يتزين منزل عائلة الأسير مهند علي رشيد سلامة في بلدة برقين في جنين بصوره، بينما لا تتوقف الوالدة “أم محمد” عن الدعاء لرب العالمين، ليكرمها بحرية وعناق نجلها الأسير الذي ولد وتربى ونشأ في بغداد، التي قضت فيها عائلتها سنوات طويلة في كنف زوجها الذي كان مناضلاً في صفوف حركة “فتح” ومنظمة التحرير الفلسطينية.
وتقول أم محمد: “تعلم مهند سنواته الأولى بمدارس العراق حتى حقق رب العالمين حلمنا بالعودة للوطن عام 1994 مع جيش التحرير الفلسطيني مع إقامة السلطة الوطنية”.
وتكمل: “استقرينا في مسقط رأس زوجي بلدة برقين التي أكمل فيها مهند وإخوانه تعلميهم، عاش حياته وفياً ومخلصاً وحنوناً، بار بوالديه و محب لوطنه وشعبه، وتفوق في دراسته لطموحه الكبير بالدراسات العليا”.
عندما كان يستعد للجامعة بعد نجاحه في الثانوية العامة، اعتقله جنود الاحتلال عن حاجز “زعتره”، أثناء توجهه لمدينة رام الله، للمشاركة في مهرجان تأبيني في ذكرى استشهاد الرئيس أبو عمار بتاريخ 11-11-2006، وتقول والدته: “عزلوه وفتشوه وقيدوه واقتادوه للسجن، عشنا كوابيس رعب وقلق بعدما انقطعت أخباره ومنعت زيارته أثناء خضوعه للتحقيق على مدار شهرين، تعرض خلالها للعزل والعقوبات والضغوط”.
وتضيف: “عندما اعتقلوه وحرمونا منه، كان يستعد للالتحاق بالجامعة وتحقيق حلمنا بعد نجاحه في التوجيهي، فقد كان يخطط لمستقبله بطموح كبير وأمل مستمر في الدراسات العليا”.
وتكمل: “بلمح البصر، تحول حبيب قلبي والأقرب لي لأسير عاقبونا بحرماننا منه ومواقفه الجميلة، وما زلت أبكي لشوقي الكبير لضمه لصدري”.
وتتابع: “كانت حياته طبيعية، ولم يكن مطلوباً، والدليل أنه سافر لرام الله في ذلك اليوم، كباقي رفاقه للمشاركة في مهرجان إحياء ذكرى الرئيس الشهيد أبو عمار، لكنه الاحتلال الذي يستهدف ويطارد كل فلسطيني، اعتقله وزجه في غياهب السجون وسط ظروف وممارسات تعسفية وحكم قاس”.
حوكم مهند بالسجن الفعلي لمدة 24 عاماً و11 شهراً و30 يوماً، بتهمة مقاومة الاحتلال، وتقول والدته “لم أصدق، شعرت بألم وانهيار من الحكم الظالم، فابني كان يواصل التخطيط لحياته ومستقبله، جميعنا فرحنا بقرب التحاقه في الجامعة، ولم نتوقع هذا المصير المؤلم والقاس”.
وتضيف: “استمر الاحتلال بعقاب واستهداف مهند خلال محطات اعتقاله مما أثر على وضعه الصحي، وبعد ظروف التحقيق والعزل أصبح يعاني من ألم مستمر في قدمه ويديه”.
وتكمل: “أهملوا علاجه ورفضوا عرضه على طبيب مختص حتى أصبح يعاني من مضاعفات ونوبات وجع مستمرة وحتى اليوم، لم يتمكن من معرفة حقيقة مرضه”.
وتضيف: “قدم عدة طلبات لنقله للمستشفى لتحديد وضعه، لكن إدارة السجون ما زالت ترفض بينما ابني يدفع الثمن”.
لم ينال الحكم من عزيمته، صمد مهند وتحدى الاحتلال والضغوط والعقوبات، وقدم الثانوية العامة مرة أخرى في السجن ونجح، وتقول والدته: “السجن والسجان لم يكسرا شوكته أو ينال من عزيمته، استطاع اكمال دراسته الجامعية في سجن هداريم، وانتسب لجامعة أبو ديس تخصص علوم سياسية”.
وتضيف: “رغم معاناتي من الأمراض، لم أتأخر عن زيارته، لكن لم أعد قادرة على العيش دونه ولا أحد من أبنائي يمكن أن يعوضني عن مهند، ومهما كانت حالتي الصحية كنت أتوجه لزيارته التي كنت أعتبرها أجمل لحظة في عمري”.
وتكمل: “فترة الأعياد هي الأصعب في كل محطات حياتنا في ظل غيابه، نصلي كل يوم لنهاية قريبة لرحلة العذاب واجتماع الشمل لنفرح بزفافه وحضوره الدائم معنا للأبد، وأملنا أن يتحقق ذلك في العيد القادم”.