بقلم: بهاء رحال
نقف على أبواب عيد الفطر الذي نأمل أن يكون سعيدًا على بلادنا وبلاد العالم أجمع، ويتلاقى عيد الفطر هذا العام مع عيد العمال العالمي وخلال شهر رمضان المبارك توالت الأعياد وجاء عيد القيامة المجيد، ووسط هذه الأعياد يعيش الناس تحت وطأة الفرح الناقص، فالحال على نحو خاص في وطننا العربي ليس بخير، فلا لبنان بخير ولا سوريا بخير ولا فلسطين بخير ولا العراق وليبيا واليمن بخير وحتى الدول التي تبدو بخير سياسيًا وشبه مستقرة، غير مصابة بلوثة الاحتلال أو الاقتتال الداخلي والتفكك والتشرذم والطائفية والقسمة والإرهاب، فإنها تعاني من أوضاع اقتصادية غاية في الصعوبة تلقي بنتائج كارثية على المجتمعات كافة سواء من خلال البطالة العالية وشح المدخولات وندرة الموارد وضعف الإنتاج، أو من الارتفاع الملحوظ في مستويات الفقر ومن هم تحت خط الفقر وانعدام أو شبه انعدام الطبقة المتوسطة التي هي ركيزة المجتمعات الأساسية التي تساهم في استقرار ونمو اقتصاديات الدول، وأمام هذا وغيره فإن الفرحة بالعيد تبقى ناقصة، ولا تكتمل في ظل الواقع السياسي والاقتصادي الصعب، بيد أن الناس يحاولون أن يضفو بعض السعادة لكبح جماح الحزن والقلق والاضطراب، الهاجم على أوطاننا بالتودد والتراحم والتعاضد، وهذا يبعث بالأمل ويجعل الأعياد تتجسد بمعناها الحقيقي، وشعائرها الدينية والاجتماعية والاقتصادية، إذ نرى التكافل والتآخي كما نشهد سمو النفس الإنسانية ومحبة الإنسان لأخيه الإنسان، وحتى نكون واقعيين فإن البعض يعكر صفو الصورة فلا عاش رمضان زاهدًا ورعًا متعبدًا، ولا يستقبل الأعياد بمحبة ورحمة، وهؤلاء وإن كانت نسبتهم قليلة فإنهم يطفون على السطح، ويجعلون الصورة ناقصة، وهم في أفواههم دائمي الشكوى والتذمر ولا يعجبهم شيء.
يأتي العيد هذا العام وعروبتنا ليست بخير وشعوبنا ليست سعيدة، وفي ظل كل ما يحدث في هذه السنوات الصعبة يحذونا الأمل لنطرد اليأس، ونحن نعلق الأمنيات بأن العيد القادم سيعود وقد تحققت الأماني ورُفع الظلم وساد العدل والسلام، ونمت بذور النهضة، وعادت أمجاد العروبة، وتحررت بلادنا من الاحتلال، وتخلصت من آفات التطرف والقسمة والإرهاب.
الأعياد فرصة جيدة للتماسك الاجتماعي، في ظل ما نشهده من تحولات عالمية وتكنولوجية، أطاحت بالكثير من صور التماسك والتعاضد داخل المجتمع، أو داخل الأسرة وحتى تسللت إلى العائلة الواحدة، فبات كل واحد منشغل عن الآخر وبات الهاتف المحمول يحكم أوقاتنا وعلاقتنا، وباتت وسائل التواصل الافتراضي وسيلتنا الدائمة في التواصل، ففقدنا مع هذا النوع من التواصل الكثير من دفء المشاعر الإنسانية، التي كانت تنساب في لقاءاتنا المباشرة المغمورة بالأحاسيس وفيض المشاعر. الأعياد فرصة لاستعادة بعض مما فقدناه من أواصر العلاقات خاصة بعد جائحة كوفيد ١٩ التي ضربت الكثير أيضًا من العلاقات، وألقت بظلالها على المجتمعات وفي شتى مناحي الحياة، وهنا فإن هذه الأعياد فرصة لردم بعض الفجوات خاصة في ظل هذه السنوات العجاف التي فيها أوطاننا ليست بخير، وشعوبنا ليست سعيدة، فمتى تأتي السنوات التي يغاث فيها الناس؟ ومتى تأتي الأعياد والشعوب سعيدة؟ ومتى تستعيد العروبة مكانتها وتنهض بأوطاننا وحدة واحدة قوية وصلبة، لا تهزها مؤامرات الاستعمار ولا تنال منها الشرذمة العابرة، ولا تغتالها رياح الفرقة والقسمة والتطرف، عمادها البناء والتطور والازدهار ومحبة البلاد، لتكون أعيادنا سعيدة وأوطاننا بخير. وكل عام وأنتم بخير