تشهد أسواق بالعاصمة السودانية الخرطوم حالة ارتباك وشلل بسبب استمرار تهاوي العملة الوطنية (الجنيه) مقابل العملات الأجنبية.
وكشفت جولة لوكالة أنباء ((شينخوا)) بسوق (السجانة) بغرب الخرطوم وسوق (نمرة 2) بوسط الخرطوم ، والسوق (المركزي) جنوب الخرطوم ، عن توقف أغلب المحلات التجارية عن بيع المنتجات بسبب عدم القدرة على تحديد أسعارها.
وتأثرت بصورة خاصة محلات مواد البناء بسوق (السجانة) ، وهو أشهر سوق لمواد البناء بالخرطوم ، وأحجم أغلب التجار عن بيع تلك المواد.
وقال أزهرى خالد وهو مورد رئيسى لمواد البناء وصاحب محل بسوق السجانة ، فى تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم (الجمعة) ” ليس لدى خيار غير إيقاف البيع ، على مدار الساعة تتغير الأسعار بسبب انهيار كبير فى أسعار الجنيه”.
وأضاف ” نخشى خسارة تخرجنا خارج السوق إذا ما قررنا المجازفة ببيع البضاعة التى بطرفنا ، لأنه من المؤكد أن سعرها سيتضاعف غدا”.
وفى سوق (نمرة 2) اختفت ماركات حديثة من الهواتف النقالة أبرزها الأجيال الحديثة من (ايفون) وسامسونج .
وقال أحمد زاهى وهو صاحب متجر رئيسى لبيع الهواتف النقالة والحواسيب بسوق (نمرة ٢) ، لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم ” من الطبيعى أن تختفى الماركات الحديثة من الهواتف النقالة فى ظل حالة الاضطراب التى تسود السوق”.
وتابع ” قبل أسبوع مثلا كنا نبيع هاتف (أيفون 12) بمبلغ 650 ألف جنيه سوداني وكانت تساوى بالضبط مبلغ 1400 دولار ، وإذا تم بيعه الأن بذات السعر فذلك يساوى حوالى ألف دولار فقط”.
ولم يختلف الحال فى محلات بيع قطع غيار السيارات بسوق (نمرة 2) ، وتلاحظ الإحجام الواضح عن البيع من قبل تجار السوق.
وقال صلاح الدين متولى وهو مدير مبيعات بشركة (النصر لقطع غيار السيارات) لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم ” أوقفنا بيع قطع الغيار فى ظل الواقع الراهن”.
وأضاف ” نحن نستورد قطع الغيار بالنقد الأجنبى ، ولا نستطيع بيعها فى ظل تراجع أسعار الجنيه وعدم إمكانية بيعها بالعملات الأجنبية ، لا خيار لدينا سوى إيقاف البيع حتى تتضح الصورة ويستقر سعر صرف العملة الوطنية”.
وفى السوق المركزى بجنوب الخرطوم شهدت أسعار السلع الاستهلاكية ارتفاعا كبيرا مما يثير المخاوف مع اقتراب شهر رمضان.
وكشفت جولة ((شينخوا)) داخل السوق المركزى عن ارتفاع سعر جوال (السكر) زنة (50 كيلو جراما) من 18 ألف جنيه سوداني إلى 25 ألف جنيه ، فيما وصل سعر زيت الطعام (زنة 36 رطلا) 24 ألف جنيه بدلا عن 17 ألف جنيه.
واشتكى عبد العظيم عوض وهو تاجر مواد استهلاكية بالسوق المركزى من حالة ركود عام بسبب ارتفاع الأسعار.
وقال “هناك ركود واضح وإحجام عن الشراء فى ظل الارتفاع الجنوني للأسعار”.
ويواجه السودان أزمة اقتصادية خانقة بعد أن علقت الولايات المتحدة الأمريكية ووكالات دولية مساعدات بمئات الملايين من الدولارات.
وتوقفت عملية إعفاء ديون السودان بموجب مبادرة صندوق النقد الدولي المعزز للبلدان الفقيرة المثقلة بالديون.
وسارعت واشنطن إلى تجميد مبلغ 700 مليون دولار من المساعدات الطارئة ، بينما توقفت عملية دفع مبلغ 500 مليون دولار من الدعم المباشر للميزانية الذي كان متوقعا في أواخر نوفمبر الماضي من وكالات التنمية.
كما لم يتم الحصول على 150 مليون دولار أخرى من ما يسمى بحقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي ، والتي تستخدم لتعزيز الاحتياطيات الرسمية.
ومنذ انفصال جنوب السودان فى العام 2011 ، يواجه السودان أزمة اقتصادية خانقة بعد أن فقد ثلثى إنتاجه النفطى.
وفى العام 2012 أقر السودان خمس حزم لرفع الدعم عن المحروقات ودقيق الخبز، مما أدى إلى سلسلة من الاحتجاجات.
وازدادت الأزمة الاقتصادية استفحالا فى العام 2018 ، وأدت إلى اندلاع ثورة شعبية في ديسمبر 2018 ، وأسفرت فى 11 إبريل 2019 عن الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير.
وبدأت الحكومة الانتقالية السابقة التى تشكلت فى العام 2019 برئاسة عبد الله حمدوك فى تنفيذ خطة إصلاح هيكلية يراقبها صندوق النقد الدولي ، فى مسعى للحصول على إعفاء الديون الخارجية التى تبلغ نحو 60 مليار دولار.