بقرار فاجئ الجميع وفي خطوة لم يسبقها أي مشاورات مع الجهات ذات صلة كالمجلس التشريعي ، أصدر رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي ورئيس المحكمة العليا الشرعية الشيخ حسن الجوجو ، تعميم قضائي، يختص بتعويض المطلقات عن الطلاق التعسفي للمرأة وجاء نص القرار القضائي الذي حصلت “قدس 24” على نسخة منه كالآتي :
بعد الاطلاع على قانون القضاء الشرعي رقم 2011/3م وبناء على ما أقرته هيئة المحكمة العليا الشرعية بجلستها المنعقدة بتاريخ 2022/02/08 وبناء على المقتضيات المصلحة العامة وبناء على الصلاحيات المخولة لنا قانونا
نقرر ما يأتي:
▪︎مادة (1) إذا طلق الزوج زوجته تعسفاً بغير سبب معقول وطلبت من القاضي التعويض حكم لها على مطلقها بتعويض لا يقل عن نفقة سنة ولا يزيد عن نفقة ثلاث سنوات ويراعى في فرضها حال الزوج عسرأ ويسرا، ويدفع جملة واحدة إذا كان الزوج موسرأ وأقساطا اذا كان الزوج معسرا ولا يؤثر ذلك على حقوقها الأخرى
▪︎مادة (2) على جميع جهات ذات الاختصاص بتنفيذ هذا التعميم ويعمل به اعتباراً من 12/ رجب/1443هـ وفق 2022/02/13م ويلغى كل ما يتعارض معه .
ماذا قال المختصون بعد قراءتهم للقرار ؟
قال أ.رشاد زعرب عضو مجلس نقابة المحاميين الشرعيين في حديثه الخاص “بالخامسة للأنباء” بأن التعويض في الطلاق التعسفي لا وجود له أصلا في القانون الفلسطيني وهو منظوم في القانون الأردني ومطبق فيها ،
وتابع بأن أي تغيير وتعديل القوانيين من صلاحية المجلس تشريعي فقط والمشكلة الحقيقية تكمن في تغيير هذه الصلاحية لتصدر قوانين جديدة بموجب تعاميم والتعاميم مقصورة على ادارة المؤسسة فقط .
وأكد زعرب أن القانون الشرعي يجيز التفويض للزوجة بتطليق نفسها وهذا ما يسمى العصمة بيدها كما وحسب المادة 24 من قانون حقوق العائلة .
“إذا اشترطت المخطوبة على خاطبها أن لا يتزوج عليها وإذا تزوج كانت هي أو ضرتها طالقاً صحَّ العقد وكان الشرط معتبراً فتُطلق المرأة شالمشروط طلاقها”
ونوه عضو مجلس نقابة المحاميين الشرعيين لضرورة الانتباه بتحقيق الشرط الذي يبنى على رفع دعوى من قبل المشترط للقاضي ، إذا كانت العصمة بيدها تطلق نفسها بعبارتها أمام القاضي بناءً على طلب.
وأكد بأنه ليس من اختصاص رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي إصدار قوانين، ولو كانت على هيئة تعميمات، فهي من اختصاص المجلس التشريعي، وهذا تعدٍ على دور المجلس التشريعي .
وتابع ، إذا كانت القوانين المطبقة في الجانب الشرعي بحاجة إلى تعديل أو إضافة، فلا يكون عن طريق المجلس الأعلى للقضاء الشرعي، وإنما عن طريق سن قوانين أو تعديلها من قبل المجلس التشريعي الفلسطيني.
و أشار أنه يجب أن يكون هناك دور حقيقي وفعال لنقابة المحامين الشرعيين، في مواجهة سيل التعميمات الجارفة والمستمرة، خاصة في ظل عدم اختصاص المجلس بإصدار مثل تلك القوانين “التعميمات” ، وأيضا في ظل ما تتمتع به النقابة من كينونة واستقلالية.
