قال د. روبرت فارلي، أستاذ الأمن والدبلوماسية في كلية باترسون الأمريكية منذ عام 2005، إن ثمة أسباباً عديدة تدفع إلى الاعتقاد أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وأتباعه المناهضين للديمقراطية سيكونون أكثر تأهباً للعمل وفق جدول زمني أخطر وأكثر فعالية في 2024.
إذا خسر ترامب فمن المرجح جداً أن يُزج به في السجن..
واستبعد فارلي في مقال بموقع “1945” وقوع حرب أهلية، قائلاً إنه بغض النظر عن عدد خرائط المقاطعات والولايات، التي يبدو أنها تُصوِّر الانقسام بين الديمقراطيين والجمهوريين من الناحية الجغرافية الواضحة، فالتقسيم الفعليّ في الغالب يكمن بين سكان الحضر والضواحي من ناحية وسكان الحضر والريف من ناحية أخرى.
انتخابات متقاربة..
وخلا انتخابات عام 2008 (التي هزَمَ فيها أوباما جون ماكين بهامشٍ حاسم ولو أنه ليس ساحقاً) كانت كل انتخابات رئاسية أمريكية منذ عام 2000 متقاربة النتائج للغاية. وكان فوز جو بايدن عام 2020 بفارق أكبر من غالبية الانتصارات، إذ جاء بهامش قدره 5 نقاط و74 صوتاً في المجتمع الانتخابي، لكنه رغم ذلك عوَّل على هوامش ضئيلة للغاية في ولايات كثيرة.
ومن المرجح، حسب الكاتب، أن تشهد انتخابات عام 2024 ظروفاً مثيلة، إذ يوجد عدد قليل جداً من الولايات المتأرجحة (المُتقاربة فيها أصوات الديموقراطيين والجمهوريين). ستشهد ولايات جورجيا وويسكونسن وأريزونا ونيفادا تدقيقاً شديداً من كلا الحزبين في الأيام السابقة للانتخابات وبعدها، إذ يمكن لأي منها الحفاظ على توازن القوى الانتخابية على مدار السنوات الأربعة المقبلة.
الائتلاف الجمهوري..
ولا يزال الحزب الجمهوري منافساً للغاية محليّاً وإقليميّاً، إذ يتقدم في العديد من المناطق. وضمنت مجموعة من الآليات المرتبطة بالتقسيم والتلاعب في الدوائر الانتخابية لكل ائتلاف حزبي أن يظل الحزب الجمهوريّ صامداً قويّاً.
ولكن، على المستوى الرئاسي، يبدو الحزب الجمهوري في وضع كارثيّ، حسب وصف الكاتب، فقد استحوذ على التصويت الشعبي مرةً واحدة في الانتخابات الثمانية الماضية، رغم فوزه بالرئاسة مرتين بفارق ضئيل جداً في المجمع الانتخابي. وتخلّى الحزب الجمهوري عن محاولة إنشاء ائتلاف قادر على الفوز بالتصويت الشعبي، وفضَّل بذل جهود لحصد 270 صوتاً انتخابيّاً.
المجمع الانتخابي مؤسسة عتيقة
وقال فارلي إن المجمع الانتخابي مؤسسة عتيقة من عصرٍ مضى منفصلة تماماً عن هيكلها وغرضها الأصليين. وإذا أراد الجمهوريون الفوز في الانتخابات دون الحصول على أكبر عدد من الأصوات، فلهم مطلق الحرية في أن يشاركوا في اللعبة استناداً للقواعد الراهنة.
ورغم ذلك، قرر الحزب الجمهوري أن الفوز بالانتخابات ليس بكافٍ ببساطة. فالحزب بحاجة إلى إخفاء طبيعة استراتيجيته الانتخابية. لذا ارتأى أنه لا بأس بفكرة الفوز في الانتخابات رغم حصد عدد أقل من الأصوات، غير أن هذه الاستراتيجية تبدو برمتها غريبة نوعاً ما من منظور عموم الديمقراطيين.
وقال، إن الحل الذي لجأ إليه ترامب تفسيراً لافتقاره المحيّر للشعبية هو الكذب بشأن طبيعة الانتخابات نفسها. فإذا فاز ترامب أو أحد أتباعه، فلا بأس. وإذا هُزموا، فسيدق ناقوس “التزوير” على الفور في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحسوبة على الحزب الجمهوري. فالحزب الجمهوري يروق له الكذب على ناخبيه، ويستلذ ناخبوه بالتضليل الذي يتعرضوا له والكذب عليهم.
وأوضح الكاتب أن قاعدة الحزب الجمهوري تتخيّل أنها تُمثِّل غالبية الأمريكيين “الحقيقيين” الذي يستمتعون بوصفهم هذا على لسان ترامب وأتباعه، رغم كل الأدلة التي تثبت نقيض ذلك.
مخاطر واضحة.
ولذلك، يرى الكاتب أن المخاطر واضحة، مشيراً إلى أنه في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، ألهمَ ترامب حشداً متعصباً الهجوم على مبنى الكونغرس خلال جلسة إقرار فوز جو بايدن الانتخابي في محاولةٍ أخيرة لإلغاء نتيجة الانتخابات.
وفي عام 2024، هناك أسباب عديدة وجيهة تجعلنا نظن أن ترامب وأتباعه المناهضين للديمقراطية سيكونون أكثر تأهباً للعمل وفق جدول زمني أخطر وأكثر فعالية. ولأن هناك سبباً وجيهاً للاعتقاد بأن الانتخابات ستُحسم بعددٍ قليل من الولايات، فلن يكون من المُستغرب حصول أعمالَ عنف يمينيّة مؤيدة لترامب في مراكز الاقتراع يوم 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.
نحو حرب أهلية أو أعمال عنف في 2024؟
ورأى الكاتب أنه من الصعب استشراف المُستقبل. فمن الممكن أن يفوز دونالد ترامب في الانتخابات. فلم يُثِر فوزه عام 2016 أي أعمال عنف، وسرعان ما تقبَّلَه الديمقراطيون. ومن الممكن أن يفوز بايدن بهامشٍ كبير عبر عدة ولايات يكفي لدحض أي ادعاءات بالتزوير.
لكن ليس من الصعب ملاحظة الخطر، يقول الكاتب، فالحزب الجمهوري يمثل ائتلاف أقلية يعتقد بتعصبه أنه ائتلاف أغلبية.
وقد ضُخَّت في الحزب الجمهوري سلسلة من الأكاذيب المتعلقة بالتزوير في انتخابات 2020. وسيُقرِّر أعضاء الحزب ما إذا كانوا سيلجؤون إلى العنف اعتقاداً منهم بأنهم على صواب كما فعلوا من قبل. فضلاً عن ذلك، فالمخاطر الشخصية التي تحيق بدونالد ترامب جسيمة.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: “إذا فازَ ترامب، سيصبح رئيس الولايات المتحدة الأمريكية للمرة الثانية. وإذا خسرَ، فمن المرجح جداً، أن يُزجُّ به في السجن. وفي ظل هذه الظروف، من المنطقي أن يساورنا القلق حيال محاولته التلاعب بالعملية الانتخابية لصالحه… وبكل عنف”.