لم يشكل الاتفاق الأمني الذي وقعته إسرائيل مع المغرب، مصدر إزعاج للجزائر التي اعتبرته موجها ضدها، فحسب، بل دخلت إسبانيا هي الأخرى على خط القلق.
اتضح ذلك في تقرير للاستخبارات الإسبانية بعنوان “سحابة حمراء في سماء مدريد” يحذر من الخطر الذي قد يمثله هذا التقارب، إذ تخشى مدريد حدوث تغير في موازين القوى في المنطقة.
وبحسب التقرير، قد تتهاوى مصالح مدريد في المتوسط بفعل هذا التقارب المتزايد، الذي يمنح الرباط القوة والنفوذ في المنطقة، وفقا لوكالة “فرانس برس”.
وأكثر ما يقلق إسبانيا، بحسب التقرير، أن يتحول المغرب إلى قوة إقليمية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، بفضل ذلك الاتفاق الأمني والعسكري مع إسرائيل، لأنه سيمكن الرباط الحصول على معدات أمنية عالية التقنية.
كما تنظر إسبانيا بعين القلق من نتيجة التعاون المغربي مع إسرائيل بموجب الاتفاق في التخطيط العلمياتي وفي مجالات البحث والتطوير التكنولوجي العسكري والحصول على معدات إسرائيلية عالية التكنولوجيا بسهولة.
وقد دق التقرير ناقوس الخطر بشأن ما يتضمنه الاتفاق من بناء قاعدة عسكرية شمال المغرب، بالقرب من مدينتي سبتة ومليلية اللتين تعتبرهما المغرب مدينتين مغربيتين محتلتين.
يأتي هذا فيما أكد قائد القوات المسلحة الإسبانية تيودورو أوبيز كالديرون أنه لا يعتقد أن المغرب يشكل حاليا “تهديدا” لسبتة ومليلية، الجيبين الموجودين شمال المغرب تحت السيادة الإسبانية، لكن المغرب يعتبرهما مدينتين محتلتين ويطالب باستعادتهما.
ويرى حسني العبيدي، الأستاذ المحاضر في جامعة جنيف، أن خوف إسبانيا ينبع من أن الاتفاق يشمل بناء قاعدة عسكرية قرب سبتة ومليلية، بالإضافة إلى بناء مصنع لتصنيع معدات عسكرية بما فيها طائرات مسيرة بتقنية إسرائيلية.
ويضيف في حديثه لإذاعة مونت كارلو الدولية، أن إسبانيا باتت تعتبر الاتفاق تهديدا لمصالحها في المنطقة، وتتخوف من حدوث اختلال في موازين القوى بأن تصبح الرباط قوة عسكرية في شمال أفريقيا، لأن هذا قد يشعل سباق تسلح في المنطقة.
كما تخشى إسبانيا شيئًا مهما آخر من وجهة نظر العبيدي، فهي عضو في الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي ولديها نفوذ تاريخي مهم في منطقة شمال أفريقيا، وتقع العديد من القواعد العسكرية التابعة للحلف الأطلسي على أراضيها، وبالتالي فإنها قد تفقد تلك الأهمية مجبرةً لصالح المغرب.
يقول: “تزايد قوة العلاقات بين المغرب وإسرائيل يمكن أن يؤهله لأن تصبح له علاقات متقدمة مع الولايات المتحدة، العضو الأساس في الحلف الأطلسي، ومن شأنه في النهاية أن يفقد إسبانيا أهميتها الاستراتيجية، إضافة إلى أن المغرب سيصبح له نفوذ عسكري قد يوظفه لصالحه في منطقة المتوسط”.
ورغم أنه من المفترض أن يكون هذا التقرير الاستخباري الإسباني سريا، فقد جرى تسريبه على نحو يراه المحلل حسني العبيد “مقصودا” تنشد حصول تجاوب من قبل الإسبان والمجتمع الدولي مع مخاوفها.
ومع ذلك، فقد صرح قائد القوات المسلحة الإسبانية الأدميرال تيودورو لوبيز كالديرون، بأنه لا يعتقد أن المغرب يشكل “تهديدًا” لسبتة ومليلية.
وأكد أن “المنافس” الرئيسي للمغرب هو الجزائر حاليًا، وأن “المشكلة الأكثر خطورة” التي تواجهها الرباط هي صراعها مع جبهة البوليساريو، ولذلك لا يعتبر أن تكديس المغرب للأسلحة في السنوات الأخيرة يشكل “تهديدًا واضحًا لإسبانيا” ولا على سبتة ومليلية.