والتي لا تخفي عدائها للامة العربية والإسلامية حتى اللحظة وليس الجزائر وحسب، لا تزال تحتفظ برفاة وجماجم وعظام 12 الف شهيد من شهداء الجزائر بينهم 36 من قادة الثورة الجزائرية.
لا تزال تهين الجزائر وابناء امتنا باحتفاظها بجماجمنا في متاحفها ومعارضها الفنية، كأننا قرود أو لوحات زيتية … هذا هو العالم الحر المتحضر ينتقمون من جثثنا ورفاة شهدائنا … اعتقد انه يجب خوض نضال شرس ضد فرنسا من أجل استعادة جثامين شهدائنا وتكريمهم في داخل وطن حاربوا من اجله.
هذه هي فرنسا تنتقم من موتانا لأنهم طهروا أرضنا من دنسهم … فرنسا التي لا زالت تناصبنا العداء التي زودت دولة الاحتلال بمفاعل ديمونا النووي من اجل ضمان بقاء هذا الكيان… فرنسا التي حتى اللحظة تتعهد في كل المناسبات انها ملتزمة بأمن وتفوق دولة الاحتلال، هي لا تقل عداء لامتنا عن اميركا الراعي الرسمي والاكبر للاحتلال. فرنسا التي زودت اسرائيل بطائرات الميراج الحديثة انذاك لتنتصر في حرب العام 1967 وتحاربنا وتسحق المدنيين بطائرات فرنسا… وهذا يقودنا الى مصر وشهدائها الذين سحقتهم طائرات الميراج الفرنسية عام 67 حيث فقدت مصر 15 ألف شهيد في هذه الحرب خلال ستة ايام فقط. وبذلك ضاعت فلسطين كلها ووقع الشطر الشرقي منها تحت الاحتلال.
هناك جنود لا تزال جثثهم في غياهب السر والكتمان نتيجة القتل والقهر الذي تعرضوا له وهم احياء، حيث تم حرقهم ودفنهم كالماشية كأنهم ليسوا بشرا.
قبل ايام كشف الاعلام العبري عن مقبرة جماعية تم حصرها ودفن فيها اكثر من 700 جثه لجنود مصريين من وحدة “الكوماندوز” الخاصة في منطقة اللطرون قرب القدس. وبني على جثثهم تجمع تجاري اسرائيلي وحديقة عامة… تم اخفاء هذه المقبرة الجماعية والتستر على الجريمة منذ العام 1967. حتى سمحت الرقابة العسكرية في دوله الاحتلال النشر والكشف عن هذا القبر الجماعي وعن بطولة هؤلاء الرجال الذين رفضوا الاستسلام لجنود الاحتلال الاسرائيلي وقاتلوا حتى آخر قطرة دم. دخلوا فلسطين عن طريق الحدود الأردنية عندما كانوا هناك لمساندة الجيش الاردني على الحدود الشرقية نتيجة اتفاق دفاع مشترك بين مصر والاردن. كانت مهمتهم ضرب وتعطيل المطارات الاسرائيلية. لكنهم تركوا لمصيرهم وكانت الهزيمة للجيوش العربية والنكبة الجديدة أطلق عليها “نكسة”.
اضرمت النار في الحقول المتواجد فيها هؤلاء الابطال وتم احراقهم احياء وبعد ذلك تم دفنهم في مقبرة جماعية وبنيت عليهم التجمعات التجارية والحدائق العامة، حتى اللحظة لم يطرح أي مسؤول مصري موضوع هؤلاء الابطال ولا قضية استعادتهم ودفنهم في وطنهم وتكريمهم. رغم ان هناك اتفاقا سياسيا بين مصر واسرائيل.
ولولا ان الاعلام العبري هو من كشف النقاب عن هذه الجريمة لظلت طي الكتمان رغم ان احد الضباط الذين شاركوا في اغتيال هؤلاء الابطال طرح الموضوع على السفير المصري الاسبق لدى اسرائيل محمد بسيوني، الا ان الامر لم يبحث ولم يطرح على طاولة البحث مع دولة الاحتلال مطلقا.
حتى اللحظة لا يوجد لهؤلاء الجنود قبور في مصر تزورها عائلاتهم، رغم انهم من صنع عزة مصر في حروبها وسلمها… واقل شيء تقدمه أمة لشهدائها تحترم نفسها وتاريخها، هو تكريمهم في قبور تليق بدمائهم وتضحياتهم سواء كانوا شهدء جزائريين او مصريين او فلسطينيين او غيرهم من ابناء العروبة.
من مصر حتى الجزائر حتى فلسطين وكل بلد عربي تفتقد شهيدا، يجب ان يكرم شهداؤنا ويدفنون في مقابر تليق بهم وبعزة هذه الامة، واعتقد انه يجب على المقاومة في فلسطين ايضا تعلم الدروس وأخذ العبر . وأن لا نترك جثث شهدائنا في مقابر الارقام لدى الاحتلال كما حدث في كل صفقات التبادل مع هذا الاخير، بحجة انهم مدفنون في فلسطين والوطن .
الارض المحتلة التي يسيطر عليها المحتل ليست فلسطين ويجب ان يكرم شهداؤنا في مقابر تليق بهم وان تتمكن عائلاتهم من زيارتهم وقراءة الفاتحة على ارواحهم الطاهرة. وليتعلم كل العرب من المقاومة في لبنان التي لم تترك أسيرا واحدا في يد العدو سواء كان حيا او شهيدا او حتى يوجد منه عظمة واحدة
لشهداء الجزائر الرحمة والعزة ولشهداء مصر مثلهم وكل شهداء الأمة العربية والإسلامية وكل من بذل الدماء من اجل ان يحيا وطن وتستمر أمة في الحياة بعزة وكرامة.
فمن شهداء الجزائر الى شهداء مصر نقول:”دمكم عطر الأرض”

Exit mobile version