نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين أميركيين وسعوديين، أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تراجعت عن موقفها تجاه السعودية، في أعقاب قرار “أوبك+” بخفض إنتاج النفط العام الماضي.
وأضاف المسؤولون، وفق الصحيفة، أن إدارة بايدن تتحرك لتكثيف التنسيق الأمني في مواجهة إيران في عام 2023، بعد 3 أشهر من فتور “غير مسبوق” في علاقات البلدين.
وأشار المسؤولون إلى “بوادر على تحسن التعاون بين الولايات المتحدة والسعودية خلال الأسابيع الأخيرة مع انخفاض أسعار البنزين في الولايات المتحدة، ونتائج انتخابات التجديد النصفي للديمقراطيين التي فاقت التوقعات، وتزايد المخاوف بشأن إيران”، معتبرين أن ذلك “خفف من حدة خلاف مستمر منذ فترة طويلة برز إلى العلن في أكتوبر الماضي”، في أعقاب قرار “أوبك+”.
وأثار قرار “أوبك+” بشأن خفض الإنتاج، وفق الصحيفة، مخاوف من التضخم قبل شهر واحد فقط من الانتخابات النصفية الأميركية، وتعهد الرئيس بايدن بالعمل مع الكونجرس لفرض “عواقب” لم يحددها على المملكة.
والوقت الراهن، يقول مسؤولو إدارة بايدن إنه “لا توجد خطط لتنفيذ هذا التهديد”. وبدلاً من ذلك يقول مسؤولون من كلا البلدين لـ”وول ستريت جورنال” إنهم يمضون قدماً في “مشروعات عسكرية واستخباراتية جديدة وجهود حساسة لاحتواء إيران” وسط محاولات إحياء الاتفاق النووي المتعثرة.
نقطة تحوّل رئيسية
وتبادل البلدان، خلال الأشهر الماضية، معلومات استخباراتية مع بعضهما البعض بأن إيران كانت تستعد لهجوم وشيك على المملكة، وطورا استجابة منسقة، حسبما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وأرسل الجيش الأميركي طائرات حربية وقاذفات قنابل باتجاه إيران في استعراضات منفصلة للقوة تهدف لردع طهران. وقال مسؤولون أميركيون وسعوديون إن “التعاون كان نقطة تحوّل رئيسية في العلاقات بعد الخلاف في أكتوبر الماضي”.
ونقلت الصحيفة عن كولين كال، وكيل وزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون” لشؤون السياسات قوله: “نعتقد أن الجمع بين هذا التبادل الاستخباري السريع وإعادة تمركز (الأصول العسكرية) هو ما ردع الإيرانيين”.
كما أشار مسؤولون إلى تعاون عسكري مستمر، ساعد في الحفاظ على العلاقة السياسية خلال أشهر من التوتر. فعلى سبيل المثال، رافقت مقاتلات نفاثة سعودية قاذفات أميركية بعيدة المدى عبر مجالها الجوي الوطني عدة مرات العام الماضي في مناورات أجريت مع دول أخرى متحالفة مع واشنطن.
من جانبه، قال قائد القوات الجوية والمركزية الأميركية في الشرق الأوسط، الجنرال أليكسوس جرينكويتش إنه “من الضروري بناء شراكات قوية. هذا ما يجعل هذه المنطقة الرئيسية آمنة، وفي معسكرنا إلى جانب النظام الدولي الليبرالي الذي كان قائماً منذ الحرب العالمية الثانية”.
ورداً على أسئلة الصحيفة بشأن العلاقات مع السعودية، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير إن الولايات المتحدة “ستواصل تقييم العلاقات مع المملكة العربية السعودية بشكل منهجي واستراتيجي، وبما يتماشى مع ما هو في مصلحتنا”.
وفي مؤتمر صحافي في ديسمبر الماضي، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن بلاده “سنواصل الحفاظ على جسور (تواصل) لا تنقطع مع الولايات المتحدة في جميع المجالات، في كل من الشؤون الأمنية والسياسية”.
“ذوبان الجليد”
وأشارت الصحيفة إلى أن “ذوبان جليد” العلاقات السعودية الأميركية المستجد، يأتي في الوقت الذي تتطلع فيه إدارة بايدن إلى إعادة صياغة الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط من خلال تشكيل مظلة أمنية واسعة في المنطقة.
ووفقاً للصحيفة، تزايدت المخاوف بشأن إيران منذ أن بدأت روسيا في استخدام مسيرات إيرانية الصنع لمهاجمة أوكرانيا، مع تحذير البيت الأبيض من أن الخصمين لأميركا يُطوّران شراكة عسكرية شاملة.
ويحذر مسؤولون سعوديون وأميركيون، حسبما نقلت الصحيفة، من أن العلاقات “لا تزال مهتزة، ويمكن أن تتمزق مجدداً”.
ولفتت الصحيفة إلى أن الأمير محمد بن سلمان “رسم سياسة خارجية أكثر استقلالية، والعلاقات الجيدة مع خصوم الولايات المتحدة مثل الصين وروسيا تمثل أهمية استراتيجية للرياض. وفي الوقت نفسه، لا تزال إدارة بايدن عازمة على تركيز قوتها النارية على روسيا والصين، وليس الشرق الأوسط”.
مع ذلك، فإن اعتماد الولايات المتحدة على علاقتها العسكرية مع المملكة السعودية “له حدود”، بحسب الصحيفة التي ذكرت أن الولايات المتحدة كانت ترسل بشكل منتظم حاملة طائرات إلى الخليج لإظهار التزامها العسكري بأمن المنطقة، ولكنها لم تفعل ذلك خلال 15 شهراً، وبدلاً من ذلك أرسلت ناقلات، ومقاتلات نفاثة.
واعتبرت “وول ستريت جورنال” أن أي تقارب جديد لا يمتد إلى صنع القرار السعودي بشأن النفط، الذي قال مسؤولو المملكة إنهم يصنعونه من أجل مصالحهم الوطنية.
وقال مسؤولون سعوديون إن خفض الإنتاج ضروري لاقتصادهم، ورفضوا أي إشارة إلى أنهم يساعدون روسيا، التي خفضت الإنتاج أيضاً ضمن تحالف “أوبك+” الذي يضم 23 دولة. وعلى الرغم من ارتفاع أسعار النفط بعد القرار، لكن التحالف تراجع في نهاية المطاف بحلول نهاية العام بسبب مخاوف من ركود اقتصادي عالمي.