رأى المُستشرق الإسرائيليّ، د. تسفي بارئيل، في صحيفة (هآرتس) العبريّة “قد نتوقع من زيارة بايدن التوقيع على اتفاقات محددة للتعاون الاقتصادي والتكنولوجي، ومن بينها اتفاقات على إعادة نشر القوات الدولية في جزر تيران وصنافير، وفتح أجواء السعودية أمام الطائرات التي ستأتي من إسرائيل وإليها، وتصريحات عن صداقة وأمن، وعن تشكيل طواقم توجيهية للدفع قدمًا بالتعاون، ولكن تشكيل ناتو عربيّ إسرائيليّ، سيضطر إلى الانتظار”، على حدّ تعبيره.
مع ذلك، فإنّ تصريحات قادة الكيان وتحليلات الخبراء والمحللين تؤكّد تحمس إسرائيل من زيارة بايدن، لكن التوقعات لا تبدو مرتفعة جدًا كلما اقترب موعد الزيارة، مع ظهور المزيد من التحديات والعقبات التي قد تحول دون تنفيذ وتحقيق ما يتطلع إليه الاحتلال، وتحديدًا على صعيد التحالف الإقليمي ضد إيران، والحصول على مساعدات مالية أمريكية جديدة لتطوير برامج عسكرية وقتالية.
وبحسب التحليلات التي ينشرها الإعلام العبريّ، يترقب الإسرائيليون نتائج زيارة بايدن إلى السعودية، وما قد تسفر عنه، في ضوء تأثيرها المباشر على مستقبل العلاقة بين الرياض وتل أبيب، ورغبة الأخيرة بأن تطوي واشنطن صفحة التوتر مع المملكة، خشية أنْ يؤثر استمرار الجمود في علاقاتهما على مستقبل التطبيع معها.
المستشرق بارئيل، نقل عن دبلوماسيٍّ أمريكيّ رفيعٍ قوله إنّ “هذه قبل كلّ شيء زيارة تستهدف استعراضًا وإثبات تدخل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ومحاولة دحض الادعاءات بشأن انسحابها من المنطقة”، مُضيفًا:”لست مقتنعًا بأنّ الزيارة سينتج عنها شرق أوسط جديد أوْ حلف عسكري استراتيجي يضم إسرائيل أوْ حتى جزءًا من الدول العربية، وخاصّةً في الوقت الذي يوجد لكل واحدة من هذه الدول أجندة منفصلة وأحيانًا مصالح متناقضة، ليس فقط إزاء الولايات المتحدة بل أيضًا فيما بينها، ولكن ثمة قيمة للتصريحات المشتركة، وتحديدًا عندما تكون تدير صراعًا سياسيًا قبيل انتخابات منتصف الولاية في أمريكا”، وفق أقوال الدبلوماسيّ الأمريكيّ.
بارئيل تابع قائلاً:”عندما يتحدث الدبلوماسي الأمريكي عن مصالح متناقضة، فإنّه يقصد الطموح الإسرائيلي لتشكيل تحالف ضد إيران، في الوقت الذي تجري فيه السعودية في الوقت نفسه محادثات مع ممثلين إيرانيين، وعقدت الإمارات مع طهران عددًا من الاتفاقيات الاقتصادية، وقطر، شريكة إيران في حقل الغاز الكبير الذي يقع في الخليج، وسلطنة عُمان، لن تكون جزءًا من التحالف لأنّها تري بنفسها كدولة وسيطة تحافظ على علاقات وطيدة مع كل دول المنطقة بما فيها إيران، وليس في نيتها الانحراف عن هذه السياسة. كذلك أيضًا الكويت، غير الشريكة في حملة التطبيع بين دول الخليج وإسرائيل”.
الخبير الإسرائيليّ لفت إلى أنّه “في وسائل الإعلام الإسرائيليّة ذكرت العراق أيضًا كدولة من شأنها الانضمام إلى الحلف الدفاعيّ، ولكن البرلمان العراقيّ، الذي لم ينجح بعد في التوصل إلى اتفاق مع الرئيس أو في تشكيل حكومة، صادق بالشهر الفائت على قانون يحظر أي علاقة مع دولة إسرائيل ومع الإسرائيليين، بما في ذلك عبر الشبكات الاجتماعية، حظر تنتظر من ينتهكه عقوبة الإعدام”، مُضيفًا أنّه “لا يوجد للعراق في هذه اللحظة أي مصلحة في الانضمام إلى تحالف مناوئ لإيران، ما دام أنه يعتمد اقتصاديًا على جارته، التي تزوده بالكهرباء والماء والغاز”.
وشدّدّ المُستشرق على أنّ السعوديّة تبنّت إستراتيجيّة جديدة للبحث عن تنويع الخيارات السياسية وتقليل الاعتماد الحصري على دولة عظمى واحدة، ولذا وسعّت علاقاتها مع الصين، ولكن هذه الخطوات، أكّد بارئيل، لا تأتي لاستبدال العلاقة الوطيدة والحيوية مع الولايات المتحدة، بل لتقليل الاعتماد الحصري على دولة عظمى واحدة.
على هذه الخلفية، أوضح المُستشرِق، فإنّ تحالف دفاعي عربيّ-إسرائيليّ-أمريكيّ، الذي يطرح الآن كإستراتيجيّةٍ جديدة لبايدن هو في هذه الأثناء مجرد سكتش (رسم تخطيطي)، وباستثناء إسرائيل، كل الدول المستعدة للانضمام إلى الإطار المشترك هذا لا ترى في إيران هدفاً لهجومٍ عسكريٍّ”.
وخلُص إلى القول إنّه بديلاً للحلف العسكريّ، فإنّ بناء إطار رسمي لتعاون اقتصادي إقليمي يمكنه أنْ يكون طموحًا وواقعيًا، غير أنّ هذا الإطار في معظمه أصبح قائمًا، ويحتاج استكماله إلى إقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل والسعودية التي ما زالت تنتظر إصدار شهادة حسن السلوك التي سيصدرها لها بايدن، على حدّ تعبير المُستشرِق الإسرائيليّ.