قالت مجلة ”نيوزويك“ الأمريكية، في تحليل لها السبت، إنه بينما تتكشف معركة الإرادات والقوة بين روسيا والغرب حول مصير أوكرانيا، هناك حقيقة أساسية واحدة يجب وضعها في الاعتبار، وهي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يخسر أي حرب أبدًا.
ولفتت إلى أنه خلال الصراعات السابقة في الشيشان وجورجيا وسوريا والقرم على مدى عقدين من حكمه، نجح بوتين في إعطاء قواته المسلحة أهدافًا عسكرية واضحة وقابلة للتحقيق، من شأنها أن تسمح له بإعلان النصر بمصداقية في نظر الشعب الروسي وبحذر في نظر العالم، مضيفة: ”من غير المرجح أن تكون مبادرته الأخيرة في أوكرانيا مختلفة“.
مفاجأة للأوكرانيين
وأوضحت المجلة أنه وعلى الرغم من شهور من الحشد العسكري على طول حدود أوكرانيا، والتحذيرات المتكررة من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من احتمال حدوث توغل في أي وقت، فإن حملة القصف، فجر الخميس، التي أطلقت أول حرب برية في أوروبا منذ عقود بدت مفاجئة لكثير من الأوكرانيين.
وقالت: ”في المدن الكبرى في جميع أنحاء أوكرانيا، وهي بحجم ولاية تكساس، شاهد الأوكرانيون بذهول واستمعوا إلى أصوات الانفجارات المدوية التي تستهدف القواعد العسكرية والمطارات والقيادة والسيطرة الأوكرانية، على الرغم من تطمينات رئيسهم المتكررة بأن روسيا لن تغزو البلاد“.
ولفتت المجلة إلى أنه في غضون 24 ساعة انتشر الصراع بسرعة، إذ تحركت الدبابات والقوات الروسية بسرعة باتجاه العاصمة كييف، وقاتلت حول تشيرنوبيل، موقع الانهيار الكارثي للمفاعل النووي عام 1986.
تدمير أمن أوروبا
وذكرت بأنه في لحظة أدى غزو بوتين لأوكرانيا إلى تدمير النظام الأمني في أوروبا بعد الحرب الباردة، وهو النظام الذي تمحور حول غضب روسيا من قبل تحالف ”الناتو“ الذي غالبًا ما يتوسع، مشيرة إلى أن كثيرا من المحللين يتوقعون أنه بمجرد سقوط كييف، فإن الغزو سوف يفسح المجال لتسوية سياسية تضع حكومة صديقة لروسيا في مكانها.
وبحلول يوم الجمعة، كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يدرس دعوة من موسكو لإجراء محادثات ”حيادية“ في بيلاروسيا المجاورة، بحسب المجلة، التي لفتت إلى أنه إذا جرت هذه المحادثات، فسيكون بوتين قادرًا عندئذٍ على سحب القوات، وإنهاء الصراع، ”مع توجيه ضربة مذلة للغرب“.
وقالت: ”يتفق الخبراء العسكريون والروس على أن هذه قد تكون النقطة الحقيقية“، حيث إن أوكرانيا بالطبع ليست عضوا في الناتو، واحتمال انضمامها إلى الحلف في يوم من الأيام، كما فعلت الدول الأخرى التي كانت ذات يوم جزءًا من الكتلة السوفيتية القديمة، هي قضية رئيسية في الصراع الحالي.
تصرفات بوتين
واعتبرت ”نيوزويك“ أن تصرفات بوتين التي تمثل تحديًا فظًا في مواجهة التحذيرات والتهديدات المتكررة بفرض عقوبات من بايدن وحلفاء غربيين، تجعل الأمر الآن مؤكدًا بأن هذه العضوية لن تحدث أبدا، وسيكون عدوان بوتين بمثابة تحذير صارخ للبلدان التي كانت في السابق جزءًا من الاتحاد السوفيتي من التداعيات المحتملة للتقرب من الغرب“.
وقال فيودور لوكيانوف، رئيس تحرير صحيفة روسيا في الشؤون العالمية، وهي مجلة في السياسة الخارجية ومقرها موسكو، إن الوضع لما بعد الاتحاد السوفيتي في أوروبا الشرقية ”لم يقبله بوتين أبدًا.. ما كان يأكله من الداخل هو اعتقاده أن روسيا عوملت من قبل الغرب كمواطن من الدرجة الثانية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي“.
قطع رأس القيادة
ووفقا للمجلة، يعتقد الدبلوماسيون الغربيون ومسؤولو الاستخبارات أن بوتين يسعى إلى قطع رأس القيادة الأوكرانية ذات الميول الغربية برئاسة زيلينسكي، واستبدالها بحكومة ستكون موالية لـ ”القيصر الجديد“، وهو لقب بوتين دعاه به رئيس استونيا السابق.
ونقلت المجلة عن مسؤولي المخابرات الأمريكية قولهم إن هذا يمكن أن يحدث في غضون أيام، وإن بوتين لا يريد ولا يحتاج إلى احتلال البلاد بأكملها لتحقيق أهدافه الكبرى.
وقالت المجلة: ”يبدو أن أوكرانيا نفسها تشارك على الأقل جزءًا من هذا الرأي، إذ أوضح بيان صادر عن ميخايلو بودولاك، مستشار رئيس ديوان الرئاسة الأوكرانية، ما تشتبه كييف في أنها أهداف موسكو الحقيقية“.
وأضافت: ”يعتقد مكتب رئيس أوكرانيا أن لدى الاتحاد الروسي هدفين تكتيكيين، هما الاستيلاء على الأراضي، ومهاجمة القيادة السياسية الشرعية لأوكرانيا؛ من أجل نشر الفوضى وتنصيب حكومة دمية من شأنها أن توقع اتفاق سلام بشأن العلاقات الثنائية مع روسيا“.