أمهل رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان الحكومة الباكستانيّة ستة أيّام لإقرار انتخابات مبكرة بعد إنهائه مسيرة ضمّت الآلاف من أنصاره في إسلام أباد، ليل الأربعاء الخميس.
وكانت الشرطة الباكستانيّة أغلقت صباح الأربعاء مداخل العاصمة ووضعتها تحت حراسة مشدّدة لمنع وصول المسيرة.
وتخلّلت المسيرة اشتباكات في أماكن عدّة واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع عندما حاول المتظاهرون اجتياز الحواجز. وفي وقت متأخر من مساء الأربعاء أصدرت المحكمة العليا قراراً يلزم الشرطة السماح للمتظاهرين بالوصول إلى العاصمة.
وأطاح البرلمان بعمران خان في 10 نيسان/أبريل بحجب الثقة عنه. ويحاول حزبه “حركة إنصاف” منذ ذلك حشد الشارع لتصعيد الضغط على الحكومة الائتلافية الهشة لدفعها نحو الدعوة لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وبعد يومٍ وليلة من التوتّر الشديد، خاطب نجم الكريكت السابق بضعة آلاف من مناصريه المتجمهرين وسط العاصمة، وهو عدد أقل مما كان يتوقّعه.
وقال “الرسالة التي أريد توجيهها إلى هذه الحكومة +المستوردة+ أنّ عليها إقرار انتخابات مبكرة في غضون ستّة أيّام، وحلّ المجالس والدعوة لإجراء الانتخابات في حزيران/يونيو”. وحذّر من أنّه سيدعو لتجمّعات جديدة الأسبوع المقبل إن لم تستجب الحكومة. ودعا بعدها مناصريه إلى إنهاء المسيرة.
وتفرّق أنصاره بعد ذلك بهدوء واستؤنفت حركة السير في العاصمة فيما عاد الوضع إلى طبيعته في بقية أرجاء البلاد.
وقال المحلل السياسي قمر شيما إن التحرّك شكل فشلاً لعمران خان، إذ منع قمع الشرطة مناصريه من البقاء طويلاً في الشارع كما كان يتوقّع.
وأعربت لجنة حقوق الإنسان في باكستان عن “قلقها العميق إزاء الأساليب الاستبدادية التي تستخدمها الشرطة”. وقالت في تغريدة “أثار الردّ المبالغ فيه للدولة العنف في الشارع أكثر ممّا منع حصوله”.
وبتقدير شيما “مع وجود 30 ألف متظاهر فقط، لم يكن البقاء في إسلام أباد لمواجهة الشرطة فكرة سديدة. لو نجح خان في جمع عددٍ أكبر من المحتجيّن لما كان أعطى مهلة للحكومة، إنّه لا يملك قوّة تفاوضيّة”.
وكانت الحكومة أعلنت الثلاثاء أنّها ستمنع هذا التحرّك الهادف حصراً إلى “إحداث شرخٍ وفوضى في البلاد”.
ومن المفترض أن تجرى الانتخابات في تشرين الأول/أكتوبر 2023، وهو التاريخ الذي كان يجب أن تنتهي خلاله ولاية خان المنتخب عام 2018. ويبدو أنّ حكومة شهباز شريف، وبعد تردد، قررت أن تحاول تحسين الأوضاع الاقتصاديّة للبلاد قبل تنظيم انتخابات.
وخلال السنوات الثلاث الماضية، كلّف تردّي الوضعين الاقتصادي والأمني عمران خان منصبه، وعاد حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية بقيادة شريف وحزب الشعب الباكستاني بزعامة عائلة بوتو إلى السلطة ضمن حكومة ائتلافية.
ولطالما هيمن هذان الحزبان المتنافسان على الحياة السياسية لعقود.
وفي وقت كانت تتدهور فيه الأوضاع في نقاط عدّة، تدخّلت المحكمة العليا مساءً وأمرت الحكومة بالسماح للمشاركين في المسيرة بالتجمّع في العاصمة، لكن بعيداً من المراكز الحكوميّة المحصّنة، شرط المحافظة على سلميّة التحرّك.
وكانت المحكمة أمرت في وقت مبكر من مساء الأربعاء، بالإفراج عن الموقوفين في الساعات الأربع والعشرين الماضية، وطالبت الحكومة والمعارضة بالتفاوض لتنظيم مسيرة سلمية وآمنة في العاصمة. كانت الشرطة اعتقلت 1700 من مناصري خان خلال حملة مداهمات ليل الإثنين الثلاثاء، بحسب وزير الداخلية.
وانضمّ خان إلى التحرّك بشكلٍ استعراضيّ إذ هبط بمروحيّته الخاصّة على طريقٍ سريع وسط مناصريه في محافظة خيبر بختونخوا، التي يحكمها حزبه.
وعلى الرغم من أنّ بعض أنصار خان أصيبوا بخيبة أمل، إلا أنّهم عبّروا عن استعدادهم للالتزام بكل قراراته. وفي هذا الإطار يؤكّد بائع الملابس محمد عزير “سنطيعه مهما كانت قراراته ونحن على استعداد للعودة بعد ستة أيام”.
وانتخب عمران خان عام 2018 بعد تنديده بفساد النخب، إلا أنّ البرلمان أصاح به في 10 نيسان/أبريل. ويتمسّك خان بالسلطة ما يعرّض المجتمع الباكستاني لمزيد من الاستقطاب. ولم يتردّد في الادعاء أنّ عزله جاء نتيجة “مؤامرة” أميركيّة، وهو ما تراه واشنطن “تهمة من نسج الخيال”.