بعد أن كان منزلهم في ستينيات القرن الماضي يقع وسط أراضٍ شاسعة بعيدة عن ضوضاء المدينة، صار أشبه بجزيرة منعزلة وسط مستوطنة “بسجات زئيف”، لا تحدها بنايات المستوطنين فحسب، بل اعتداءاتهم واستفزازاتهم المتكررة.
منذ عام 1963 أقامت عائلة غرابلة في بلدة بيت حنينا شمال مدينة القدس، منزلها في المنطقة التي كانت شبه خالية من المنازل والسكان، بمساحات واسعة من الأراضي، لكن وبعد احتلال المدينة، وبالتحديد عام 1985 صادر الاحتلال 4500 دونما من المنطقة، من أجل إقامة مستوطنة “بسجات زئيف” على حساب أصحاب الأرض، وبدأ الاحتلال بالجزء الشمالي من أراضي البلدة ثم امتدت وتوسعت المستوطنة باتجاه الجبل، وامتدت على حساب أراضي البلدة.
ومنذ بناء المستوطنة، بدأت المعاناة اليومية والدائمة، لأصحاب الأرض، من اعتداءات واستفزازات المستوطنين عليهم وعلى ممتلكاتهم، وآخر هذه الاعتداءات ما جرى “عشية عيد الغفران”، في ساعة متأخرة من مساء الأحد، وبينما كانت القوات تقوم بإغلاق الشوارع والطرقات، قامت مستوطنة بالاتصال بالشرطة بحجة “اعتداء أطفال على قطة”، خلال اللعب معها، فاعتدت القوات على الفتية والأطفال والنساء والشبان، بالغاز والصعقات الكهربائية والضرب والاعتقال.
المواطن أبو المجد غرابلة أحد سكان المنطقة قال ان الاعتداءات من قبل المستوطنين والشرطة عليهم متكررة.
وأضاف: “من الاعتداءات التي تحدث بشكل شبه يومي، عندما يتوجه أطفالنا للعب في الملاعب والمتنزهات المقامة في المكان، لا يروق للمستوطنين رؤية الاطفال العرب معهم، موضحا :”يخرج أطفالنا للعب بالمتنزه الذي يبعد عن منازلنا حوالي 100 مترا فقط، وفور وصولهم تبدأ استفزازات ومضايقات المستوطنين لهم، ويقولون لهم (ممنوع تلعبوا بهاي اللعبة، ممنوع تمشي من هون..)، ولدى تدخلنا لحماية أطفالنا، تأتي الشرطة مسرعة للمكان، وتقف في صف المستوطنين، وقد يصل الأمر لاعتقالنا”.
وقال غرابلة :”الشرطة تصدّق أي كلمة أو شكوى من المستوطنين، بس إحنا لو تمينا نشكي عليهم لا بكون أي تجاوب أو اهتمام مع أي شكوى”.
ولفت أبو المجد الى حادثة جرت قبل مدة، بقيام أحد المستوطنين بضرب شاب من العائلة بقضيب حديدي، وعلى الفور قمنا بالاتصال بالشرطة التي حضرت الى المكان، ولكن لدى وصول أفرادها لم يبدوا أي اهتمام لما جرى، ولم يعتقلوا أو يستجوبوا ميدانياً أي مستوطن، علما أن المستوطن المعتدي كان يتواجد في المكان”.
ومن الاعتداءات التي يعيشها سكان المنطقة، الاعتداء على المنازل والمركبات بعدة أشكال، استفزازات وشتائم، وشعارات عنصرية.
أما الشاب الثلاثيني محمود غرابلة فلا يزال يعاني من أوجاع “الضرب والحروق” بعد استهدافه بالضرب والاعتقال قبل يومين، وقال :”الاحتلال يريد أن نعطل أيام الأعياد اليهودية، لا يريدون أن نخرج من منزلنا، في مساء الأحد كنت متوجها الى الصيدلية لشراء الدواء لطفلي، تفاجئت بمهاجمة الشرطة لعدد من الأطفال، حاولت الحديث مع الشرطي لمعرفة ما يجري، لكنه رفض ذلك وقام “بضربي بالصعقات الكهربائية”، فيما قام شرطيان برش الغاز على وجهي مباشرة، وخلال ذلك تم مهاجمة سيدات وأطفال في المكان”.
وأضاف الشاب غرابلة:”لاحقني أفراد الشرطة وقاموا باعتقالي، وخلال اقتيادي الى مركز التوقيف وداخل المركز، لم يتوقف الضرب والشتم بالألفاظ والحركات النابية”.
ولفت أن الشرطة أفرجت عنه بعد ساعات من التحقيق والاحتجاز، بشرط الحبس المنزلي لعدة أيام.
ولم يسلم الفتى مجد غرابلة 16 عاماَ من الضرب والاعتداء رغم تنقله على كرسي متحرك بعد كسر أصاب ركبته قبل أسبوعين، وقال :”كنا نلعب مع قطة في ساحة أمام منزلنا، فاعترضت مستوطنة تعيش في المنطقة وطلبت الشرطة، وعندما اقتحمت الشرطة المكان بدأت بمهاجمتنا بالغاز والضرب والملاحقة، وقامت باعتقالي.”
ولفت الفتى غرابلة أن القوات تعمدت ضربه بالهراوات على قدمه المكسورة، وضربه داخل السيارة وخلال الاحتجاز في المركز، وبعد التحقيق تم الإفراج عنه بشرط الحبس المنزلي لمدة 3 أيام والتوقيع على كفالة مالية.
ورغم المعاناة اليومية التي يعيشها السكان في المنطقة، يؤكدون على ثباتهم وتجذرهم بأرضهم، وتمسكهم بحقهم فيها، وعدم تأثير الاعتداءات والاستفزازات اليومية عليهم.