نقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” Times of Israel العبرية، عن اثنين من المسؤولين الفلسطينيين الكبار، قولهم إن السلطة الفلسطينية تريد أن تكون اتفاقية التطبيع بين إسرائيل والسعودية مشروطةً بوقف إسرائيل لخطواتها أحادية الجانب في الضفة الغربية، كما ستكون السلطة مستعدة لوقف بعض خطواتها الأحادية في المقابل.
وتتضمن الخطوات الإسرائيلية الأحادية بناء المستوطنات، والغارات العسكرية على المدن الفلسطينية، وعنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، بحسب تصريح واحدٍ من المسؤولين الفلسطينيين، الجمعة 22 سبتمبر/أيلول 2023، وفق ما نقلت الصحيفة.
وأردف المسؤول أن السلطة الفلسطينية ستكون مستعدة للتخلي عن التحقيقات التي طلبتها ضد إسرائيل في محافل مثل المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، وذلك في مقابل الحد من الأنشطة الإسرائيلية المذكورة.
في حين لم يتضح ما إذا كان من الممكن التراجع عن بعض التحقيقات المفتوحة بالفعل في هذه المرحلة أم لا.
التوقف عن الخطوات أحادية الجانب
وقال مسؤول بالسلطة الفلسطينية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، بحسب المصدر ذاته: “لا بد من وجود التزامات متبادلة. ويجب أن تتوقف الخطوات أحادية الجانب حتى نحصل على أفق سياسي للمستقبل بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وفي غياب ذلك الأفق؛ لن نعرف ما قد يحدث مستقبلاً”.
يُذكر أنه في أغسطس/آب الماضي صدرت تصريحات من مسؤول أمريكي، ومسؤول في السلطة الفلسطينية، ودبلوماسي عربي بارز للصحيفة نفسها، بأن رام الله تسعى لاتخاذ خطوات “لا رجعة فيها”، وذلك بهدف دفع مشروعها لإقامة دولتها ضمن سياق محادثات التطبيع السعودية-الإسرائيلية التي توسطت فيها الولايات المتحدة.
وقال المسؤولون آنذاك إن مقترحات السلطة الفلسطينية تضمنت الدعم الأمريكي للاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس لخدمة الفلسطينيين، وإلغاء تشريع الكونغرس الذي يصنف منظمة التحرير الفلسطينية كجماعةٍ إرهابية، ونقل أراضي الضفة الغربية إلى السيطرة الفلسطينية، وهدم البؤر الاستيطانية غير الشرعية في الضفة الغربية.
وقد أكّد المسؤولان الفلسطينيان اللذان تحدثا الأسبوع الماضي أن السلطة الفلسطينية قدمت عدة مطالب أخرى، لكنها أصرت على أن يكون الوقف المتبادل للتدابير الأحادية هو الصيغة الأساسية التي تشدد عليها رام الله في محادثاتها مع المسؤولين السعوديين والأمريكيين.
وأردف أحد المسؤولين في السلطة الفلسطينية: “من الممكن أن يحدث هذا خارج السياق السعودي”.
محادثات سعودية أمريكية
يُمكن القول إن التفاصيل الجديدة التي أدلى بها مسؤولا السلطة الفلسطينية، حول نهج السلطة في التعامل مع الاتفاق السعودي-الإسرائيلي، تُبرز مرةً أخرى استعداد رام الله للاكتفاء بما هو أقل من إقامة دولة فلسطينية، وفق “تايمز أوف إسرائيل”.
يُذكر أن مسألة إقامة الدولة الفلسطينية لطالما كانت تُعتبر شرطاً لدعم تحركات المزيد من الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل.
فيما قال واحد من المسؤولين الفلسطينيين إن السلطة لا تعارض محادثات السعودية مع الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن تلك المحادثات تتعلق بالعلاقات الثنائية السعودية-الأمريكية في المقام الأول.
وتتطلع الرياض في الواقع إلى إبرام معاهدة دفاع مع الولايات المتحدة على غرار معاهدة حلف الناتو، وذلك من أجل شراء أسلحة عالية الجودة من واشنطن، والحصول على دعم لبرنامجها النووي المدني، بحسب تصريحات مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين مطلعين على المسألة للصحيفة.
بينما أفاد واحد من المسؤولين الفلسطينيين، الجمعة، قائلاً: “لكننا قدمنا مطالبنا من الأمريكيين إلى السعوديين. ونريد منهم تضمين القضية الفلسطينية في محادثاتهم مع الأمريكيين والإسرائيليين. وقد وافقت السعودية على مطالبنا بالكامل. حيث أخبرونا أنهم ليسوا وسطاء بيننا وبين الإسرائيليين، بل هم شركاء لنا. وأضافوا أننا (كفلسطينيين وسعوديين) نقف في الجانب نفسه”.
وحرص كلا المسؤولين الفلسطينيين عن الحديث باحترام عن “الأشقاء السعوديين”، وأعربا عن ثقتهما في أن الرياض ستضع الفلسطينيين في اعتبارها أثناء التفاوض مع إدارة بايدن.
زيارة أمريكية لرام الله
وتنتظر رام الله، في الوقت الراهن، سماع رد السعوديين والأمريكيين بحسب المسؤولين الفلسطينيين، اللذين أضافا أنهما يتوقعان تحديثاً من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أثناء زيارته للقدس ورام الله الشهر المقبل. بينما لم تضع واشنطن اللمسات النهائية الخاصة بتفاصيل الرحلة بعد.
في حين صرح مسؤول عربي وآخر أمريكي بأن الرياض أكّدت للفلسطينيين أنها “لن تتخلى” عن القضية الفلسطينية، وذلك خلال زيارتهم للعاصمة السعودية الشهر الماضي.
وقد جرت محادثات لمتابعة المسألة بين المسؤولين الأمريكيين، والإسرائيليين، والفلسطينيين، والسعوديين، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، لكن الرياض ستحتاج على الأرجح لعدة أشهر حتى تدرس المسألة، قبل أن تتطرق إلى مطالبها المرتبطة بالفلسطينيين خلال محادثاتها مع إدارة بايدن، وفقاً لتصريحات المسؤولين العربي والأمريكي آنذاك.
هل هي فرصة للتطرق إلى قضية الأموال التي تُدفع للمعتقلين؟
من جانب آخر، نقلت الصحيفة نفسها عن واحد من المسؤولين الفلسطينيين أن الاجتماعات التي جرت على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت مثمرة، لكنها لم تسفر عن أية خطوات كبرى.
وصرح كلا المسؤولين الفلسطينيين بأن الولايات المتحدة استغلت الاجتماعات مع المسؤولين الفلسطينيين لإثارة اعتراضها على مدفوعات الرعاية الاجتماعية بواسطة السلطة الفلسطينية، بما فيها المبالغ التي تُدفع للمعتقلين وأسر المتوفين من منفذي الهجمات.
وأفاد مسؤول مطلع بأن تعديل تلك السياسة سيُسهِّل على الولايات المتحدة الدفع بالمطالب الفلسطينية خلال محادثاتها مع السعودية.
وذكر أحد المسؤولين الفلسطينيين أن رام الله ترحّب بمناقشة مسألة المبالغ التي تُدفع للمعتقلين خلال مفاوضاتها مع إسرائيل.
حيث أوضح المسؤول: “نحن منفتحون ومستعدون للتفاوض على جميع التفاصيل، لكن لا ينبغي لأحد أن يملي علينا طريقة التعامل مع قضايانا الداخلية”، ثم أكّد أن السلطة الفلسطينية لها كامل الحق في دعم الأسر المحتاجة.