يشهد لبنان، حيث تُنظم الأحد المقبل انتخابات لاختيار برلمان جديد، أزمات اقتصادية ومالية واجتماعية غير مسبوقة منذ خريف 2019، لم تتمكن السلطات من الحدّ من تداعياتها جراء غياب التوافق السياسي.
أثار إعلان الحكومة في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019 عزمها فرض رسم مالي على الاتصالات المجانية عبر تطبيق واتساب للمراسلة الإلكترونية، غضب اللبنانيين الذين كانوا بدأوا قبل أسابيع من ذلك تلمس مؤشرات أزمة اقتصادية حادة، فنزلوا إلى الشوارع تعبيراً عن رفضهم القرار، مرددين شعار “الشعب يريد إسقاط النظام”.
ورغم تراجع الحكومة برئاسة سعد الحريري عن فرض الرسم المالي، لكن الاحتجاجات الشعبية استمرت، ليبلغ الحراك الشعبي ذروته بعد ثلاثة أيام مع تظاهر مئات الآلاف في كافة أنحاء البلاد، مطالبين برحيل الطبقة الحاكمة التي لم يمسها أي تغيير جوهري منذ عقود والمتهمة بالفساد وبعدم الكفاءة.
على وقع غضب الشارع، استقالت حكومة الحريري في نهاية تشرين الأول/أكتوبر. وبدأت المصارف منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2019، فرض قيود صارمة على عمليات السحب بالدولار والتحويلات إلى الخارج. وما زالت تدابير غير مسبوقة مستمرة.
في 7 آذار/مارس 2020، تخلّف لبنان الذي كان يرزح تحت دين بقيمة 92 مليار دولار (170 في المئة من إجمالي الناتج المحلي) عن سداد دين خارجي بقيمة 1,2 مليار دولار للمرة الأولى في تاريخه.
وفي 23 منه، أعلنت وزارة المالية “التوقف عن دفع جميع سندات اليوروبوند المستحقة بالدولار”.
في 30 نيسان/أبريل، أعلنت الحكومة خطة إنعاش اقتصادي وطلبت مساعدة صندوق النقد الدولي. وبعد نحو أسبوعين انطلقت المفاوضات بين الطرفين، إلا أنها توقفت في صيف 2020 بعد 17 جلسة جراء خلافات بين الأفرقاء اللبنانيين أنفسهم.
في 4 آب/أغسطس، وقع انفجار ضخم في مرفأ بيروت، أسفر عن مقتل أكثر من مئتي شخص وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح. ونتج عن تخزين كميات ضخمة من مادة نيترات الأمونيوم من دون اجراءات وقاية. وتبيّن لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة سياسية وأمنية وقضائية كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة من دون أن يحركوا ساكناً.
أشعل الانفجار فتيل التظاهرات الاحتجاجية، بعدما كانت تراجعت وتيرتها على وقع التفشي السريع لفيروس كورونا.
في العاشر من آب/أغسطس، أعلن رئيس الحكومة حسان دياب استقالة حكومته تحت ضغط الشارع.
وفي 31 من الشهر ذاته، تمّت تسمية السفير مصطفى أديب لتشكيل حكومة جديدة، قبل ساعات من وصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى بيروت، في زيارة كانت الثانية له منذ وقوع الانفجار.
وأكدّ ماكرون في ختام زيارته حصوله على تعهّد من الأفرقاء اللبنانيين بتسهيل ولادة حكومة ذات “مهمة محدّدة” تنكبّ على إجراء إصلاحات سريعة لضمان الحصول على مساعدات دولية.
لكن في نهاية أيلول/سبتمبر، اعتذر أديب عن عدم تشكيل الحكومة بعدما اصطدم بخلافات حادة بين القوى السياسية.
في 22 تشرين الأول/أكتوبر، كلف رئيس الجمهورية ميشال عون مرة جديدة سعد الحريري تشكيل حكومة.
مطلع حزيران/يونيو 2021، صنّف البنك الدولي الانهيار الاقتصادي في لبنان من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.
وعلى وقع الانهيار الاقتصادي، فقدت الليرة اللبنانية أكثر من تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار وبات أكثر من ثمانين في المئة من اللبنانيين تحت خط الفقر.
في 15 تموز/يوليو وبعد تسعة أشهر من تكليفه، اعتذر الحريري عن عدم تشكيل الحكومة بعدما حالت الخلافات السياسية الحادة مع رئيس الجمهورية دون إتمامه المهمة.
في 26 تموز/يوليو، كُلّف نجيب ميقاتي الذي ترأس حكومتين في 2005 و2011، تشكيل حكومة جديدة.
وبرعاية ماكرون، عقد مؤتمر دولي ثالث لمساعدة اللبنانيين. وتمكن ميقاتي من اتمام مهمته في 10 أيلول/سبتمبر.
في 14 تشرين الأول/أكتوبر، شهدت منطقة الطيونة عند تخوم بيروت توتراً أثناء تظاهرة نظمها حزب الله وحليفته حركة أمل اعتراضاً على أداء المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، تخللها إطلاق رصاص وقذائف. ولم تتضح ملابسات ما حصل، وأودى إطلاق النار بحياة سبعة أشخاص.
واتهم حزب الله وحركة أمل حزب القوات اللبنانية بإطلاق الرصاص عبر قناصة، الأمر الذي نفته القوات بالمطلق. بينما أفادت تقارير أمنية أن مشاركين في التظاهرة استغلوها للقيام باستفزازات عبر تخريب وتحطيم سيارات وواجهات محال في المنطقة، وإطلاق النار.
في 24 كانون الثاني/يناير، اجتمعت حكومة ميقاتي بعد أكثر من ثلاثة أشهر من التعطيل السياسي إثر مطالبة حزب الله الحكومة ببتّ مصير المحقق العدلي وتنحيته قبل بحث أي ملف آخر.
وفي اليوم ذاته، بدأ مسؤولون لبنانيون محادثات رسمية مع ممثلين عن صندوق النقد الدولي بعد مماطلة لمرات عدّة.
في 11 شباط/فبراير، عرض صندق النقد الدولي خارطة طريق لخروج لبنان من أزمته المالية تضمنت إصلاحات في الموازنة لضمان استمرار تسديد الديون وإعادة بناء القطاع المالي وإصلاح الشركات العامة ومكافحة الفساد.
في 7 نيسان/ابريل، أعلن الصندوق توصله بعد أشهر من المفاوضات إلى اتفاق مبدئي مع السلطات اللبنانية على مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار لمساعدة البلاد على الخروج من الأزمة الاقتصادية الهائلة، شرط تنفيذ إصلاحات أساسية. وفشل مجلس النواب المنتهية ولايته في إقرار هذه الإصلاحات.