يديعوت أحرونوت بقلم: سمدار بيري قبل أقل من شهر، عقب انتصار نتنياهو في الانتخابات، صرح بأن زيارته الرسمية الأولى خارج حدود الدولة ستكون لأبو ظبي. وشرح قائلاً إنه “ثمة ما يمكن عمله مع حاكمها الذكي، لم أتمكن بعد من القفز إلى الإمارات رغم أني المسؤول من الجانب الإسرائيلي عن اتفاقات إبراهيم”، وها هي أمس زيارة مفاجئة أولى إلى الأردن. تختبئ قصة من خلف تلك الابتسامات الباردة بين المضيف وضيفه،: لا عبد الله ولا نتنياهو هما اللذان بادرا إلى الحدث، بل حاكم الإمارات محمد بن زايد، الذي تخلى عن الزيارة البكر.
واضح لو كان هذا متعلقاً بالملك عبد الله أو بنتنياهو لتأجلت الزيارة. صحيح أن عبد الله كان الزعيم العربي الأول الذي هاتف نتنياهو لتهنئته على انتخابه من جديد، ولكنه خرج في الأسبوع ذاته في مقابلة صحافية حادة في الـ “سي.ان.ان” ضد نتنياهو وحذره من المساس “بخطوطنا الحمراء في القدس”. وإذا ما أضفنا إلى ذلك المواجهة التي كانت بين الحراس الإسرائيليين وولي العهد الأردني الأمير حسين، الذي سعى للوصول إلى الأقصى؛ وحجيج بن غفير إلى الحرم؛ وقضية السفير الأردني الذي صده حارس إسرائيلي، قد نفهم أن العلاقات ليست في ذروتها.
إذن، لماذا حصل هذا؟
هناك سببان: الأول، تستعد أبو ظبي الآن لإنتاج اتفاقات اقتصادية ثلاثية مع إسرائيل ودول رائدة في الشرق الأوسط- مصر والأردن. العلاقات ليست ذات أهمية لها استراتيجياً في منطقة يهدد فيها الكبار “افتراس” الصغار، لذا يسعدها أن تموضع نفسها كمن تصنع “السلام” بين نتنياهو وعبد الله.
لماذا استجاب الأردنيون؟ وها هو عنصر خفي آخر لمنظومة العلاقات. مقربو الملك عبد الله يشتبهون بنتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان بأنهما يحيكان صفقة: نتنياهو يعطي للسعودية “حق وصول موسع” إلى الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس على حساب الأردن، بينما يتخذ السعوديون خطوة علنية أخرى تثبت تسخين العلاقات مع إسرائيل.
الأردنيون خائفون من هذا. كل وسائل الإعلام في الدولة بثت أمس نصاً مشابهاً: “الملك طالب نتنياهو بالحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني للأماكن الإسلامية المقدسة في القدس”. رابين منح الملك حسين الحيازة في المسجد الأقصى، أما عبد الله فيدفع الرواتب لمئة من رجال الأوقاف، ولا يمكنه أن يتخذ صورة كمن تضررت مكانته في هذا الشأن. وله الآن شريك جديد في الخليج. فهو لا يتلقى منه فقط مساعدة مالية سخية، بل إن بن زايد سيتعاون معه ضد “المؤامرات”، إذا وجدت، من نتنياهو وبن سلمان.