كتب: صادق الشافعي
المخيمات ليست مجرد أمكنة ومواقع جغرافية، إنها الشعب الفلسطيني الذي يحمل الوطن في القلب والذاكرة والعقل وهي التي بقسوة الحياة فيها تغذي الحلم والأمل بالعودة الى فلسطين. وهي التي شكلت ولا تزال منبعاً للثوار وحاضنة للثورة وهي التجسيد المادي للنكبة والشاهد الحي عليها وهي التي ترفع راية حق العودة عالياً في وجه العالم.
ولأنها كذلك، يسعى العدو دوماً الى التخلص منها سواء بشكل مباشر او غيره. فما يجري في عين الحلوة ليس بعيداً في هدفه الأساسي عما يجري في جنين أو عقبة جبر او بلاطة او … او… وليس منفصلاً عما جرى في نهر البارد او تل الزعتر او النبطية او …الخ.
وإذا كانت المعركة الآن ضد «فتح» في عين الحلوة وإذا كان البعض يظن انه الوريث، فهو مخطئ تماماً، فالمخيمات مطلوب القضاء او السيطرة، عليها ولو بالتدريج وبوسائل وأساليب وأدوات مختلفة ومراحل متعددة، وحينها تصح مقولة «أكلت يوم أكل الثور الأبيض».
ومن هنا على كل القوى الفلسطينية أن تتسابق لحماية المخيمات والدفاع عنها وصيانة امنها وأمان شعبنا فيها، وامن البلد المضيف وأهله، وليس التصارع على من يقودها ويسيطر عليها وجعل أهلنا في المخيم يدفعون ثمن هذا الصراع بفقدان الأرواح والممتلكات او التهجير مجدداً.
وكأن ما تقوم به دولة الاحتلال من عدوانية ودموية وفاشية وتقتيل ضد أهلنا في ارض الوطن الفلسطيني المحتل على كامل اتساعه لا يكفي حتى تمتد يد الفلسطيني ليسفك دم أخيه. وهذه سلوكيات مرفوضة تماماً لا تستقيم ولا تقبل تحت أي مبرر مهما كانت خلفياته او منطقه او حيثياته سواء كانت سياسية او دينية او وطنية او غير كل ذلك.
ويبقى سفك الدم الفلسطيني مداناً بشكل خاص في الظروف والأوضاع الوطنية والسياسية التي يعيشها الشعب الفلسطيني، في هذه المرحلة وهذا التوقيت بشكل خاص.
وتبقى حقيقة ان هناك خلافات حادة وعميقة بين القوى والتنظيمات الفلسطينية، ولكن لا يصح ان تصل الى حد استعمال السلاح في التعامل معها.
ولا يمكن ان يكون السلاح الوسيلة لحل هذه الخلافات، ولا ان يكون السلاح هو الطريق لفرض قوى معينة وتنظيمات رأيها او وجهة نظرها او خطها السياسي على القوى المختلفة معها او المتحفظة وحتى الرافضة لخطها السياسي وعلى مواقفها وسياساتها وممارساتها أيضاً.
ولا يصح ولا يمكن ان يكون من طريق لحل الخلافات بين القوى الوطنية مهما كان أساسها وخلفياتها الفكرية والسياسية الا طريق الحوار الوطني الديموقراطي السلمي وبوسائل ديموقراطية سلمية وأخوية، وفي داخل المؤسسات والهياكل الوطنية الفلسطينية والجامعة، مع ضرورة ان تبقى أبواب هذه المؤسسات والهياكل مفتوحة لكل القوى والأطراف الفلسطينية ومتقبلة لدعواتها بالحد الأقصى الواقعي والممكن.
ولا يمكن ولا يجب بأي حال ان يكون هناك مكان او حيز للتخوين او اللجوء إلى السلاح في حل الخلافات بين القوى الفلسطينية. وكذلك يبقى اللجوء إلى قوى او جهات خارج الإطار الوطني الفلسطيني العام مرفوضاً.
ومع الإدراك الكامل بأن الوضع في مخيم عين الحلوة شديد التعقيد لتعدد وتنوع الأطراف والقوى المعنية في داخل وخارج المخيم وتشابك مصالح وأجندات أطراف إقليمية فيما يخص المخيم، يبقى الأمل في أن يتم تحكيم العقل والتفاهم وترجيح المصلحة الوطنية العامة على أي شيء آخر، من اجل إنقاذ احد اكبر مخيمات الشتات من كارثة مدمرة يبتهج لها العدو.
وأخيرا ألا ندرك ان العدو لديه من الخطط الكثير المتنوع التسميات لإنهاء الحق الوطني والقضية الفلسطينية؟ ألا ندرك أن التطهير العرقي والتهجير القسري لم يسقط من أجندة العدو؟