كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” أن اتصالا هاتفيا جرى عام 2020 بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس وزراء إسرائيل السابق بنيامين نتنياهو بشأن برنامج “بيغاسوس” التجسسي الإسرائيلي.
وجاء ذلك ضمن إطار تقرير مطول كشفت فيه الصحيفة الأمريكية عن نتائج تحقيقها الذي استمر عاما واحدا في بيع إسرائيل برنامج “بيغاسوس” من إنتاج شركة NSO سيئة الصيت سرا إلى دول مختلفة استخدمها عدد منها لاحقا بطريقة غير قانونية مخالفة لحقوق الإنسان.
وضمن هذا التقرير، أكدت الصحيفة أن السلطات الإسرائيلية صادقت على بيع “بيغاسوس” إلى السعودية في عام 2017، عندما تم إبرام عقد للتركيب الأولي بقيمة 55 مليون دولار.
ومنذ ذلك الحين تولت مجموعة صغيرة من الأعضاء البارزين في القيادة العسكرية الإسرائيلية تحت الإمرة المباشرة من نتيناهو، دورا متقدما في التبادلات مع السعودية، مع اتخاذ “أقصى درجات السرية”، وفقا لما ذكر مصدر إسرائيلي منخرط في الموضوع للصحيفة.
وقال مسؤول إسرائيلي للصحيفة إن حكومة نتيناهو بهذا المشروع كانت تأمل في “كسب ولاء وامتنان” ولي العهد السعودي.
وفي السنوات اللاحقة شكلت NSO “لجنة أخلاقيات” مؤلفة من مسؤولين أمريكيين سابقين معنيين بالسياسات الخارجية من الحزبين الديمقراطي والجمهوري على حد سواء، وأصبح بإمكان هذه اللجنة تقديم توصيات إلى الشركة بشأن زبائن محتملين.
وبعد اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية المملكة في اسطنبول مطلع أكتوبر 2018، عقدت اللجنة جلسة طارئة للنظر في مزاعم استخدام منتجات لـNSO في هذه القضية.
وأكدت الصحيفة أن أحد مؤسسي والمدير التنفيذي لـNSO، شاليف خوليو، نفى بشدة استخدام “بيغاسوس” للتجسس على خاشقجي.
وشدد خوليو على أن الفحوصات التي أجرتها NSO بموافقة الزبائن السعوديين لم تكشف آثار استخدام أي من منتجاتها ضد خاشقجي، غير أن اللجنة حثت الشركة على شطب “بيغاسوس” في المملكة ونصحت الشركة برفض أي طلب من الحكومة الإسرائيلية بإعادة توصيل المملكة بنظام القرصنة.
لكن في العالم التالي غيرت NSO نهجها عندما اقتنت شركة Novalpina البريطانية حزمة كبيرة من أسهم الشركة الإسرائيلية بقيمة مليار دولار، وفي عام 2019 وافقت NSO على إعادة توصيل السعودية بنظام “بيغاسوس”.
ولفتت الصحيفة إلى أن إسرائيل، حتى حين توقيع “اتفاقات أبراهام” في سبتمبر 2020، منحت جميع الموقعين عليها تقريبا التراخيص باستخدام منتجات NSO.
وبعد شهر من إبرام “اتفاقات أبراهام”، انقضى الترخيص الممنوح إلى السعودية، ورفضت وزارة الدفاع الإسرائيلية (التي كان يعود إليها هذا القرار) تجديده، بدعوى سوء استغلال المملكة لـ”بيغاسوس”.
وأوضحت الصحيفة أنه لم يكن بإمكان NSO تقديم أي خدمات صيانة روتينية لمنتجاتها في المملكة دون هذا الترخيص.
ووفقا للصحيفة، بعد أن أخفقت اتصالات عديدة بين مساعدين لولي عهد السعودية ومسؤولين في NSO و”الموساد” ووزارة الدفاع الإسرائيلية في تسوية الوضع، أجرى الأمير محمد بن سلمان شخصيا “اتصالا طارئا” مع نتنياهو، في مسعى لتجديد الترخيص.
وأقرت الصحيفة بأن الأمير محمد كان يحظى بنفوذ كبير، خاصة وأنه كان بإمكانه إعادة إغلاق المجال الجوي فوق السعودية أمام رحلات الطيران الإسرائيلية المتوجهة لأول مرة في التاريخ إلى الخليج، ما كان سيؤدي إلى انهيار مكون مهم ضمن “اتفاقات أبراهام”.
وأكدت الصحيفة أن مكتب نتنياهو عقب المكالمة أصدر أمرا إلى وزارة الدفاع بمعالجة المشكلة، وفي الليلة نفسها اتصل مسؤول في الوزارة بغرفة عمليات NSO بطلب استئناف عمل “بيغاسوس” في السعودية.
ولفتت الصحيفة إلى أن مسؤولا في NSO رفض تلبية هذا الطلب ما لم يحصل على ترخيص رسمي، غير أنه، عندم أبلغ بأن هذا الأمر يأتي من نتنياهو مباشرة، وافق على تسلم رسالة إلكرتونية بهذا الشأن من وزارة الدفاع، وبعد وقت وجيز تم استئناف وصول الحكومة السعودية إلى “بيغاسوس”، وفي الصباح القادم نقلت إلى الشركة وثيقة رسمية بشأن تجديد الترخيص من وزارة الدفاع.