اعتبر تقييم الوضع السنوي للجيش الإسرائيلي، الذي نُشر اليوم الثلاثاء، أن وضع الأمن القومي الإسرائيلي في السنة الفائتة “تحسن بشكل معتدل”، بادعاء أن احتمال المبادرة إلى حرب ضد إسرائيل “ما زال منخفضا ومثلما كان في السنتين السابقتين، وأيضا لأن قابلية اشتعال جبهة (أي تصعيد مفاجئ وغير متوقع) التي كانت مرتفعة جدا في السنوات الأخيرة، تراجعت قليلا في الجبهة الشمالية”، حسبما ذكر موقع “واينت” الإلكتروني.
وبحسب تقييم الجيش، فإن قابلية اشتعال الوضع في قطاع غزة والضفة الغربية ما زال مرتفعا، بينما احتمال اشتعال مفاجئ للوضع مقابل لبنان، سورية أو العراق بسبب حادث يتطور إلى تصعيد، انخفض في العام 2021 الحالي، ويرجح أن يبقى منخفضا خلال السنة القريبة أيضا.
واستعرض رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، تقييم الوضع للعام 2022 أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، الاسبوع الماضي. وسيتم استعراض تقييم الجيش الإسرائيلي للوضع أمام المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) لاحقا.
وينسب الجيش الإسرائيلي “التحسن المعتدل” في وضع الأمن القومي الإسرائيلي إلى أربعة عوامل:
أولا: “تباطؤ ملحوظ في تطور التهديدات في الجبهة الشمالية. جرى لجم التموضع العسكري الإيراني في سورية، وخاصة قرب الحدود مع إسرائيل؛ إبطاء تزايد تسلح حزب الله والميليشيات الموالية لإيران بأسلحة إستراتيجية نوعية دقيقة – صواريخ وطائرات مسيرة من كافة الأنواع – وجرى تشويش تزويد بطاريات دفاع جوي من صنع إيران، التي تهدد حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في المنطقة. وذلك كنتيجة مباشرة من المعركة بين حربين” أي الغارات الإسرائيلية المتكررة في سورية في السنوات الماضية.
ثانيا: “قابلية اشتعال الوضع في الجبهة الشمالية انخفضت بسبب القوى الموازية في سورية إثر أفول الحرب الأهلية فيها… وسبب آخر لانخفاض قابلية اشتعال الوضع في الجبهة الشمالية هو أن حزب الله متورط سياسيا وجماهيريا ويعتبر مسؤول، جزئيا على الأقل، في الأزمة اللبنانية. وتقديرات الجيش الإسرائيلي هي أنه خلال هذه الفترة انخفض استعداد (أمين عام حزب الله حسن) نصر الله لمواجهة مدمرة مع إسرائيل”.
ثالثا: المصادقة على ميزانية الدولة التي “تسمح للجيش الإسرائيلي بتسريع خطة رئيس هيئة الأركان العامة المتعددة السنوات ’تنوفا’. وتسمح المصادقة على الميزانية بتحسين خطة الجيش الإسرائيلي الحالية لهجوم إحباطي في إيران إذا قررت الانطلاق قريبا نحو سلاح نووي. كما تسمح المصادقة بالتخطيط والتدريب على مخططات عسكرية أخرى، مستقبلية، من أجل إحباط السلاح النووي في إيران”.
وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أن هجوما إسرائيليا في “الدائرة الثالثة”، أي إيران أو العراق، سيؤدي إلى مواجهة مسلحة في “الجبهة الشمالية، وربما في غزة وداخل إسرائيل أيضا. وليس مؤكدا أيضا أن ضربة ضد إيران ستنهي المهمة. ولذلك، فإنه بما يتعلق بإحباط انطلاق إيراني إلى سلاح نووي، يخطط الجيش الإسرائيلي لمعركة متواصلة، تشمل عمليات برية وفي العمق. وفي أي خطة، لن يتم ذلك بضربة واحدة قاسمة”.
رابعا: “التعاون الاستخباراتي والأمني الآخذ بالتوثق والتعاظم بين إسرائيل ودول المنطقة. والمناورة الجوية الدولية ’علم أزرق’ بقيادة سلاح الجو الإسرائيلي، وزير قائد سلاح الجو، عميكام نوركين، للإمارات، الأسبوع الحالي، هي مؤشرات تستحق الذكر في هذا السياق. وهذا عامل يأخذه الجيش الإسرائيلي في الحسبان في تقديراته”.
اعتبرت تقييمات الجيش الإسرائيلي أن العدوان على غزة، في أيار/مايو الماضي، أدى إلى “استقرار مشروط مقابل منافع اقتصادية. لكن قابلية اشتعال الوضع مرتفعة مثلما كانت في السنوات الماضي. والهدوء الحالي طال أكثر من فترات تلت جولات سابقة بسبب المال القطري، التدخل المصري والنوايا الحسنة الإسرائيلية التي تمنح تسهيلات للغزيين وبضمنها العمل في إسرائيل. وعدم انخفاض قابلية الاشتعال سببه أن إسرائيل ما زالت ترفض قسما من مطالب حماس الاقتصادية ولأن المفاوضات حول صفقة تبادل أسرى عالقة”.
وأشارت التقييمات إلى الهدوء الذي تشهده الجبهة البحرية، “لأن إيران والجيش الإسرائيلي توصلا إلى ردع متبادل”. ومن الجهة الأخرى، فإنه في تقييم الوضع للعام 2022 “يوجد عنصر من انعدام اليقين حيال المشروع النووي العسكري الإيراني. ومن الجهة الأخرى، فإنه واضح تماما أن النظام الحالي في إيران أكثر تطرفا ولا يثق بالغرب. ويدركون في الجيش الإسرائيلي، كما في المستوى السياسي، أنه لا جدوى اليوم من محاولة التأثير على أداء الأميركيين في المسار الدبلوماسي مع إيران. وإلى حين تتضح نوايا الإيرانيين والأميركيين، ستواجه إسرائيل صعوبة في بلورة إستراتيجية متماسكة خاصة بها تجاه النووي الإيراني، وسيكون من الصعب على إسرائيل وضع مطالب أمام الأميركيين وتنسيق مواقف ومساعدة إسرائيل في مواجهة هذا التهديد”.