ذكرت صحيفة “هآرتس” العبرية، أن الرئيس السوري بشار الأسد، منع الإيرانيين قبل 3 سنوات من شن أي هجمات ضد إسرائيل عبر الأراضي السورية، بغرض تخفيف الاحتكاك، وهو أمر أصدره مباشرة لقائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري قاسم سليماني، قبل اغتياله، ولا يزال ساري المفعول.
شنت إسرائيل مئات وربما آلاف الغارات والهجمات الصاروخية في سورية، في محاولة لمنع تموضع إيران فيها، ومن دون رد إيراني أو الميليشيات الموالية لها، أو حتى عبر مجموعات مسلحة شكلتها طهران في الجزء غير المحتل من هضبة الجولان للعمل ضد إسرائيل.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحرس الثوري الإيرائيلي جنّد ميليشيات موالية له ودفعها إلى العمل في الجزء غير المحتل في هضبة الجولان، في العامين 2018 و2019، بحيث تكون مهمة هذه الميليشيات إطلاق طائرات بدون طيار وطائرات مسيرة وقذائف صاروخية باتجاه إسرائيل.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” قد أشارت، الأسبوع الماضي، إلى أن الأسد منع الإيرانيين منذ سنة من شن هجمات ضد إسرائيل، ردا على غارات الأخيرة والتي طالت أهدافا لقوات النظام وقتلت خلالها عددا من جنوده.
إلا أن الصحيفة، أفادت أن الحظر الذي فرضه الأسد على إيران بمنعها من شن هجمات باتجاه إسرائيل مستمر منذ ثلاث سنوات، وبدأ قبل وقت قصير من اغتيال قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري، قاسم سليماني، الذي “تلقى إملاءات من الأسد بالامتناع عن شن هجمات أخرى، في نهاية العام 2019”.
وأضافت هآرتس، أن الأسد شدد تعليماته بالامتناع عن شن هجمات ضد إسرائيل على الجنرال إسماعيل قآني، الذي خلف سليماني.
وتابعت الصحيفة أنه بدلا من هجمات كهذه، لجأت إيران بواسطة الميليشيات الموالية لها إلى الرد على الهجمات الإسرائيلية بإطلاق طائرات بدون طيار وقذائف صاروخية باتجاه قاعدة التنف الأميركية في جنوب سورية.
من جهة ثانية، ادعى مسؤولون إسرائيليون، في السنوات الأخيرة، أنه بالإمكان دق أسافين بين روسيا وإيران، حليفتي النظام السوري. ووفقا للصحيفة، فإن “هذا لم ينجح، وحصل العكس عمليا. فروسيا بحاجة الإن إلى مساعدات إيرانية، إثر تورطها في الحرب في أوكرانيا، وحتى أنها تشتري مئات الطائرات بدون طيار الإيرانية الصنع”.
وفيما يتعلق بالهجومين الإسرائيليين في سوريا، أفادت الصحيفة بأن الهجوم الأول الذي استهدف مطار حلب وألحق أضرارا بالغة فيه، استبق هبوط طائرة إيرانية فيه كانت تنقل أفرادا وأسلحة. وبعد ساعة استهدف هجوم إسرائيلي آخر مطار دمشق، لمنع الطائرة الإيرانية نفسها من الهبوط فيه، واضطرارها إلى العودة إلى إيران.
وأضافت الصحيفة أن هذين الهجومين استغلا تغيّرا في صورة الوضع، يتعلق بقرار روسيا سحب بطاريات الدفاع الجوي “اس-300” من سورية، إثر الحرب في أوكرانيا. ولا تزال بطاريا “اس-400” الروسية في شمال – غرب سورية، ومهمتها المركزية الدفاع عن قاعدة سلاح الجو الروسي في سورية “وليس اعتراض هجمات إسرائيلية. ورغم الانتقادات الروسية العلنية لإسرائيل بين حين وآخر، لكن لا يوجد تشدد من جانب موسكو ضد هجمات إسرائيلية في سورية”.
واعتبرت الصحيفة أن هذه التغيرات “تعكس تراجع اهتمام الدولتين العظميين بما يحدث في سورية. فلدى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اهتماما أخرى ملحة أكثر للتركيز أكثر عليها. والأميركيون، الذين يحتفظون بقوات مؤلفة من عدة مئات جنود في التنف وقواعد صغيرة أخرى، يظهرون اهتماما ضئيلا بما يحدث في سورية”.
وتابعت الصحيفة أن “إدارة بايدن تتمسك بشدة بمقاطعة نظام الأسد. وفي المقابل، هناك من يعتقد في إسرائيل أنه في ظروف أخرى، كان بالإمكان إبرام اتفاق ملزم مع الأسد، بوساطة دول عظمى، بشأن وقف مطلق لأعمال عدائية. وكانت خطوة كهذه ستتلاءم مع مصالح النظام، لكن حصولها ليس معقولا، لثلاثة أسباب: عدم وجود شرعية للأسد، الذي قتل أعدادا كبيرة من أبناء شعبه، بنظر الدول الغربية؛ عدم اهتمام من جانب الولايات المتحدة وروسيا؛ وعلاقة الأسد مع إيران المتواصلة في ظل غياب إمكانية أخرى”.