أشارت نتائج استطلاع أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلى أن “97% من اللاجئين السوريين في الأردن لا ينوون العودة لبلدهم العام المقبل، وأن غالبيتهم يخططون للبقاء في الأردن حالياً”، رغم أن 86% منهم غير قادرين على تلبية احتياجاتهم.
حقاً حصيلة مقلقة غير مريحة، وتشكل عبئاً نفسياً ومادياً وسكانياً على بلادنا، ليس لأننا نكره السوريين، أو نحمل لهم غير الود، فالشعب السوري شعب شقيق، علينا مقاسمة لقمة العيش معه، وهو واجب علينا، بكل رحابة صدر، ولكن الوضع الاقتصادي والمعيشي لقطاعات واسعة من الأردنيين لهم وعليهم: صعب، مثقل، ومحزن، خاصة أبناء الريف والبادية والمخيمات، وهم الأكثر حاجة للدعم والتغطية وضرورة توفير الخدمات الأساسية من المعيشة والتعليم والصحة، ويا دوب الناس عايشة، فكيف يكون حالهم حينما تتوزع إمكانات الحكومة المحدودة على مزيد من المحتاجين بالضرورة بعد القرار السياسي الأميركي الأوروبي بوقف الدعم عن توفير احتياجات اللاجئين السوريين الملحة.
أعتقد أن “الكرم” الأردني الذي فتح أبواب بلادنا لاستقبال اللاجئين السوريين، آنذاك، زاد عن حده، لأسباب ضاغطة من قبل الأطراف الدولية والإقليمية التي عملت وخططت ونفذت برامج ضد النظام السوري، وها نحن ندفع ثمن تلك السياسات الخاطئة الضيقة، أو التورط فيها، أو السكوت عنها مرغمين.
بقاء السوريين بهذا العدد الكبير في بلدنا ثقل لا نستطيع تحمل استمراريته وتبعاته، ولهذا إن لم نستطع ممارسة الرفض في مواجهة الأطراف الدولية والإقليمية التي ستستعمل اللاجئين السوريين كورقة ضغط على الدولة السورية، وندفع نحن ثمن التلكؤ في عودة السوريين، وأن غالبية السوريين أنفسهم لا ينوون العودة، يجب البحث عن أدوات وعوامل غير الطرد والإكراه لإعادة السوريين لبلدهم، ومع مواصة ممارسة الود والتقدير لهم ومعاملتهم في الخدمات معاملة المواطنة، يجب فتح بوابة الاقناع والمساعدة لهم، وتوفير أقصى درجات التسهيلات تمهيداً لعودتهم وتشجيعهم نحو خيار العودة لبلدهم.
يجب أن يشارك الإعلام والنواب والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني بأوسع حملة تثقيف للسوريين لأهمية وضرورة عودتهم الطوعية لبلادهم، لأن بلدنا وأهلنا ومواطنينا لا يستطيعون تحمل المزيد من الأعباء المعيشية لضيق ذات اليد، وفرص العمل المحدودة، والخدمات القليلة المتوفرة التي يشاركون مواطنينا في الحصول عليها على محدوديتها وقلتها.
يجب وضع خطة عمل وطنية يشارك بها الجميع من حيث التفكير والتخطيط والتنفيذ، لأن الوضع المعيشي السائد آيل للاحتجاجات إذا تواصلت أرقام الفقر، وتدني الخدمات المعيشية والتعليمية والصحية.
نحتاج لخطة عمل وطنية تُسهم في تشجيع اللاجئين السوريين للعودة لبلدهم، فهذا هو الأفضل لنا ولهم، قبل أن يقع ما لا تحمد نتائجه علينا وعليهم.