وفق الشريعة الإسلامية:
وفق ما قال دعاة وأساتذة بالشريعة عن مشروعية التعويض (المتعة) في الشريعة الإسلامية
إن الله سبحانه وتعالى عندما شرع الطلاق حتى يستطيع الزوجان التخلص من رابطة الزواج إذا تحقق لهما أن استمرار الرابطة بينهما مستحيلاً وان الخلاف قد استفحل بينهما حينئذ يكون الطلاق لابد منه , ولكن قد يقع الطلاق بلا مسببات فيكون الزوج متعسفاً ويلزم بالتعويض (المتعة) للزوجة والمتعة في الشريعة الإسلامية ترادف التعويض في القوانين الوضعية ومفهومها هو ما يعطيه الزوج لمطلقته ليجبر بذلك الألم الذي حصل لها بسبب الفراق وهي بمثابة تعويض عما يلحق الزوجة من ضرر ولغرض الترفيه عنها بسبب الآلام التي أصابتها.
وردت مشروعية التعويض (المتعة) في كتاب الله العزيز في الآية الكريمة “وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين “(43) ، وكذلك “ولا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع وزره وعلى المغتر قدره متاعاً بالمعروف حقاً على المحسنين”)(44) وقوله “يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعدونها فمتعوهن وسرحوهن سرحاً جميلا”(45)
وعن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم انه أمر أسامة أو أنساً بأن يمتع مطلقته بثلاثة أثواب رازقية(47).
وللفقهاء المسلمين أرائهم في المتعة وحكمها (48), فعند الأحناف المشهور عند الحنابل أن المتعة قسمان واجبة ومستحبة فالواجبة هي متعة الطلاق قبل الدخول إذا لم يسم للمرأة مهر عند العقد وهذه يقضي بها القاضي ويلزم لها الزوج المطلق. وأما المستحبة فهي المتعة التي تستحقها المطلقة بعد الدخول سواء سمي لها مهر أو لا وللمطلقة قبل الدخول إذا سمي لها مهر ويلزم بها الزوج ديانة لا قضاءا.
وقال الشافعية والحنابلة في رواية أن المتعة واجبة لكل مطلقة إلا إذا طلقت قبل الدخول وقد فرض لها مهر تستحق نصف المهر المسمى.
وعند المالكية أن المتعة مستحبة في جميع الحالات ولا يجبر عليها الزوج المطلق وإنما يتطوع لها تطوعاً.
ويرى الظاهرية أن المتعة واجبة لكل مطلقة مطلقاً سواء كان الطلاق قبل الدخول أم بعده وسواء فرض لها مهر أثناء العقد أم لم يفرض ودليلهم عموم الآية الكريمة ((وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين)) حيث جاءت مطلقة لم تفرق بين مطلقة مدخول بها أم لا, سمي لها مهر أم لا.وقال الجعفرية لا تجب المتعة .
سوء نوايا النساء وتعدد الزوجات
وفي ذات السياق قال المحامي الشرعي يونس عبد الوهاب
إنني أرى أن نتيجة القرار الصادر عن المجلس الأعلى للقضاء الشرعي بخصوص إقرار دعوى تعويض للزوجة المطلقة تعسفاً ستكون عكس التيار ،
فقد تلجأ السيئات من النساء بالإضافة إلى الشرار من الأهالي والذين ينظرون للزواج من منظور التجارة ، إلى استخدام هذا القرار بما يخدم سوء نواياهم من خلال الإخلال بالأمن الأسري مرغمين الأزواج على التطليق طمعاً في دنيئ الدنانير ثم إن ذلك سيغذي شهوة “تجار التزويج “ممن نراهم في هذه الفترة ،ثم إن هذه القرارات قد تهدد الأمن الأسري في ظل وجود أوراق ضغط بيد الزوجة جراء هكذا قرارات ،ثم إن لمثل هذه القرارات أن تزيد من أعباء الدولة بكثرة المعتقلين على قضايا الذمم المالية في ظل سوء الأوضاع الاقتصادية الصعبة ،هذا من منظور اجتماعي ،أما من منظور قانوني ؟ فأي محكمة ستنظر قضايا التعويض تلك الشرعية أم النظامية أسوة بقضايا الدهب؟ وكيف سيتقرر التعسف ؟ وهل يطعن بأحكام تلك القضايا من عدمه ؟ وعلى أي مبدأ استندت؟ وعلى أي قاعدة فقهية نشأت ؟ وهل هذا القرار يتمتع بالدستورية؟ وماذا لو تقرر التعسف وبدأ تنفيذ الحكم ورضي الزوج بقضاء 90 يوم حبساً يجتمع بهن مبلغ النفقات و المتأخرات والتعويض من كل عام فهل هذا يخفف من الطلاق كما أراد المجلس ؟
والأسئلة كثيرة في هذا الجانب في ظل ضبابية القرار الصادر .
