عاش مرارة الهزيمة وفرحة النصر، وخط بحبره ودمه أيضا مئات الأغنيات قبل وأثناء وبعد عبور خط بارليف، عاد من سيناء سيرا على قدميه إلى القاهرة بعد تحقيق النصر.
“سبوتنيك” التقت الشاعر الغنائي عبد العزيز زين العابدين أحد أبطال نصر أكتوبر والذي لقبه البعض بـ “شاعر الجبهة”، ليسرد لنا تفاصيل أحد أكثر الأيام أهمية في تاريخ مصر الحديث.
بدأ عبد العزيز حديثه قائلا: “ظللت في الخدمة العسكرية لمدة 7 سنوات، وعشت آلام ومرارة النكسة، كان الحزن يغطي وجوه كل المصريين، وكنا كمن نزعت كرامته، وكنا نتمنى من الله أن تأتي ساعة المعركة”.
ويضيف أن اليأس كان قد تمكن من قلوب المصريين، ورغم أنه كان يتدرب مع زملائه الجنود في كتائبهم، إلا أنهم لم يصدقوا أنهم سيحاربون ويعبرون القناة ويحققون انتصارا تتغنى به أجيال.
وتابع عبد العزيز: “بدأنا في مناورة تدريبية سبقت شهر رمضان عام 1973 بثلاثة أيام، إلى أن وصلت وحدتي العسكرية لمدينة الإسماعيلية في 4 أكتوبر 1973، ولم نكن نعلم بشيء، حتى قال لنا قادتنا الآن نستطيع أن نحكي لكم سر هذه المناورة، ستحاربون بعد غد”.
“يسرح” الجندي المصري السابق قليلا وكأنه يغوص في بئر الذكريات، ثم يقول: “أذكر جيدًا أن هذه اللحظة كانت ملحمية، كنا كجنود نحضن بعضنا البعض من شدة فرحتنا، ولك أن تتخيل أن مئات الجنود يساقون إلى الحرب والموت وهم فرحون بشكل لا يصدق، كنا سعداء بأننا أخيرا سنتخلص ممن حرمونا من كرامتنا وحريتنا”.
ويتابع عبد العزيز: “في يوم السادس من أكتوبر في حوالي الساعة الثانية وعشرة دقائق، بدأ سلاح الطيران المصري يهاجم مواقع العدو ويقصفها، وبعد الضربة الجوية بدأ سلاح المدفعية في إطلاق وابل من القذائف، وبعد نهاية مهمة سلاح المدفعية بدأنا كقوات مشاة في العبور، بدأنا في إعداد الزوارق المطاطية، واقتحمنا وعبرنا المانع الترابي، وأنا شخصيا اشتبكت مع العدو، حتى أصبت”.
ويتذكر عبد العزيز لحظة إصابته والتي كانت ناتجة عن قصف الجيش الاسرائيلي في هجومه المضاد على مخابيء القوات المصرية التي اتخذوها في خط بارليف بعد اقتحامه، ما عرضه لشظايا أصابت قدمه وظهره، في حين بترت قدم أحد أصدقاءه الجنود ويدعى حسانين أحمد محمود، فحمله إلى أن تم نقل كلاهما إلى مستشفى القنطرة.
ويضيف: “أكثر ما جعلنا نشعر بالفرح خلال وجودنا بالمستشفى هو أنباء اعتقال كتيبة الضابط الإسرائيلي عساف ياجوري، وما جعلني أندهش هو ملاحم الحب التي رأيتها بعيني في مستشفى القنطرة والقصص المليئة بالإنسانية، حتى أنني رأيت ممرضة تقع في غرام جندي بترت قدماه، ومن شدة شعورها بالفخر والاعتزاز عرضت عليه الزواج”.
وعن قصة عودته من الجبهة سيراعلى الأقدام، قال عبد العزيز موضحا: “كنت قد قطعت عهدًا على نفسي حين بدأت الحرب بأنني سأعود سيرًا على قدمي إذا انتصرنا ونجوت فعدت سيرًا من طريق الشرقية، وبعد 19 ساعة وصلت لميدان رمسيس بوسط القاهرة”.
وأشار عبد العزيز زين العابدين إلى أحد أهم هواياته التي مارسها أثناء وبعد الحرب، هي كتابة الشعر، حيث كتب ما يزيد عن 500 أغنية، غنى بعضها المطرب بحر أبو جريشة وعلي كوبان وآخرون، وحتى العام الحالي غنى المطرب محمد منير من أشعاره آخر أغنياته.
وختم المقاتل المصري السابق والشاعر الغنائي حديثه بسرد أبيات من أقرب قصائده لقلبه والتي كتبها بعد نصر أكتوبر، حيث قال بالعامية المصري: “إفرح وقوم يا شعبينا أهي سينا رجعت ملكنا، أنا الجندي عبده اللي خطا للعبور دي كلمة بسيطة كتبتها، مانا بطل من ضمن أبطال العبور”.