تدفع الشرطة الإسرائيلية ووزارة الأمن القومي في حكومة بنيامين نتنياهو، باتجاه السماح باستخدام الذخيرة الحية ضد من تصفهم بـ”مثيري الشغب”، في إشارة إلى متظاهرين يقدمون على إغلاق الطرق والشوارع أثناء “حالات طوارئ”، وذلك في إطار العبر التي استخلصتها أجهزة الأمن الإسرائيلي من أحداث هبة الكرامة خلال عدوان الاحتلال على غزة في أيار/ مايو 2021، في العملية المسمّاة “حارس الأسوار”.
جاء ذلك بحسب ما كشفت هيئة البث العام الإسرائيلية (“كان 11”)، مساء اليوم، الثلاثاء، وأشارت إلى أن هذه المساعي تأتي في سياق المخاوف من اندلاع تصعيد أمني يشمل احتجاجات في المجتمع العربي في مناطق الـ48 يعمل فيها الفلسطينيون في إسرائيل على قطع الطرق أمام الإمدادات العسكرية الإسرائيلية.
وأشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى أن اللجنة الخاصة التي شكلتها الحكومة بهدف إنشاء وحدة “الحرس القومي” التي من المقرر أن تتبع وزارة المتطرف إيتمار بن غفير، ناقشت تعليمات إطلاق النار واستخدام الذخيرة الحية، وتعتزم تقديم توصية بتعديل تعليمات إطلاق النار وتخفيف القيود المفروضة على استخدام الذخيرة الحية في حالات الطوارئ.
وبحسب “كان 11″، فإن اللجنة ستوصي في تقريرها الذي من المقرر أن تقدمه لرئيس الحكومة، نتنياهو، ووزير الأمن القومي، بن غفير، بتخفيف القيود المفروضة على إطلاق النار الحي ضد “مثيري الشغب؛ وليس فقط ضد أشخاص يقومون باعتراض قوافل تابعة للجيش الإسرائيلي”.
وتأتي هذه التحركات من قبل المسؤولين في الشرطة ووزارة الأمن القومي الإسرائيلية، بعد نحو 20 عاما على تقرير “لجنة أور” (لجنة التحقيق الرسمية) التي أقيمت بعد هبة القدس والأقصى (أكتوبر 2000؛ ضمن أحداث الانتفاضة الثانية)، بشأن استخدام الرصاص الحي ونيران القناصة وإطلاق النار بخلاف التعليمات الداخلية وبشكل غير قانوني، ضد المحتجين.
كما تأتي هذه المساعي ضمن الإجراءات الأمنية الإسرائيلية المتخذة في سياق “استخلاص الدروس والعبر” من أحداث “حارس الأسوار”، في إشارة إلى أحداث هبة الكرامة في أيار/ مايو 2021. وأشارت “كان 11” إلى مناقشات في الشرطة ووزارة الأمن القومي أجريت خلال الفترة الماضية لبحث هذه المسألة.
ووفقا للتقرير، فإن المسؤولين في الشرطة ووزارة الأمن القومي، ناقشوا سيناريو يشمل “اندلاع معركة في الشمال أو في الجنوب أو على كلا الجبهتين، يقوم خلالها المواطنون العرب بإغلاق الطرق أمام مرور قوافل تابعة للجيش الإسرائيلي”، ولفتت “كان 11” إلى أن الأدوات المتاحة أمام الشرطة لتفريق متظاهرين هي أدوات “غير فتاكة وغير قاتلة”.
وبموجب التقرير الصادر عن “لجنة أور” التي حققت باستشهاد 13 شابًا في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2000، يُسمح للشرطة باستخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين، في المواقف التي تمثل تهديدا لحياة عناصر الشرطة، كجزء من التعليمات العامة لإطلاق النار وليس كأداة ضمن أدوات التعامل مع الاضطرابات وإغلاق الطرق.
وتدفع الشرطة ووزارة الأمن القومي نحو التعامل مع إغلاق الشوارع والطرق أمام مركبات تابعة للجيش الإسرائيلي خلال مواجهات عسكرية على جبهة غزة جنوبا أو على جبهة لبنان وسورية شمالا، على أنه “مساعدة للعدو في وقت الحرب”، والسماح في مثل هذه الحالة بإطلاق النار الحي على المتظاهرين، حتى دون أن يشكلوا خطرا على حياة عناصر الأمن.
وفي تعقيبه على التقرير، قال مكتب بن غفير إن الأخير “يسعى جاهدا، منذ اللحظة التي تولى فيها منصب وزير الأمن القومي، إلى تغيير تعليمات إطلاق النار لصالح ضباط الشرطة وكذلك تلك الخاصة بالجنود، والتي في رأيه تقيدهم وتعرض حياتهم للخطر”.
جيش الاحتلال يدعم هذه المساعي
ويرى بن غفير أنه “من المهم جدًا تغيير تعليمات (لوائح إطلاق النار) حتى يتمكن عناصر الشرطة والجنود من أداء دورهم دون المخاطرة بحياتهم”. وذكرت “كان 11” أن الشرطة لم تحدد بعد تعليمات إطلاق النار المقترحة، ولم يتضح بعد مستوى القيادة التي يحق لها إصدار أوامر بإطلاق الذخيرة الحية لاستهداف المتظاهرين.
وبحسب “كان 11″، فإن الأسئلة المطروحة والتي سيتعين على الشرطة الإجابة عنها هي: من يملك صلاحية الموافقة على استخدام الذخيرة الحية؟ هل سيسمح بذلك فقط عند إعلان حرب؟ وفي أي مرحلة من “علاج الاضطرابات” سيتاح استخدام الرصاص الحي؟ وما هي التدابير التي ينبغي اتخاذها قبل استخدام الذخيرة الحية؟
وخلال المداولات التي عقدت لبحث هذه المسألة، وفقا لـ”كان 11″، أعبر ممثلو الجيش الإسرائيلي والمؤسسة العسكرية، عن تأيدهم لهذه المساعي وتأييدهم لتعديل تعليمات إطلاق النار وتخفيف القيود على استخدام الذخيرة الحية للتعامل مع محتجين.
ولفتت إلى مناقشات عقدت مؤخرا لبحث هذا الشأن بمشاركة مدير عام وزارة الأمن القومي المنتهية ولايته حديثا، شلومي بن إلياهو، والمفوض العام للشرطة الإسرائيلية، يعقوب شبتاي، وبحضور كبار المسؤولين المعنيين في الوزارة وفي جهاز الشرطة.
وكانت الشرطة الإسرائيلية قد استخدمت الذخيرة الحية لقمع الاحتجاجات والمظاهرات التي نظمها طالبو لجوء الإريتريون في تل أبيب، في أيلول/ سبتمبر الماضي، والصدامات التي وقعت بين مؤيدي ومعارضي النظام في بلاهم؛ وقال شبتاي حينها إن “هذه هي المرة الأولى منذ أكتوبر 2000 التي تطلق فيها الشرطة الذخيرة الحية على مثيري الشغب”، وفقا لتعبيره.