اتهمت منظمة العفو الدولية “أمنستي”، السلطات الفلسطينية بـ”الفشل في محاسبة قواتها الأمنية بشأن مقتل الناشط نزار بنات أثناء احتجازه لدى الشرطة قبل عام”.
ويأتي ذلك بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى على اغتيال بنات، حيث أقيم حفل تأبين أمام منزله بمدينة دورا جنوب الخليل، وجاء على لسان العائلة في وقت سابق اليوم “حفاظا على الدم الفلسطيني، لن نسمح أن يكون نزار بنات عنوانا لجريمة قتل جديدة تنفذها الأجهزة الأمنية وأذرعها، وعليه ألغيت فعالية إحياء الذكرى الأولى لاستشهاد نزار الجمعة”.
ومما يذكر أن هيئة قضاء قوى الأمن الفلسطينية أطلقت، الثلاثاء، سراح 14 عنصرا من الأمن الوقائي وهم متهمون بقتل بنات، وذلك بقرار من النائب العام العسكري بسبب انتشار فيروس كورونا في مراكز الإصلاح والتأهيل، للحفاظ على السلامة وبكفالة توجب حضورهم جلسات المحاكم.
وقالت “أمنستي” في بيان لها على موقعها الرسمي إن “العدالة لا تزال بعيدة المنال بعد مرور عام على وفاة نزار بنات، الناشط الفلسطيني الذي توفي بعد وقت قصير من اعتقاله والاعتداء عليه بشكل وحشي من قبل قوات الأمن الفلسطينية في حزيران/يونيو 2021″، ودعت إلى “ضمان محاسبة المسؤولين عن وفاة بنات من قبل نظام القضاء المدني لأن الإجراءات في المحاكم العسكرية معيبة بشدة”.
ولفتت إلى أن “نزار بنات كان ناشطا بارزا ومنتقدا صريحا للفساد داخل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. وفي 24 حزيران/يونيو 2021 اقتحمت وحدة مشتركة من قوات الأمن الوقائي الفلسطيني وجهاز المخابرات العامة المنزل الذي يقيم فيه، وضربه عناصرها بالهراوات واقتادوه في سيارة عسكرية. وتوفي بعد حوالي ساعة أثناء نقله إلى المستشفى”.
وأضافت أن “السلطات الفلسطينية اعتقلت 14 ضابطا بمقتله لكنها فشلت في استجواب أو التحقيق مع أي من كبار الضباط. وجرى التحقيق والمحاكمة أمام القضاء العسكري في انتهاك لمعايير حقوق الإنسان”.
وذكرت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، هبة مرايف، أن “المحاكمة العسكرية المعيبة لضباط الأمن الأربعة عشر من ذوي الرتب المتدنية لن تحقق العدالة. يجب أن تكون هناك محاكمة مدنية وفقا للمعايير الدولية وليس مجرد ستار من دخان لحماية من هم في المناصب العليا، من الضروري محاسبة الأفراد الذين أصدروا أوامر باعتقال نزار بنات دون سبب يجيزه القانون، وكذلك محاسبة الذين أشرفوا على عملية الاعتداء”.
وأوضحت أنه “بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، يجب الترافع في القضايا التي تنطوي على انتهاكات لحقوق الإنسان أمام محاكم مدنية، حتى لو شملت أفرادا عسكريين. يجب على السلطة الفلسطينية إحالة هذه القضية على الفور إلى نظام القضاء المدني، لضمان استقلال الإجراءات عن المتورطين في الجريمة”.
وتابعت أن “المحاكمة بدأت في أيلول/سبتمبر 2021 أمام محكمة رام الله العسكرية. وفي 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2021 انسحبت عائلة نزار بنات والمحامي الذي يمثلهم، غاندي الربعي، من الجلسة بعد أن اتهم محامي الدفاع عن المشتبه بهم الأربعة عشر حسين بنات، أحد أقارب نزار بنات، بأنه شاهد زور. وحث محامي الأسرة المحكمة على تدوين هذا التشويه في محاضر المحاكمة، وأضاف هذا الاعتراض كدليل إضافي على أن المحكمة العسكرية لم تتصرف بحيادية تجاه قوات الأمن”.
ونقلت “أمنستي” عن الربعي قوله إنه “تم عرقلة الإجراءات القانونية بشكل متكرر في القضية، مسلطا الضوء على التأجيل المستمر للجلسات، وتشويه سمعة الشهود، ومؤخرا، الإفراج المؤقت عن أولئك الذين يحاكمون بتهمة قتل نزار بنات”.
وتابع أنه “لم يتم إيقاف الضباط الأربعة عشر في قوات الأمن الوقائي الفلسطينية عن الخدمة الفعلية. فقد جرى اعتقالهم في تموز/يوليو 2021 في سجن أريحا العسكري، ولكن في 21 حزيران/يونيو 2022، أذن المدعي العام العسكري بالإفراج عنهم في الفترة من 21 حزيران/يونيو إلى 2 تموز/يوليو 2022. تم طلب الإفراج المؤقت عنهم باعتباره ’عطلة’ بكفالة زملاؤهم في قوات الأمن الوقائي الفلسطيني”.
وقالت هبة مرايف “هذه العملية القضائية أقرب إلى المهزلة، عندما يعرض الجهاز نفسه الذي يوظف المشتبه بهم ضمان تعاونهم في محاكمتهم. هذا هو بالضبط السبب الذي يجعل محكمة عسكرية غير قادرة أبدًا على كشف حقيقة ما حدث”.
في 18 أيار/يوليو 2022، انسحب غاندي الربعي وأسرة نزار بنات تمامًا من جلسات المحكمة، قائلين إنهم فقدوا الثقة في الإجراءات القضائية، وإنهم يعدون ملف القضية لنقلها للتقاضي أمام المحاكم المدنية.
وقال غاندي الربعي لمنظمة العفو الدولية “كنا نكافح من أجل أن نقدم إلى العدالة ليس فقط أولئك الذين ارتكبوا الفعل المروع المتمثل في تعذيب نزار وقتله، ولكن أيضًا أولئك الذين أصدروا الأمر وسهلوه وأعطوا الضوء الأخضر. والآن، تراجعنا عشر خطوات إلى الوراء لأن المتهمين في ’عطلة’!”.
وختمت “أمنستي” بيانها “كان عمار بنات، ابن عم نزار بنات، من بين الذين شهدوا عملية الاعتقال في حزيران/يونيو الماضي. وقال لمنظمة العفو الدولية إنَّ مجموعة قوامها حوالي 25 ضابطا أمنيا فجرت باب المنزل واقتحمته. ولم يبرزوا أي مذكرة اعتقال، وتوجهوا على الفور إلى الغرفة التي كان ينام فيها نزار بنات”. ووفقا لعمار بنات “بدأ أفراد قوات الأمن بضرب نزار بالهراوات، بما في ذلك على رأسه، ورشوا وجهه برذاذ الفلفل. ثم جردوه من كل ملابسه ما عدا ملابسه الداخلية فقط وسحبوه إلى سيارة كانت منتظرة، دون إخبار الأسرة بالمكان الذي يقتادونه إليه”.