يكاد يكون إبعاد زعيم حزب “الليكود” بنيامين نتنياهو عن سدة الحكم في إسرائيل هو الحدث الأبرز للدولة العبرية لعام 2021.
ففي النصف الثاني من العام الجاري بدأ الإسرائيليون بالاعتياد على حقيقة أنهم يمكن أن يستمروا بحياتهم بدون نتنياهو الذي حكم إسرائيل لأكثر من 12 عاما.
ولكن التساؤلات عن إمكانية عودة نتنياهو إلى الحكم ما زالت قائمة في وقت يشعر فيه الكثيرون بأن التحالف الذي يقود الحكومة هشا قد ينهار في أي لحظة، في ضوء الاختلافات السياسية ما بين الأحزاب المشكلة للحكومة.
وقال محمد السيد، الإعلامي الخبير في الشأن الإسرائيلي، في حديث لـ”العين الإخبارية” الإماراتية: “نتنياهو هو صاحب الفترة الأطول في حكم إسرائيل، وقد تعود عليه الإسرائيليون إلى درجة أن البعض بدأ يطلق عليه (ملك إسرائيل)”.
وأضاف: “وبالتالي فقد تحول إلى ملك إسرائيل من خلال السنوات المتراكمة بالحكم، وفي نفس الوقت فهو أبهر الإسرائيليين بأدائه الإعلامي الجيد جدا الذي فاق تقريبا كل من سبقوه من رؤساء الوزراء وتحكمه باللغة الإنجليزية بشكل جيد جدا”.
وتابع السيد: “بالإضافة إلى أن نتنياهو حاول أن يقنع الشارع الإسرائيلي بشكل عام بأنه الوحيد القادر على مجابهة إيران، وأنه الوحيد القادر على الوقوف في وجه الإدارة الأمريكية على عكس الآخرين، وقد اقتنع الشارع الإسرائيلي فعلا بهذا الرجل وتعود عليه”.
وتمكن نفتالي بينيت، (49 عاما) ورجل أعمال سابق يقود حزب “يمينا” اليميني، من تشكيل حكومة قادت منتصف يونيو/حزيران 2021 نتنياهو إلى خارج الحكم.
ومثلت الحكومة المتشكلة من الأحزاب اليمينية والوسطية واليسارية الإسرائيلية، إضافة إلى حزب القائمة العربية الموحدة، مفاجأة بالنسبة للكثيرين بسبب خلافاتها السياسية.
لكن تشكيل الحكومة مثّل إنقاذا للشارع الإسرائيلي، الذي شعر بالتعب بعد 4 انتخابات متتالية خلال عامين، وإن كان ترؤس بينيت لها شكل سابقة في تاريخ إسرائيل، باعتبار أن حزبه لا يملك سوى 7 من إجمالي 120 في الكنيست.
ووفقا للاتفاق الحكومي فإن بينيت سيشغل رئاسة الحكومة لمدة عامين قبل أن يتبادل منصبه مع زعيم حزب “هناك مستقبل” ووزير الخارجية يائير لابيد لمدة عامين.
ونجحت الحكومة الجديدة لأول مرة منذ 3 سنوات بالحصول على مصادقة الكنيست على ميزانية للعامين 2021 و2022 ما زاد من التوقعات بصمود الحكومة رغم التحديات.
الخبير في الشأن الإسرائيلي محمد السيد قال إن “حزب هناك مستقبل برئاسة يائير لابيد هو أكثر حرصا على بقاء هذه الحكومة كي يأخذ نصيبه في رئاستها حتى لو كان لفترة قصيرة وبالتالي فهو مصر على وجودها”.
وتابع: “أضف إلى ذلك فإن القواسم المشتركة بين كل الأحزاب اليسارية والوسطية واليمينية هو الإطاحة بنتنياهو، وبالتالي فقد صوتت للميزانية وتم تمريرها”.
ولكن ثمة تقديرات بوجود العديد من العقبات أمام الحكومة وعلى رأسها الخلاف بشأن الملف الفلسطيني-الإسرائيلي.
وتعارض أحزاب “العمل” و”ميرتس” والقائمة العربية الموحدة النشاط الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية رغم حماسة الأحزاب اليمينية لهذا النشاط.
ويمارس النواب العرب ضغوطا على القائمة العربية الموحدة لوقف دعمها للحكومة الإسرائيلية مع استمرار سياسة الاستيطان.
وتسود تقديرات بوقف القائمة العربية الموحدة دعمها للحكومة في حال قيامها بأي عملية عسكرية ضد غزة أو نشاط تهويدي بمدينة القدس الشرقية.
[بينيت ولابيد]
وفي هذا الصدد يرى “السيد” أن الخلافات ما بين الأحزاب المشكلة للحكومة كبيرة ولكن ما يجمعها هي الموقف بشأن الملف السياسي الخارجي.
وقال: “الخلافات ما بين الأحزاب المشكلة للحكومة عميقة جدا ولكنهم مجمعون في الموقف على الشأن الخارجي والكل يحاول أن يثبت أنهم أكثر حرصا على إسرائيل ومستقبلها والوضع الإقليمي”.
وأضاف: “التركيبة الحالية للحكومة ضعيفة وهشة ترتكز على صوت واحد عربي وقد ينهار هذا الائتلاف في أي لحظة ولكن يحافظون عليه بكل قوة”.
وفي الشأن الخارجي تركز الحكومة الحالية على الملف الإيراني في وقت يشكك فيه نتنياهو بقدرة الحكومة على مواجهة الإدارة الأمريكية التي تتجه للعودة إلى الاتفاق مع إيران.
[رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو]
وتستمر محاكمة نتنياهو بتهم الفساد ومع ذلك فهو لم يفقد الأمل بالعودة إلى الحكم، حيث يقول “السيد”: “حتى اللحظة لا أستطيع أن أقول إن الإسرائيليين تأقلموا على غيابه، فلا يزال الشارع حتى الآن متمسكا بأن نتنياهو قد يعود”.
وأشار إلى أنه “لا شك بأن الليكود عائد إلى الحكم في إسرائيل، ولكن السؤال هو هل نتنياهو هو من سيعود أم لا؟ فحتى اللحظة فإن مؤيدي الليكود والأحزاب المتحالفة معه يقولون إنهم يرون أنه العائد، وهو نفسه لم ينف ذلك”.
وتابع: “نتنياهو ما زال يشعر بأنه هو الأقوى وهو الأجدر برئاسة الحكومة، وعندما يقال رئيس وزراء يتبادر إلى الذهن في إسرائيل فورا نتنياهو”.