وجدت دول الشرق الأوسط نفسها وسط منافسة سياسية واقتصادية بين الولايات المتحدة والصين على الرغم من محاولاتها النأي بنفسها بعيدا عن هذا التنافس.
وبحسب شبكة “سي إن إن” الإخبارية، فإن هذا التنافس الأميركي الصيني يثير قلق قادة دول المنطقة، مستدلة بتصريحات مسؤول إماراتي رفيع المستوى تحدث فيه بيأس عن المنافسة بين واشنطن وبكين.
وقال أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي، في تصريحات أدلى بها أمام معهد دول الخليج العربية بواشنطن الأسبوع الماضي، “ما نشعر بالقلق منه هو هذا الخط الرفيع بين المنافسة الحادة والحرب الباردة الجديدة”.
وأضاف قرقاش: “أعتقد أننا كدولة صغيرة، سوف نتأثر سلبا بهذا (الصراع)، لكن لن تكون لدينا القدرة بأي شكل من الأشكال على التأثير في هذه المنافسة، حتى بشكل إيجابي حقا”.
وأكد قرقاش تقارير تفيد بأن الإمارات – وهي حليف إقليمي رئيسي للولايات المتحدة – أغلقت منشأة صينية بسبب مخاوف أميركية بأن “الموقع كان يستخدم كقاعدة عسكرية”.
ولكن بعد أيام من تصريحات قرقاش، قررت أبوظبي تعليق صفقة بمليارات الدولارات لشراء مقاتلات أميركية من طراز “إف-35″، وهي أول صفقة من نوعها مع دولة عربية.
كانت الولايات المتحدة جعلت البيع مشروطا بإسقاط الإمارات شركة هواوي الصينية لتكنولوجيا الجيل الخامس من شبكة اتصالاتها. وأكدت واشنطن أن هذه التكنولوجيا تشكل خطرا أمنيا على أنظمة أسلحتها، خاصة بالنسبة للطائرة التي تسميها الولايات المتحدة بـ “جوهرة التاج”.
وقال مسؤول إماراتي إن “تحليل التكلفة مقابل الفائدة” كان وراء قرارهم بالتمسك بشركة هواوي على حساب طائرات “إف-35”.
وأشارت الشبكة الإخبارية الأميركية إلى أن هذا الحدث يمهد الطريق لتنامي العلاقات التجارية الصينية مع جميع دول المنطقة في وقت تدور فيه المخاوف بشأن خروج الولايات المتحدة من المنطقة.
يجادل المحللون بأنه إذا أرغمت واشنطن دول المنطقة على الاختيار بين الولايات المتحدة والصين، فإن الإجابة ستكون بلا شك هي واشنطن على اعتبار أن الحلفاء لا يرغبون في إثارة حفيظة القوى العظمى، لا سيما مع استمرار الوجود العسكري.
وقال الزميل غير المقيم البارز في المجلس الأطلسي، جوناثان فولتون، إن المنطقة باتت مسرحا للمنافسة مع قوة تبدو وكأنها ستغادر ووجود شريك تجاري كبير مثل الصين.
وأكدت الولايات المتحدة مرارا التزامها التام بوجودها في منطقة الشرق الأوسط والحفاظ على أمن واستقرار هذه الدول.
من جهتها، قالت الزميلة المشاركة في مركز أبحاث تشاتام هاوس، تين القاضي، “اشتدت الضغوط الأميركية في السنوات الأخيرة (على دول المنطقة)، وخاصة منذ بدء مبادرة الحزام والطريق في عام 2013″، مردفة: “مع ذلك، في السياسة الدولية، لا يمكنك الضغط على الدول إلا عندما يكون لديك قوة كبيرة والوسائل لتقديم صفقة أخرى حقا”.
وفقا لشبكة “سي إن إن”، فإن واشنطن لم تقدم بدائل للإمارات عوضا عن الانسحاب من صفقة الجيل الخامس الخاصة بشركة هواوي.
وفي بداية التدهور المالي للبنان عام 2020، ضغطت الولايات المتحدة على بيروت لمقاومة التحول إلى بكين من أجل الاستثمار في البنية التحتية اللبنانية المتدهورة، حيث أصدرت السفيرة الأميركية، دوروثي شيا، تحذيرات حول مخاطر “مصائد الديون” الصينية عبر تصريحات تلفزيونية.
وقالت القاضي: “إذا كانت الولايات المتحدة تريد حقا الضغط على الدول والفوز بما يسمى بالحرب الباردة الجديدة، فسيتعين عليها البدء في طرح صفقات ومشاريع، وبعض الأموال الحقيقية على الطاولة”.