-تقرير إخباري: لا زالت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس تصدر أزماتها الداخلية، واختراق عناصرها الأمني، وسقوط عدد منهم عملاء بيد الموساد الإسرائيلي، إلى العامة والمواطنين والوضع الميداني، للتغطية على الفشل الذريع في الحفاظ على وحدة صفوفها وأمنها العسكري.
سيناريو متجدد تمسكت به حماس وجناحها العسكري، لتصدير الأزمات والتغطية على عملاءه الذين تجولوا بكل راحة بين صفوف وقادة القسام والحركة، فقبل عدة أيام في لبنان، ألقى جيش الاحتلال القبض على شبكة تجسس تعمل لصالح إسرائيل جنوب لبنان، اعترفت بأنها مكلفة بجمع معلومات عن شخصيات وأهداف أمنية وعسكرية بغية استهدافها لاحقا.
وفي بيان صدر عن مديرية الأمن اللبناني، أن عناصر الشبكة المعتقلين اعترفوا خلال التحقيق معهم بتصوير طرقات ومسالك وأماكن حساسة داخل مناطق الجنوب، وإرسال الأفلام إلى الجهات التي تقوم بإدارتهم.
وهنا تكمن المفاجأة..
هذا الحدث يبدو أنه مرتبط باعتقال نور أبو المعزة الملقب بـ”أبو أنس”، من مواليد عام 1993، أصله من بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة ويسكن في مخيم صيدا بلبنان، وهو أحد عناصر كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وشارك أيضاً في معارك قتالية سابقة مع الجيش الإسرائيلي.
أبو المعزة تمكن في عام 2019، بحسب معلومات مؤكدة ، من تجنيد شبان في الضفة الغربية المحتلة، بهدف تنفيذ عمليات مسلحة.
من غزة إلى لبنان، من بيروت إلى تركيا، بعد أن كان الهروب عبر بحر قطاع غزة، أصبح الهروب عبر المطارات العربية والدولية.
أبو المعزة والذي يقيم حاليا في إسطنبول، تصفه إسرائيل بأنه مطلوب لها لتلميعه وتسهيل مهامه، والتغطية عليه حتى لا تكشف أوراقه فقد تم اعتقاله مع مجموعة جاءت إلى لبنان واعترف بكل أعضاء الشبكة ومن ضمنهم ضابط في الموساد الإسرائيلي.
في غزة..
وقبل عدة أيام سلم أحد عناصر القسام من عائلة المصري شمال القطاع نفسه لجيش الاحتلال، بعد أن حُرقت أوراقه وكشف ارتباطه كعميل مع الموساد متسللاً عبر السياج الفاصل شرق قطاع غزة، وبحسب المعلومات المتوفرة لدى “أمد”، فقد غادر العميل المصري القطاع وبحوزته معلومات سرية خطيرة.
بالعودة إلى الوراء قليلاً.. لم يكن أبو المعزة أو المصري أول العملاء المندسين في كتائب القسام ولا توقعات ليكونوا لهم آخر، في ظل سياسة حماس التي تتعامل بها منذ تأسيسها مع الاحتلال الإسرائيلي، فليس بعيداً عن قائد الحركة بغزة يحيى السنوار الذي كشفت وسائل إعلام عبرية قبل عامين أنّه تواصل بشكل مباشر مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال العدوان على قطاع غزة عام 2014م.
في عام 2017، أعدمت عائلة “ب” في غزة، أحد أبنائها الذي ينتمي لكتائب القسام، بعد اعترافه بأنه قدم معلومات لجيش الاحتلال أدت لاغتيال قيادات وارتكاب مجزرة.
وفي عام 2020، فر قائد بحري بارز في القسام، وهو عز الدين الحاج علي بدر، هاربا على متن قارب إسرائيلي وبحوزته مبالغ مالية وجهاز لاب توب يحتوي على معلومات سرية وخطيرة عن وحدة الضفادع، التي قادها لسنوات.
معلومات مؤكدة تناقلت حينها، بأن بدر كان بحوزته، حاسوب محمول ومعدات مراقبة ووثائق سرية خطيرة، خالقا حالة من الهستيريا الأمنية، بين كبار قادة حماس، وهو ما دفع الحركة إلى فتح تحقيق واتخاذ إجراءات أمنية مشددة كما نفذت عشرات الاعتقالات بحثا عن مشتبه بهم آخرين في شبكة التجسس المفترضة، بالإضافة إلى ضبط نحو نصف مليون دولار ومعدات عديدة في مداهمة منازل المعتقلين.
عز الدين بدر، يعتبر ثاني قيادي رفيع في القسام بعام 2020، تأكد مؤخرا بأنه مدان بتهمة التخابر مع إسرائيل، بعد القيادي القسامي البارز والمسؤول عن شبكات الاتصالات للجناح العسكري في حي الشجاعية بمدينة غزة والبالغ من العمر 35 عاماً، والذي اكتشف ارتباطه مع الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 2009.
