لم ينال تحليق طائرات الأباتشي الإسرائيلية في سماء مخيم جنين، من إرادة وعزيمة المقاومين الذين استمروا في استهداف دوريات وجنود الاحتلال بالرصاص والعبوات الناسفة، وبعكس ما خطط الاحتلال له من استخدام الطائرات لأول مرة منذ نحو 20 عاماً، حين استخدمت في معركة مخيم جنين في نيسان 2002، فإنه بمجرد تحليقها بشكل منخفض، يزيد ذلك من غضب وثورة المقاومين، الذين أطلقوا نيران اسلحتهم نحوها في المواجهة الأخيرة، ما أدى لإصابة إحداها في جناحها، كما اعترف جيش الاحتلال بذلك.
وبينما كان رصاص المقاومين يطال تلك الطائرات، كانت هتافات الأهالي المؤيدة لهم لا تتوقف، ويقول بهذا الصدد المقاوم أبو جميل لـ “القدس” دوت كوم، “المقاومة جاهزة، وطورت أساليبها وأدوات قتالها، ونخوض المواجهة بشكل مباشر في أرض الميدان على أطراف المخيم، ولن نسمح لهم بدخوله واقتحامه مهما كان الثمن”، مشيرًا إلى أنه تم تجهيز مفاجأت كثيرة، واستهداف الطيران رسالة تحدي بأننا لن نرفع الراية البيضاء.
وازدادت حدة المواجهات، بعدما تمكن المقاومين من اعطاب 7 آليات، ومحاصرة مجموعة من الجنود في إحداها، في وقت لم يتمكن جيش الاحتلال من التغطية عليهم واخراجهم في ظل كثافة اطلاق النار والقاء العبوات من المخيم عليهم، رغم ما تعرضت له المقاومة من اطلاق نار كثيف ونيران القناصة.
ويقول المقاوم أبو زياد لـ “القدس” دوت كوم، “سيبقى المخيم عصي على الكسر ورأس حربة في مقاومة الاحتلال الذي استخدم الطائرات في قصفه خلال معركة نيسان 2002، لكن المخيم قاتل وما زال يقاتل، وسنبقى موحدين في ساحة المعركة مهما كان الثمن”.
وأضاف: “عندما شاهدنا الطائرات، وغضب الاحتلال لعجزه عن فك الحصار على جنوده، ارتفعت المعنويات واشتدت عزيمة المقاتلين، واستمروا في المقاومة وافشال مخططات الاحتلال الذي أرسل مئات الجنود من وحداته المختارة للمخيم”.
ونجحت مجموعات المقاومة في فرض الحصار والضغط على قوات الاحتلال التي وقفت عاجزة عن اقتحام منطقة المواجهات ووقف الاشتباكات العنيفة، رغم كثافة إطلاق النار من الطائرات والجنود مما أدى لإصابة العشرات من المدنيين في منازلهم والشوارع وحتى داخل مستشفى ابن سينا.
وقال المواطن محمد سعيد الذي عاصر معركة نيسان 2002، “لم نتوقع كل هذا الصمود الاسطوري والبطولات للمقاومة .. تصدى أبطالنا بكل قوة وتحدي وجرأة في مشهد لم نراه أبداً إلا قبل 21 عاماً”.
فيما قال المحرر نضال خالد: “شاركت وعشت أحداث مخيم جنين وجولات المواجهة مع الاحتلال، لكن معركة اليوم كانت مختلفة ومتميزة ونوعية، وشاهد حي على إرادة شعبنا وكفاحه في سبيل حريه وكرامته .. وحتى الطائرات لم ترهب أهالي المخيم الذي وقف بقوة إلى جانب المقاومة التي رفعت رأس شعبنا عالياً”.
وتمكن المقاومون من مختلف الأجنحة العسكرية في توجيه هجمات متنوعةـ، واستخدموا عبوات ناسفة ما أدى لوقوع إصابات، والحاق أضرار في الآليات.
وفور انسحاب قوات الاحتلال، خرج المقامون لشوارع المخيم لجمع أثار ألحقته عبواتهم بالدوريات الإسرائيلية، وسط إشادة من السكان الذين احتفلوا مع المقاومين وهتفوا لهم.
وقال الناطق باسم حركة فتح عطا أبو ارميلة: بعد هذه المعركة، سيكون المخيم في جاهزية كاملة لدعم المقاومة لتواصل معركتها، ولا خيار وحيد أمامنا سوى المقاومة بكل إرادة وعزيمة وقوة.
والدة الشهيد قسام أبو سرية الذي استشهد خلال مقاومته للاحتلال على أرض المخيم، سخرت من استخدام الاحتلال للطائرات، وقالت ” لو قصفونا ودمروا منازلنا، نحن أقوى منهم ولن نعيش بذل ومهانة”.