مع مرور ثلاثة أسابيع على تغييبه عن أسرته، وزجه خلف القضبان، وسط انقطاع أخباره، تعيش عائلة وزوجة الأسير شادي محمد زيود (40 عاماً)، لحظات قلق وحزن خاصة مع تكرار أطفاله الثلاثة، تساؤلاتهم اليومية عن والدهم، وافتقادهم لهم، وحزنهم الكبير.
وتقول زوجته أم بكر، “كل يوم، يسألني أطفالي كل لحظة عن والدهم، لماذا اعتقلوه، متى سيعود ويكون معنا، وأصبح الوضع أكثر وجعاً بسبب المدارس، وشوقهم لحضن والدهم، وأنا أكتم دموعي وأحزاني، وأصبر نفسي وأقول لهم سيعود غداً وهكذا كل يوم”.
في بلدة السيلة الحارثية غرب جنين، ولد وعاش الأسير شادي، لم يكمل تعليمه بعد المرحلة الإعدادية، وتوجه كما تفيد زوجته أم بكر، للعمل وتحمل المسؤولية، للمساعدة في إعالة أسرته، وتكوين نفسه ومستقبله، وبعد رحلة كفاح في العمل بمجال البناء، تزوج وبعد 8 شهور فقط، تعرض للاعتقال الأول
بتاريخ 18-7-2009.
وتقول: “لم يكن زوجي يهتم بالسياسة ويكرس حياته لأسرته، وفجأة، اقتحموا مكان عمله في الداخل اعتقلوه وقضى شهرين في السجن وتحرر، وعاد لنكمل حياتنا التي غمرها بالسعادة والفرح”.
وتضيف: “كرمنا رب العالمين بثلاثة أبناء، ألما 13 عاماً، سارة 10 سنوات وأصغرهم بكر يبلغ 7 سنوات، وعشنا في كنفه حياة أسرية جميلة”.
بتاريخ 3-9-2023، تغيرت كل طقوس وتفاصيل حياة عائلة الأسير شادي باعتقاله، وتقول زوجته: “غادر منزلنا بشكل طبيعي لمكان عمله في الداخل، فهو ملتزم ولا يهتم سوى بعمله وأطفاله، وعندما اتصلت للاطمئنان عليه كعادتي، وجدت هاتفه مغلقاً طوال اليوم، فشعرت بقلق شديد، وكانت الصدمة الكبيرة، لحظة وصول خبر اعتقاله من منطقة عمله”.
وتضيف: “لا يوجد لدينا أي معلومات سوى أنه محتجز في زنازين التحقيق في سجن الجلمة، منعوا المحامي من زيارته، وأبكي ليل نهار، لقلقي على زوجي، فالجميع يعرف ظروف الاعتقال الصعبة والتعذيب في هذا السجن البغيض”.
وتكمل: “المحكمة مددت توقيفه في نفس السجن، ولم يتمكن المحامي من زيارته، وكان من المقرر إحضاره لمحكمة سالم يوم الأربعاء الماضي، فانتظرناه، لكن الجلسة تأجلت بناء على طلب المخابرات دون إحضاره، مما يزيد قلقنا وحزننا في ظل مصيره المجهول”.
تقاوم أم بكر دموعها، لحماية أطفالها، ولتواصل حياتها ورحلتها معهم، بعدما أصبحت صاحبة مسؤولية كبيرة، خاصة في ظل معاناة طفلتها الصغيرة سارة من مرض مزمن، وتقول: “شادي كان شريكي في كافة المسؤوليات عن أطفالنا، خاصة لمتابعة رعاية وعلاج طفلتنا التي تعاني من وجود مياه على الدماغ وأجرينا لها عدة عمليات ولا زلنا نتابع علاجها”.
وتضيف: “طفلتنا متعلقة بوالدها كثيراً، لأنه يتابعها لدى الأطباء داخل الخط الأخضر، ويتابعها كثيراً معي لتوفير البيئة الصحية الآمنة لها، كونه تعاني وممنوع أن ترتفع درجة حرارتها، وقبل ذهابها إلى المدرسة، تسألني كل يوم متى سيعود والدي؟”.
وتكمل: “أطفالي يفتقدون والدهم، بالذكريات الجميلة وحرصه عليهم وتلبية وتوفير متطلباتهم مهما كانت، كالسباحة وإحضار الألعاب والرحلات، وكل يوم يبكون ويسألون متى سيعود والدنا، لنفرح ونسبح ونسافر في الرحل ومهما كانت قوتي، تعجز كلماتي عن التعبير أمام أطفالي الذين حرمهم الاحتلال من رؤية والدهم”.
تحاول أم بكر، التخفيف عن أطفالها، بالحديث عن محبة والدهم لهم، وتقول: “لحظات مؤلمة تواجهني كل يوم، فأطفالي متعقلين بوالدهم كثيراً، ولحنانه وحبه واحتضانه لهم فهم يفتقدونه حتى عندما ينامون، يتذكرون كيف كانوا يتركون أسرتهم ويذهبون للنوم بجانب والدهم”.
وتضيف: “لكن اليوم هو خلف القضبان، وكل تلك الصور ،محفورة في عقول وأذهان أطفالنا، اللذين لا يستطيعون نسيانها ويتمنون مثلي عودة والدهم، ليعودوا الفرح والسرور والسعادة في منزلنا مع والدتهم ووالدهم، لكن توكلنا وصبرنا على الله، ليثبته ويصبره حتى يعود الينا قريباً”.
ولا تختلف أوضاع الوالدة السبعينية خيرية التي تعاني وجع الفراق أكثر من أمراض الضغط والسكري والجلطة التي أصابتها، وتقول كنتها أم بكر، “حماتي لا تجف دموعها، تبكي دوماً على غيابه، فقد كان يرعاها ويهتم به ويرتبط بوالدته بعلاقة وطيدة، ودومًا يبعث أجواء الفرح والسعادة حولها وحولنا بحضوره وجلسات المرح والمودة وتفانيه”.
وتضيف: “كلنا ننتظر على أحر من الجمر الخلاص من هذه اللحظات والأيام العصيبة وأخبار جميلة تزف لنا بشرى حريته”.