قررت قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي، ترقية قائد قوة تابعة للواء “غولاني”، كان قد أمر جنوده باقتحام منزل سوري، قبل أكثر من عامين، وقتل من فيه، كما نفذ جرائم انتقامية بحق الفلسطينيين في نابلس عام 2018، بحسب ما كشف تحقيق صحافي لصحيفة “هآرتس”.
وكشفت “هآرتس” عبر موقعها الإلكتروني، مساء اليوم، الثلاثاء، أنه تقرر ترقية الضابط غاي إلياهو، المتورط في جرائم كراهية وعمليات انتقامية، إلى رتبة قائد سرية، وتعيينه ضابط السلامة في الفرقة 99، وهي فرقة جديدة أنشأها مؤخرًا رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيف كوخافي.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولون رفيعي المستوى في جيش الاحتلال، قولهم إنهم “فوجئوا بقرار المضي قدما بإجراءات ترقية إلياهو”، علما بأن الأخير كان قد قضى عقوبة بالسجن وحوكم في عدة مناسبات على خلفيات اعتداءات مشابهة، بحسب “هآرتس”.
وفي حزيران/ يونيو الماضي، كشف تحقيق صحافي أن قوة إلياهو التابعة للواء “غولاني” اقتحمت منزلا سوريا، وقتلوا أفرادا فيه دون أن يشكلوا خطرا على الاحتلال الإسرائيلي في الجولان، ودون أن يأخذ الجنود إذنًا من قيادتهم، أو مجرد إخبارها بالحادثة قبل وقوعها.
ووفقا للتحقيق، كانت سرية إلياهو تنفذ دورية روتينية قرب خط وقف إطلاق النار في الجولان المحتل، “إلا أنه في مرحلة معينة، قرر إلياهو وطاقمه أنهم يريدون الوصول إلى المنزل خلف الحدود”.
وتابع التقرير أن إلياهو توجه إلى باب المبنى مع عدد من الجنود، فيما بقي الآخرون عند الجدار الخارجي. وتنقل الصحيفة عن مصادرها أن “إلياهو طرق الباب صارخًا بالعربية ’افتح الباب’.. وفي اللحظة ذاتها انطلقت دفعات نارية من داخل المنزل، من الطرف الآخر للباب”.
وأوضح أن “القوة (الإسرائيلية) بدأت بإطلاق النار إلى داخل المنزل، وقتلوا اثنين أو ثلاثة من الأشخاص الذين تواجدوا فيه”، وبعد ذلك “خرج الجنود ركضًا إلى داخل إسرائيل. وفقط هناك أبلغوا عن الاشتباك وأنهم تعرضوا لإطلاق نار”.
وكشف التحقيق أن المجموعة التي نفذت الاقتحام وجريمة القتل معروفة في كتيبة “غولاني” باسم “طاقم إلياهو”، وهي بحسب الصحيفة “مجموعة من الجنود تلتف حول قائدها غاي إلياهو، واكتسبت سمعة أنها طاقم مستقل لا يشعر بأي التزام تجاه الإجراءات العملياتية”.
كما كشفت الصحيفة أن سرية إلياهو قامت بحملة اعتقالات في قرية قرب نابلس، ليلة 15 – 16 شباط/ فبراير عام 2018. وبعد انتهاء الاعتقالات، قام جنود الاحتلال بالاعتداء على سيارات في القرية وإلحاق أضرار بها، ثم ثقب إطارات سيارات، إضافة إلى تهديد مواطنين فلسطينيين تواجدوا في المكان. وقد تم توثيق كل ذلك بمقطع فيديو نُشر في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي لاحقا.
ويتبين من التحقيق الصحافي أنه بعد علم إلياهو سعى مع جنوده إلى تنسيق إفاداتهم وتزوير وثيقة، كما تبين أن ضباطا في لواء “غولاني” تجاهلوا الاعتداء على سيارات الفلسطينيين، الذي اعتبر أنه “تدفيع ثمن” على غرار الاعتداءات الإرهابية التي تنفذها جماعة “شبيبة التلال” الاستيطانية. وحسب التقرير، فإن إلياهو أدين وحكم عليه بالسجن في أعقاب هذا الاعتداء.
وكشفت الصحيفة أن إلياهو قرر تجاهل اعتداء جنوده بزعم أنه جاء انتقاما لمصرع ثلاثة جنود، قبل الاعتداء على سيارات الفلسطينيين بيومين، من جراء حادث طرق، حيث اصطدمت سيارتهم بشاحنة يقودها سائق فلسطيني من القدس، في شارع رقم 6.
ولم يتم إبلاغ قادة اللواء بداية عن اعتداءات الجنود، لكن في اليوم التالي وصل جندي من “الإدارة المدنية” إلى القاعدة العسكرية التي تواجد فيها الجنود المعتدين، طالبا التحدث مع قائد الكتيبة، شمعون سيسو، وأبلغه أن بحوزته توثيق صوره فلسطينيون ويظهر فيه الجنود أثناء اعتدائهم على السيارات في مخيم للاجئين في نابلس، ويظهر بوضوح قيامهم بثقب إطارات السيارات. وبعد ساعات قليلة تم نشر الموضوع في الإعلام بشكل مقتضب، وأن الجيش سيحثث في هذا الاعتداء.
وبعد أن أمر سيسو بالتحقيق في الاعتداء، وعلم إلياهو بتوثيق الاعتداء، اعترف الأخير وادعى أنه “الجنود شعروا أنهم بحاجة للانتقام من العرب، لأن الشاحنة التي صدمت سيارة الجنود كان يقودها عربي من القدس الشرقية”، وانهم فعلوا ذلك من أجل “إفراغ غضبهم” حسب تعبيره. وأضاف “شعرت أن علي أن أسمح لهم بالتنفيس عن أنفسهم، وأردنا الانتقام على العملية” أي حادث الطرق.
وأضافت الصحيفة أنه بعد انتهاء التحقيق، تشاور سيسو مع عدد من ضباط كتيبة الدورية الراجلة في لواء “غولاني”، التي يقودها، وقرر ألا ينقل القضية إلى النيابة العسكرية وألا يعاقب إلياهو. ولم تكن نتائج التحقيق مطابقة لإفادات الجنود، ولم يظهر فيها أن عددا من الجنود شاركوا في الاعتداء وأن إلياهو أطلق يد الجنود للاعتداء بحرية.
وتابعت الصحيفة أن عددا من ضباط كتيبة الدورية الراجلة لم يشعروا بارتياح من معالجة الموضوع، وفي مرحلة معينة تم إبلاغ قائد اللواء، شلومي بيندر. “لكن في الأيام اللاحقة لم يظهر أي تغيير والأمور في الكتيبة استمرت كالمعتاد. ولم تصل أي رسالة من مكتب بيندر، الذي تمت ترقيته، بعد فترة قصيرة، إلى رتبة عميد وهو يقود اليوم الفرقة العسكرية 91”.
وبعد محاولة ضباط وجنود السؤال عن مصير التحقيق العسكري، تلقوا رسالة مفادها أن “هذه القصة يجب أن تبقى داخل كتيبة الدورية الراجلة ولا توجد أي نية لمعاقبة أي جندي”.