هآرتس – بقلم: عميرة هاس “كمن الجنود ليلاً منتظراً مجيء الطفل أمجد أبو سلطان، ابن 14، ثم قتلوه. من أشهر مصادر معلومات الجيش هم منسقو الشاباك. وحسب المتحدثين بلسان الشاباك، فقد أبلغ الفتى المنسق في بيت لحم بأنه ينوي إلقاء زجاجة حارقة، وأنه هو الذي نفذ الأعمال التي بسببها ألقي القبض على صديقه. في مراسلة عبر “الماسنجر” التي عُثر عليها في هاتف الفتى، كتب المنسق للطفل بأنه فاشل ولا يعنيه.
بالترجمة إلى لغة البالغين، فإن المنسق قد استفز الطفل ودفعه “للقيام بفعل أكبر”. لماذا استفزه؟ لماذا لم يأمر الجيش باعتقال الفتى؟ في نهاية المطاف، الجيش والشرطة يعتقلون فلسطينيين حتى بسبب تصريحات وثرثرة أقل فظاظة. لماذا قتل الجنود الفتى بدلاً من إلقاء القبض عليه؟ يبدو لنا هذا، عائلة الفتى وأنا، كأنه إيقاع الفتى في الفخ، هل من أجل قتله؟ بهذا، نلفت انتباه المنظمة الإسرائيلية “آباء ضد اعتقال الأطفال”.
من المكان الذي اختبأ فيه الجنود، شاهدوا أمجد وفتى آخر قادمين إلى أطراف بيت جالا مساء الخميس، 14 تشرين الأول. كم عدد الجنود الذين كانوا هناك؟ 12؟ 8؟ 5؟ لا نعرف. كان يجب أن يكونوا قد شاهدوا الفتيين وهما ينزلان إلى الوادي، بين أشجار الزيتون والصخور. وتابعوهما أثناء سيرهما في الطريق، وبعد ذلك يصعدان إلى أعلى باتجاه الجدار. كان أمجد يضيء الطريق بهاتفه، قال الفتى الآخر الذي ألقي القبض عليه وحده. تم اعتقاله وتم إطلاق سراحه بعد بضعة أيام. يمكن للجنود اعتقال أمجد أيضاً وهو على قيد الحياة، إذ لم تكن هناك أي مواجهة عسكرية، ولم يظهر هناك راشقو حجارة وملقو زجاجات حارقة بشكل مفاجئ.
ثلاث رصاصات اخترقت ظهر أمجد. اتجاه الإطلاق كان من أسفل إلى أعلى. ومن هنا نعرف طبيعة الطبوغرافيا على سفح التلة. فالجنود كانوا في مكان منخفض، والفتى يعلوهم، لكنه ما زال بعيداً عن الجدار المقام على طول شارع الأنفاق. الفتى، وظهره للجنود، كان يحمل زجاجة حارقة، أشعلها عندها أطلق عليه النار. سقطت الزجاجة الحارقة من يده، اشتعلت النار وانطفأت من تلقاء نفسها.
عودة إلى الوراء. جنود مدربون ومسلحون ويتفوقون على الفتى الذي أمامهم بالعدد والسن والطول والمؤهلات القتالية والسلاح، قتلوه بدلاً من اعتقاله، قتلوه وتجاوزوا معايير القانون الدولي، التي تسمح لمنفذي القانون والنظام بإزهاق حياة شخص والحزم المطلق والتناسب. هذا يسمى إعداماً يخالف القانون.
لقد كتبت في السابق مرتين عن أمجد أبو سلطان، لكن قتله المتعمد يستحق أكثر، حتى لو كان يحمل زجاجة حارقة في يده. بدأت حياته زمن قصف إسرائيل لغزة، واستمرت قصيرة في بيت لحم، عاشها بين الجدران والأسلاك الشائكة وأبراج المراقبة العسكرية والشوارع الممنوعة والجنود الملثمين الذين صوبوا بنادقهم أثناء اقتحام الأحياء السكنية أكثر من مرة. مع ذلك، كان يضحك كثيراً، وله حس دعابة وصبياني، وكان يحرث بيت لحم الجبلية بقدميه وبالدراجة الكهربائية. بالفعل، رشق موقعاً عسكرياً محصناً قرب الجدار، بالحجارة. وذات مرة، أصيب بالرصاص.
منسق الشاباك لمنطقة بيت لحم كان اسمه الكابتن وسام أبو أيوب. لدى الكابتن، مثل منسقي شاباك آخرين، صفحة نشطة في “الفيسبوك”، اعتاد بواسطتها على التوجه لرعاياه مباشرة وكتابة التهنئة والاهتمام بسلامتهم. عبر هذا النشاط، راسل الكابتن أبو أيوب، الفتى أمجد، وبدأ هذا بعد عدة ردود نشرها أمجد على منشورات الكابتن صاحب الاسم المستعار، وواصل بمراسلات شخصية عبر “الماسنجر”.
الشاذون جنسياً يعرفون بأن الفتيان يكثرون من استخدام الشبكات الاجتماعية. وبالتالي، قد يجدون فريستهم بسهولة. يعرف الشاباك أن الأولاد الفلسطينيين يكثرون من استخدام هذه الشبكات، ويعرفون أيضاً أن الأولاد الفلسطينيين (والبالغين أيضاً) ينشرون الشتائم ضد الدولة المحتلة ومن يمثلها، ويمتدحون من يعتقدون بأنه يناضل ضدها ويتحداها (مثل محمد ضيف). ولكن الشجارات اللفظية مع وكيل الشاباك الناشط في “الفيسبوك”، تطلق البخار المضغوط لدى الأولاد الفلسطينيين الذين لا يفهمون عجز آبائهم وعجز القيادات السياسية.
نشر الكابتن أبو أيوب على الملأ عبر “الفيسبوك” رقم هاتفه. اتصل من خلاله مع أسامة، والد أمجد، في 15 تشرين الأول، وأبلغه بأن الجيش قتل ابنه وأنه يحتفظ بجثمانه (أعيد الجثمان بعد خمسة أسابيع). لماذا لم يتصل مع الوالدين قبل ذلك؟ ولماذا لم يحذرهما مسبقاً بمنع ابنهما من الوصول إلى قرب الجدار؟ ولماذا كان من المهم جداً للشاباك والجيش جر أمجد ابن 14 إلى مصرعه؟