إلا أن هذا القرار سيؤدي لتعدد الزوجات هرباً من الطلاق ورغبة في حياة افضل في ظل صعوبة او انعدام إمكانية الاستمرار في تلك الحياة الزوجية
تعدِ واضح على صلاحيات التشريعي
الدكتور عمران يحيى ابو مسامح ،المحامي المختص أكد أنه ليس من اختصاص رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي إصدار قوانين، ولو كانت على هيئة تعميمات، فهي من اختصاص المجلس التشريعي، وهذا تعدٍ على دور المجلس التشريعي.
إذا كانت القوانين المطبقة في الجانب الشرعي بحاجة إلى تعديل أو إضافة، فلا يكون عن طريق المجلس الأعلى للقضاء الشرعي، وإنما عن طريق سن قوانين أو تعديلها من قبل المجلس التشريعي الفلسطيني.
أعتقد، أنه يجب أن يكون هناك دور حقيقي وفعال لنقابة المحامين الشرعيين، في مواجهة سيل التعميمات الجارفة والمستمرة، خاصة في ظل عدم اختصاص المجلس بإصدار مثل تلك القوانين (التعميمات)، وأيضا في ظل ما تتمتع به النقابة من كينونة واستقلالية.
تعقيب المجلس التشريعي
أصدرت اللجنة القانونية في المجلس التشريعي حول التعميمات الأخيرة للمجلس الأعلى للقضاء الشرعي وصل “شبكة الخامسة للأنباء” نسخة منه ذكرت فيه أنه المجلس التشريعي تابع مجموعة التعميمات الأخيرة الصادرة عن فضيلة رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي, وبعد القراءة المتفحصة لمضمون هذه التعميمات فإننا نؤكد على أن بعضها استحدثت احكاماً جديدة فيها مخالفات للقانون وتنطوي على تعدي على الصلاحية الدستورية والقانونية الحصرية للمجلس التشريعي الفلسطيني, وتخضع لاجراءات وقراءات مطولة من المحلس قبل اقرارها ونشرها, لتكون متوافقة مع القوانين ومحققة لمصلحة المجتمع الفلسطيني الذي نسهر على خدمته.
وازاء ذلك فاننا في اللجنة القانونية ندعو المجلس الاعلى للقضاء الشرعي لتحمل مسؤولياته ووقف العمل بشكل عاجل بهذه التعميمات المخالفة ومراجعتها وتصويبها او الغائها باعتبارها تتضمن استحداثا لأحكام ومراكز قانونية جديدة و نتوجه إليهم بالالتزام بخصوصية وطبيعة التعميمات القضائية.
علما بأن المجلس التشريعي اصدر العديد من القوانين التي تخص القضاء الشرعي, ويعكف على دراسة قانوني الاحوال الشخصية الشرعي واصول المحاكمات الشرعية بالتواصل والتنسيق مع المجلس الاعلى للقضاء الشرعي والجهات ذات الصلة, ونؤكد باننا نرفض اصدار مثل هذه التعميمات المخالفة للقانون من أي جهة كانت.