تمكن الشاب فايز الكركي من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية من خلق بصمته الخاصة في مجال صناعة وإنتاج أفلام الرسوم المتحركة بعد سنوات طويلة من العمل الجاد في هذا الفن الابتكاري.
وأنشأ الكركي (25 عاما) شركة صغيرة خاصة هي الأولى من نوعها في الأراضي الفلسطينية بصناعة أفلام الرسوم المتحركة عام 2020 تحمل اسم “فاب لاب بال أنيميشن”، لإنتاج مواد مرئية وسمعية لعدد من المؤسسات المحلية والعربية.
ويمتلك الكركي رغم أنه لم يكمل تعليمه، موهبة الرسم منذ صغره، وبعدها تعلم كيفية تحويل الرسومات إلى صناعة مجسمات فنية باستخدام صلصال الفخار ومن ثم التعرف على تقنية إيقاف الحركة (ستوب موشن) التي تستخدم لتحريك أي جسم ملموس من خلال برامج تصميم خاصة بها.
وفي عام 2009، ترك الشاب المدرسة وبدأ العمل في هذا المجال فعليا، حيث حول غرفة داخل منزله إلى استوديو خاص به من أجل صناعة أفلام رسوم متحركة، محاكيا تلك الأفلام المتخصصة للأطفال والتي يتم عرضها على شاشات التلفاز.
ويقول الكركي بينما يقوم بصناعة عدة مجسمات باستخدام الصلصال إنه “قرر خوض هذا المجال الفني معتمدا على موهبته وإصراره، مشيرا إلى أنه كان واثقا من النجاح يوما ما في تحقيق حلمه وأن يكون صاحب اسم مشهور في هذا العمل.
وعادة ما يحتاج إنتاج فيلم رسوم متحركة واحد إلى عدة أشخاص، إلا أن ذلك لم يكن ممكنا بالنسبة للكركي في ذلك الوقت، لأنه لم يكن يمتلك النقود كي يدفع لمساعديه.
وفي محاولة للتغلب على هذا العائق، لجأ الشاب العشريني على مدار ثلاث سنوات إلى تعلم فنون التصوير والمونتاج وهندسة الصوت واستخدام برامج التصميم الرقمي المتنوعة بالإضافة إلى المونتاج.
وعن مراحل إنتاج فيلم، يقول “أختار الفكرة وأكتبها على شكل سيناريو ثم أبدأ باختيار شخصيات الفيلم أصنعها بنفسي من نحت الصلصال، أما الأثاث والبيوت والمستلزمات الأخرى فأعيد تدويرها من خلال الكرتون والبلاستيك والتراب والحجارة وكل ما يقع عليه نظري ثم أبدأ بالتصوير”.
ويضيف الكركي أن مرحلة التصوير هي أصعب وأطول مرحلة في العمل فكل لقطة (فريم) تحتاج إلى 24 صورة.
وبعد عشرات المحاولات من الصواب والخطأ، نجح الشاب أخيرا في إنتاج أول فيلم رسوم متحركة في عام 2012 يحمل اسم الموج والبحر والذي كان يتعلق بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في نفس العام.
ويوضح “حصلت على نقود بقيمة 400 دولار أمريكي، قد يبدو المبلغ قليلا نوعا ما، إلا أنني شعرت بسعادة عارمة في ذلك الوقت وتأكدت بأنني أسير بالطريق الصحيح نحو تحقيق حلمي في إنشاء شركتي الخاصة بهذا المجال”.
ولكن في الوقت الحالي، يقوم الكركي بإنتاج أفلام الرسوم المتحركة مقابل 5000 دولار أمريكي للدقيقة الواحدة، حيث تمكن من تكوين عدد لا بأس به من الزبائن العرب والأجانب.
وتحتاج إنتاجات الكركي الكثير من الوقت، خاصة أن كل ثانية تحتاج إلى 25 صورة ثابتة، ويتطلب شهراً كي يصبح العمل جاهزاً، بينما تحتاج المجسمات الثابتة حسب طبيعة ونوع المجسم، إلى نحو أسبوع من الوقت بأدوات ومواد قد تكون مكلفة بعض الشيء، على حد قوله.
ويعتمد في عمله على ثلاثة برامج متخصصة بالتصميم الغرافيكي وهي “after effect , premier ,Photoshop ” نظرا لعدم توافر البرنامج العالمي لصناعة الأنيميشن في فلسطين “stop motion”.
إضافة إلى ذلك، يواجه الكركي العديد من الصعوبات خلال عملية الإنتاج بسبب عدم توفر كافة المواد والأدوات التي يحتاجها مما يضطر إلى اللجوء إلى بدائل عنها أو حتى صناعتها يدويا كي يستعملها مما يتطلب المزيد من الجهد والوقت.
وحاز الكركي على جائزة أفضل فيلم الأنيميشن بفلسطين عام 2016 من خلال مشروع “الشراكة من أجل التنمية” الذي أطلقته مؤسسة “معا” التنموية التي تنشط في الأراضي الفلسطينية.
ويعمل الكركي على التحضير للمشاركة في مسابقات عربية عالمية، معربا عن ثقته بأنه يسير بخطى ثابتة نحو العالمية.
ويطمح الكركي في إنشاء مركز فلسطيني متخصص في مجال تدريس وصناعة “الأنيميشن”، يضم عدداً من العاملين في خمسة مجالات متخصصة ومتعلقة بذات العمل، في محاولة للقضاء على البطالة في صفوف الشباب.
وبحسب تقرير للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني صدر أخيرا، فإن معدلات البطالة تشكل التحدي الأكبر أمام الشباب الفلسطيني من سن (18 إلى 29 عاما)، إذ بلغت هذه المعدلات 64 % بين الإناث و33 % بين الذكور، وكانت الأعلى في غزة 67 % مقابل 24 % بالضفة الغربية.