شرعت دور السينما الإسرائيلية بعرض فيلم “موزاخ”، الذي يتناول أصعب 8 أيام لإسرائيل في تاريخها، وذلك بمناسبة مرور 50 عاما على هزيمتها على يد الجيشين المصري والسوري في 6 أكتوبر 1973.
ويتطرق الفيلم إلى قصة قيادة الضابط شلومو إردنست، لموقع “الموزاخ” المطل على قناة السويس في حرب “يوم الغفران” (التسمية العبرية لحرب أكتوبر)، حيث يروي تفاصيل محاصرته من الجانب المصري وقصة الاستسلام الشهيرة.
وأطلق فيلم “الموزاخ” في دور العرض السينمائية بتل أبيب، حيث يحكي “قصة بطولة هؤلاء الجنود في “الموزاخ”، مثلما نقلته وسائل الإعلام العبرية، حيث قال إردنست في حوار صحفي مطول لصحيفة “معاريف” الإسرائيلية إن “الاتهام بالفشل لم يهدأ خلال 50 عاما، لذلك لم أتفاجأ بوجود فيلم حول هذا الموضوع”.
ويتحدث الفيلم عن طريقة تصرف قائد قاعدة “الموزاخ”، التي يعني اسمها الرصيف باللغة العربية، في حرب “يوم الغفران”، حيث كانت تعتبر الأكثر تحصينا في خط بارليف على طول قناة السويس، الذي تعرض لهجوم من قبل الجيش المصري، وحوصر لمدة ثمانية أيام إلى أن استسلم أفراد الجيش الإسرائيلي لقوات الجيش المصري، وأسروا جميعا.
وقد بنيت قصة الفيلم على مذكرات “خيار الطبيب”، للدكتور الإسرائيلي، ناحوم فيربين، الذي كان يعمل طبيبا في القاعدة خلال المعركة، حيث كان يبلغ من العمر حينها 29 عاما، كما أنه يقوم على قصص سردها بعض الجنود الذين كانوا متواجدين في البؤرة الحصينة بعد انتهاء الحرب.
وفي أحدى مشاهد الفيلم، يظهر الصراخ الشديد من جانب الجنود الإسرائيليين الذين يتعرضون لهجوم كاسح، مع سماع دوي الرصاص على الأبواب، فيما تكشف المشاهد عن لحظات الذعر في معركة “الموزاخ”.
وكان إردنست حينها ملازما شابا يبلغ من العمر 21 عاما، حيث كان عليه حينها أن يتخذ “قرارا دراماتيكيا” بشأن الاستسلام مع أصدقائه للجيش المصري، وفق الصحيفة العبرية.
ويقول إردنست: “كانت البؤرة الاستيطانية الوحيدة التي صمدت ثمانية أيام، ولم يتمكن أي جندي مصري من الدخول خلال تلك الأيام حتى استسلمنا لهم”، مضيفا: “لم نكن أكثر الجنود قتالية. أعتقد أنني كنت أصغر قائد سرية على طول القناة، ولم يكن قد مر على تعليقي رتبة الملازم سوى أربعة أشهر”.
وأضاف: “كان الجنود من لواء “ناحال” الإسرائيلي على وشك الإفراج عنا، حيث أن بعضهم كانوا من جنود المدرعات لكنهم فشلوا في فك أسرنا”.
وحول شعوره بعد سماعه أنهم قرروا صنع فيلم عن قصة “موزاخ”، قال إردنست: “لقد جعلني ذلك سعيدًا للغاية. 50 عامًا لم تفارقني. لقد سردت قصة الكفاح في هذه الأيام بالكثير من المحاضرات التي درستها لسنوات عديدة، فـ”الرصيف” هو قصة خاصة وإرث معركة، لم ترو للمتبدئين من العسكريين فقط، ولكنها رويت للوحدات الخاصة وطلاب مدرسة القيادة وقوات Shavei البحرية.. تقريبًا كل يوم كيبور أو أمسية يوم الذكرى، جميع أنواع الراديو والمحطات التلفزيونية تتصل بي لكي أتحدث عنها”.