حماس والتي تعلن وبشكل روتيني وشبه يومي عن اعتقال عملاء مشتبه بهم في قطاع غزة، وتحكم على العديد منهم بالإعدام، لا تكشف عن خلفية المدان التنظيمية في كثير من الأحيان، وهذا يعود إلى أن معظمهم من حماس وجناحها العسكري.
عملاء حماس الذين تم الكشف عنهم مؤخراً هم من الطبقة المخملية والقيادية في الحركة وغالبيتهم من استخبارات جناحها العسكري كتائب القسام، اتضح الأمر أنهم مرتبطين مع الجيش الإسرائيلي منذ سنوات.
الجيش الإسرائيلي
وتأكيدا لكل ما سرد.. فقد أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي بنهاية يناير 2022، حصوله على سلسلة خرائط ومعلومات سرية ثمينة تم تسريبها من قبل مسؤولين في القسام، منهم من هرب بحراً ومنهم براً، وسلموا أنفسهم بعد أن تم كشفهم عبر الإعلام.
عماد الطيار
بالعودة بالأحداث قليلا إلى الماضي.. باسل صالحية الملقب بـ”عماد الطيار”، كشف في شهر يناير من عام 2021 في شريط مصور عن موجة عاصفة حول عملاء كتائب القسام الجناح العسكري لحماس، وتمكن إسرائيل من حفر أنفاق داخل القطاع ووجود معلومات لديه اتُهم من خلالها مروان عيسى قائد بالقسام بتعاونه مع الاحتلال.
المعلومات التي خرج بها الطيار القائد الكبير في كتائب القسام، سلمها بحسب قوله ليحيى السنوار قائد حماس في قطاع غزة، وعرض حينها أيضاً خريطة توضح شبكة الأنفاق الإسرائيلية والتي تمد شرق قطاع غزة ووجود رسائل صوتية ومكتوبة لجنود إسرائيليين دخلوا عبر هذه الأنفاق إلى قطاع غزة وبسيارات عسكرية، ولكن دون جدوى أو أي تحرك على الأرض، وهو ما دفع الطيار للكشف عنها للإعلام.
العميل عبد الكريم أبو عودة
معلومات كثيرة تحدث عنها الطيار، من بينها ذكره لاسم العميلين عبد الكريم شعبان أبو عودة ومحمد فيصل ماضي وهم من شعبة استخبارات القسام والذين قاما بتسليم خريطة أنفاق القسام كاملة في قطاع غزة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
العميل عبد الكريم أبو عودة شكل فصلاً جديداً يستكمل فصول الذل والعمالة التي انتشرت وتغلغلت داخل كتائب القسام خلال العام الماضي.
هرب عبد الكريم أبو عودة من داخل سجون الأمن الداخلي في غزة، واعترفت داخلية حماس وكتائب القسام رسمياً حيثّ عممت صوره علناً وعبر وسائل الإعلام وطالبت من المواطنين من يجده الابلاغ عنه، في سيناريو لا يتقبله عقل طفل صغير في القطاع، معلنة عن مكافأة مالية تقدر بـ 200 ألف دولار لمن يبلغ عم الهارب أبو عودة، فيما عممت بحريتها على الصيادين عدم التعاطي معه والابلاغ عنه فوراً وأغلقت بحر قطاع غزة كلياً.
داخلية حماس أصدرت حينها تنويهاً، قالت فيه: “أنها لم تعلن عن قيمة المكافأة المالية مطلقا بخصوص الموقوف الهارب، وربما الاحتلال أراد من اعلانه التمويه وضرب الجبهة الداخلية، ووجب الحذر، والمسؤولية على الجميع”.
القسام أيضاً أعلن الاستنفار في قواته ونشر الحواجز من شمال إلى جنوب وشرق وغرب قطاع غزة، وشنّ حملة تفتيش صارمة في الشوارع والمركبات إضافة لانتشار عناصر القسام بشكل كبير جداً على الشريط الحدودي الذي يسمى شارع “جكر” حتى لا يهرب أبو عودة إلى السياج الفاصل ويسلم نفسه للاحتلال الإسرائيلي.
واستعان القسام بداخلية حماس والتي أعلنت الاستنفار أيضاً في صفوف قواتها وانتشرت في شوارع وازقة القطاع، للبحث عن العميل الحمساوي الهارب أبو عودة، إلا أن ساعات مساء ذلك اليوم لم تمر حتى وأعلن الجيش الإسرائيلي اعتقال أحد المواطنين بعد تسلله عبر السياج الفاصل شمالي القطاع، ولم يجد بحوزته شيء فيما حوله إلى التحقيق.
بعد الساعة التاسعة من ذلك التاريخ، واعلان جيش الاحتلال عن اعتقال مواطن، خففت داخلية حماس والقسام من الحواجز داخل القطاع، ولكن أبقت البحر مغلقاً أمام الصيادين وزادت من انتشار عناصرها الليلية شرقي قطاع غزة.
لم تنهى الحكاية
لم تنتهي فصول العمالة المتخللة داخل صفوف القيادة الحمساوية وجهازها العسكري، ف كل يوم يتم فيه كشف الستار عن فصل جديد لقائد مدان بالتواطؤ مع الاحتلال.. وللحكاية بقية.