بقلم: حمادة فراعنة
نتعاطف مع الشعب الكردي وقضاياه الحيوية، وحقه في التعبير عن هويته القومية، ولغته الخاصة، والمباهاة بتراثه، وأن يحظى بالحكم الذاتي، أسوة بما له الآن في العراق، وأن يكون بشكل مماثل في سوريا وتركيا وإيران.
الشعب الكردي مظلوم، تُمارس ضده أنواع متعددة من التمييز والحرمان والعنصرية، مما يدفع نفسه وفعالياته وقواه السياسية، المبرر القوي للعمل نحو التخلص مما هو فيه، وصولاً نحو تقرير المصير، ليقرر بنفسه شكل حياته السياسية والمواطنة وغيرها من حقوق الإنسان.
ورداً على كل ذلك يستوجب من البلدان الثلاثة سوريا وتركيا وإيران أن تتعامل معه على أساس المساواة والمواطنة والحفاظ على هويته القومية، في إطار وحدة أراضي هذه البلدان التي يعيش فيها وعلى أرضها، لا أن يتعرض للتمييز والدونية، ولأي مظهر من مظاهر الظلم والتبعية، لأن هذا الوضع السائد يُؤدي إلى حالة مربكة، ومظاهر انقسامية ضارة.
في 25/9/2017، حينما أصر الرئيس مسعود البرزاني على ممارسة الاستفتاء لإقليم كردستان كخطوة باتجاه الانفصال والاستقلال، كانت النصيحة عدم الإقدام على الخطوة الاستباقية، لأن القرار الإقليمي العراقي السوري التركي الإيراني ضد الخطوة، ولأن القرار الدولي الأميركي الأوروبي لم يستصيغ الخطوة، ولا يقبل بنتائجها المؤدية للاستقلال والانفصال، لأنها ستؤدي حُكماً إلى الحوافز المماثلة للكرد في البلدان الأخرى نحو الإقدام على خطوات انفصالية مماثلة.
نتعاطف مع القضية الكردية، لأن مطالبهم عادلة وتطلعاتهم مشروعة، ولكن الإقدام على أفعال إرهابية متطرفة تفقد الكرد التعاطف معهم والتضامن مع مطالبهم.
فالعملية الإرهابية التي وقعت في اسطنبول مثلما هي ضد الشعب التركي، ومؤذية بحق أفراد لا ذنب لهم، تعرضوا للقتل والإصابة، تحمل مضامين ودوافع الابتعاد عن التعاطف والتضامن مع المطالب الكردية، وتفقدهم مشروعية نضالهم، وأحقية تطلعاتهم، وتُسجل على الحركة الكردية التورط في الإرهاب، المدان غير المقبول كأداة للوصول إلى المطالب المحقة المشروعة.
النضال مشروع ولكن أدوات النضال يجب أن تتفق والمعايير الدولية، وأن تكون أيضاً مشروعة ومدنية وإنسانية وحضارية حتى تكسب تعاطف المجتمع الدولي، كسند ورافعة لدعم المطالب والمساعدة على تحقيقها واختزال عوامل الزمن لإنجازها.
النضال المشروع ينطبق على كل الحركات السياسية التي تعمل من أجل حقوق شعبها، ينطبق على الشعب الفلسطيني كما ينطبق على الكرد في مناطق تواجدهم وبلدانهم المختلفة، حيث لا يكفي أن تكون مطالب الشعوب عادلة، بل يجب أيضاً أن تكون وسائل نضالها مشروعة وقانونية وغير موصوفة بالإرهاب، وحينما تتكامل المطالب مع الأدوات، يتم اختصار الوجع والوقت وصولاً إلى الانتصار.