أما فيما يتعلق بمسألة كيف استغرق الحصار المصري لموزاخ ثمانية أيام، قال إردنست: “ليست لدي إجابة منطقية، لكن لم يتمكن جندي مصري واحد من الدخول. كان معظم جنودنا يمتلكون بنادق من الحرب العالمية الثانية، وأنت تواجه بنادق كلاشينكوف التي تخرج الآن من الصناديق اللامعة وذخيرة غير محدودة. لقد بدأنا الحرب صائمين، وهم ما زالوا طازجين. نحن قليلون وهم أكثر من كتيبة، وكانت أعدادهم تتزايد ببطء”.
وقال إردنست: “إنه في الليلة السادسة من الحصار، حاول الكوماندوس البحري عبر طراد إسرائيلي، الوصول إلينا. لقد كان قرارًا غبيًا، حيث تم إرسالهم بدون أي معلومات استخباراتية، وكنا نستمر في الإبلاغ عن أننا محاصرون بمئات من الكوماندوس المصريين. لقد كانت مهمة غبية، حيث شعر رجال الأسطول لاحقًا بالخجل من الوصول إلينا، بعدما فشلوا في تحريرنا من أيدي المصريين، في الوقت الذي بدأت أعداد الجرحى تزداد سوءا. ولم يكن يوجد لدينا مورفين، كما أخذت الذخيرة تنفذ، حتى قررت الاستسلام حفاظا على أرواح ما تبقى من الجنود”.
وتابع: “في السابعة صباحًا، قبل الاستسلام الذي كان من المفترض أن يكون الساعة 11:00، لم أكن قد هدأت بعد، واتصلت بالقيادة وسألت مرة أخرى: هل يجب علي الاستسلام؟ أم أستكمل القتال؟، ووقفت ونظرت لأرى ما إذا كان الصليب الأحمر موجودًا بالفعل في محيط الموقع أم لا.. ثم تلقيت اتصالا من الضابط، جدعون أفيدور، الذي كان حينها ضابطا بالجيش نيابة عن وزير الدفاع، موشيه ديان، وأخبرني أنهم لا يفضلون الاستسلام لكنهم أخبروني بأن الأمر متروك لك”.
وفي 13 أكتوبر 1973، استسلم جنود البؤرة الحصينة “موزاخ” وتم أسر 37 مقاتلاً من قبل المصريين، فيما تم تسجيل استسلامهم على شبكات التلفزيون العالمية، ما سمح لعائلات الجنود في إسرائيل بالتعرف عليهم عند أسرهم.
وأضاف: “بالنسبة للجمهور المصري، شكلت هذه الصور خطوة مهمة أخرى في النصر المصري، ونزلت الجماهير إلى الشوارع للاحتفال بالإنجاز، وبعد حوالي خمسة أسابيع في الأسر، أعيد الجنود إلى إسرائيل في صفقة تبادل للأسرى”.
يقول إردنست: “أعتقد أن القرار الذي اتخذته كان القرار الصحيح في النهاية، فقد عاد جميع الأشخاص الـ37 إلى منازلهم، وهم يعانون من العديد من المشاكل العقلية والنفسية والعصبية، وجزء كبير من الرجال كانوا يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، لكنهم عادوا وأسسوا عائلاتهم، وبمجرد أن علمنا أنهم لن يأتوا لإنقاذنا وأنه ليست لنا ذخيرة أو إمكانيات لاستكمال المهمة العسكرية، رأيت أن القرار الصحيح كان الاستسلام”.
وتجدر الإشارة إلى أن عمر إردنست أصبح 71 عاما اليوم، حيث يعمل محاميا، كما أنه أحد مؤسسي جمعية “أريم بيلا”، التي تهدف إلى مساعدة الجنود الأسرى من جميع حروب إسرائيل، فضلا عن أنه عضو مجلس إدارة ورئيس مجلس أمناء كلية نتانيا الأكاديمية.