كتب حسن عصفور/ مساء يوم الجمعة 22 يوليو 2022، أطلقت الشبكات الإعلامية ومختلف وكالات الأنباء خبر محاولة اغتيال د. ناصر الدين الشاعر، قيادي “ملتبس الموقف” في حركة حماس، شغل نائب رئيس في حكومتها الأولى مارس 2006 حتى قرار انقلابها “مدفوع الأجر السياسي” يونيو 2007.
رصاصات عدة، يبدو أنها اختارت أن تترك “اثرا” دون أن تقتل، لكنها فتحت باب التضامن الوطني الفلسطيني، ربما هو الأول منذ الانقسام، مع حركة إدانة مستنكرة جريمة كفر قليل بنابلس، وتحولت الى حالة رمزية وحدوية نادرة، شارك بها الرئيس عباس وقيادة المنظمة والسلطة وحركة فتح (م7)، مع كل الفصائل كبيرها وصغيرها، من له حضور ومن له اسم ويافطة على باب شقة هنا وهناك منتظرا “منحة وعطاء”.
وانتفضت مؤسسات حقوق الانسان بكل مظاهر العمل رفضا للجريمة ومطالبة بعقاب سريع، بل إن بعضها سارع لتشكيل “حشد” عبر عريضة خاصة ترفض الحدث وتمنع الفوضى، مختصة الضفة دون غيرها، في مفارقة ملفتة، رغم ان جرائم غزة متعددة.
وبالطبع، انطلقت قيادة حماس بين مسارين، أحدها وهو الأقلية جدا طالب بتعزيز ما أكده الشاعر خلال اتصاله مع الرئيس عباس وحدويا، والأغلبية اعتبرتها “فرصة ذهبية” لبث ما هو فتنوي تخريبي، بكل ما لها من أدوات، ما أصاب المشهد العام بسواد مخزون بداخلهم.
ما حدث تضامنا، إدانة، استنكارا ومطالبة بعقاب المجرمين كان حقا وطنيا خالصا، بعيدا عن “نوايا الظلاميين” وهدفهم الاستغلالي الرديء، وعلها جريمة عكست ما يحتاج الشعب الفلسطيني داخل “بقايا الوطن” وخارجه، بأن “المسألة الانفصالية” ليست جزءا من مكونه الثقافي أبدا.
ولكن، يبدو أن الحملة التضامنية غير المسبوقة مع د. الشاعر، تتوافق والمكانة الخاصة للشخصية وليس رفضا لذات الفعل الجرائمي، بكل ما له من أبعاد مجتمعية – سياسية.
أيام بعد الجريمة الخاصة في كفر قليل بنابلس، تم الكشف في قطاع غزة عن جريمة خطف المواطن “علي فوزي أحمد” 25 عامًا، من سكان النصيرات، وسط القطاع، ومساء يوم السبت 30 يوليو 2022، أعلنت مصادر شرطة حماس عن وصول المواطن فوزي لمستشفى الأقصى وسط القطاع، مُصابا بطلق ناري بعد اختطافه من قبل “مجهولين”.
الحقيقة أن عملية الخطف تمت من قبل أحد الجهات الأمنية لفصيل في قطاع غزة، خطف معلوم منذ لحظته الأولى، وليس مجهولا أبدا كما اختارت شرطة حركة حماس الحاكمة في القطاع أن تصفه.
وبعيدا عن البيان المخادع حول الحدث، أليس تلك جريمة وطنية مضاعفة عما حدث مع د. الشاعر في نابلس، مواطن يتم خطفه لموقع أمنى وتعذيبه ثم تطلق عليه النار لينقل الى مشفى مصابا، دون ان يترافق ذلك مع فعل مباشر لمرتكبي هذا الجرم المشهود.
هل يمكن اعتبار أن خطف مواطن وإطلاق رصاص عليه بهدف القتل أو الإعطاب كعلامة ما لهدف ما، أن ذلك خطف “خطأ سهوا”، وليس جرما يستوجب التنديد والاستنكار واعتقال الفاعلين ومحاسبتهم علانية، والاتصال بالمصاب من كل الجهات التي اتصلت بالشاعر تضامنا، أو تأكيدا لفرض الجريمة بذاتها.
المواطن فوزي، ليس شخصية عامة، ولم يشغل منصبا قياديا، وليس معلوما لوسائل الإعلام، ولا للفصائل المعلوم منها و”المبني للمجهول” فيها، وبالتأكيد ليس للمؤسسات التي لا ينام مسؤولوها وهو يتابعون “حقوق الناس”، لكنه شخص يحمل هوية كما هي هوية د. الشاعر مسجل أنه فلسطيني وله سجل ورقم وصوت انتخابي.
الضجيج الوطني – الشعبي الفصائلي المؤسساتي رفضا لجريمة محاولة عطب الشاعر، تنتظر جانبا ولو بنسبة تصل الى 10% من حجم الحراك الرافض لما حدث في كفر قليل، واتصالا من شخصيات تعلن رفضها للجريمة أي كانت وضد من كانت..تطالب العقاب العلني ومحاكمة الجناة..طبعا افتراضا أن كل من رفض جريمة الشاعر كان صادقا، وليس مستغلا لغايات غير وطنية.
من باب التذكير ليس غير، أقدمت أجهزة حماس الأمنية على خطف المواطن علاء يوسف طافش، من امام منزله يوم 20 يوليو 2022، وكأنهم لا يعلمون كيف يمكن الاعتقال بطريقة عادية، ومنذ يومها تجاهلت كل الفصائل والمؤسسات تلك الجريمة الصريحة لأنها ليست من أجهزة السلطة في الضفة.
جريمة رصاص د. الشاعر في نابلس تم التعامل معها وفق “معايير طبقية” لشخصية معلومة مقابل رصاص شخصية “غير معلومة”، رغم ان الرصاص فعل لجريمة واحدة وغير طبقية، وتلك هي “المأساة الأكبر” جرما من الجريمة ذاتها.
هل بات الموقف من الجريمة، أي جريمة، مرتبط بالمكانة المجتمعية – السياسية، وليس بالقانون وحقوق الناس الطبيعية، دون تفضيل عربي على عجمي سوى بتقوى الانتماء الوطني..سؤال بات هائما فوق سماء “بقايا الوطن” في فلسطين.
ملاحظة: الرئيس عباس خلال استلامه تقرير لجنة الانتخابات، حكى أن “فلسطين قادرة على اجراء الانتخابات العامة وفق أعلى المعايير الدولية”..كلام حلو كتير بس هو مين رافض هيك عرس يصير…طبعا بلاش تقول اليهود لأنك عارف الصح والكذب مش حلو لا حسب مكانتك ولا عمرك..
تنويه خاص: قرار حكومة دولة الفصل العنصري بإغلاق 5 مدارس مقدسية لأنها بتدرس منهاج غير تهويدي، مش لازم يمر خبر والسلام…الغريب أن الصمت الرسمي بخليك تفكر هل باتت القدس خارج سياق الاهتمام..حتى “فصائل البرم والنت” نسيت تحكي عن القصة..لعنة فلسطينية تصيبكم الى أبد الابدين يا عاهات آخر زمن!