فيما يواصل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الصمت، دعا وزير الأمن القومي المدان بالإرهاب إيتمار بن غفير لاجتماع طارئ للمجلس الوزاري السياسي- الأمني المصغّر لـ “اتخاذ قرارات عملية للردّ على موجة العمليات الفلسطينية“، في وقت هاجمه مقرّبون منه، متّهمين إياه بالعجز.
ويدعو بن غفير، وعددٌ من قادة اليمين الصهيوني، للانتقام والردع، من خلال فرض حصار على مواقع فلسطينية، ووقف تصاريح العمل والحركة المعطاة للفلسطينيين.
وقالت وزيرة المستوطنات أوريت ستروك (الصهيونية الدينية) إن “العمليات الفلسطينية تجري نتيجة فقدان قرار حكومي يقضي بعدم السماح بتحويل شوارع الضفة الغربية لمسار أخضر للإرهاب”، وهي تقصد بناء شوارع لليهود فقط.
في تصريحات إعلامية، حمّلت ستروك وزيرَ الأمن في حكومة الاحتلال يوآف غالانت مسؤولية العملية الفلسطينية في الخليل، وقالت إن “القرار بيدك، بادِرْ لاتخاذه قبل وقوع العملية القادمة”، داعية للانتقال من الدفاع إلى الهجوم، ولمنع خروج العمال الفلسطينيين من قطاع غزة، وللانتقام من قادة المقاومة الفلسطينية.
وتابعت: “في الأيام القريبة، سأطرح مقترحات لزيادة المناعة القومية للمستوطنات”.
ويطالب قادة المستوطنين بتغيير تعليمات فتح النار، وزيادة الحصار على مواقع فلسطينية، وتضييق الخناق على حركة الفلسطينيين، زاعمين أن الجيش يعرف كيف يبتكر مخططات للتصدي للظاهرة، ويبقى أن يصادق المستوى السياسي عليها.
من جهته، قال رئيس المجلس الإقليمي الاستيطاني يوحاي دماري “جبل الخليل” إن ما يجري هو فشل مَن يفترض به أن يحمي المواطنين الإسرائيليين في كل مكان”. ودعا دماري لتغيير إستراتيجية العمل بشكل جوهري من أجل مواجهة “الإرهاب” الفلسطيني المتصاعد.
وقال عضو الكنيست من “الليكود” دان إيلوز، في تغريدة جديدة في تويتر، إن العمليات الفلسطينية تجري واحدة تلو الأخرى، ولا توجد حوكمة، داعياً “لاستعادة “قوة الردع” دون الانتظار ولو دقيقة واحدة، وعلينا منع الإرهاب من أن يرفع رأسه، وسنلاحق القتلة، ولن نعود دون إلقاء القبض عليهم”.
الحل السياسي مغيّب
من جهته، قال رئيس المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إن العملية القاتلة في الخليل تم تنفيذها على يد “مخرّبين” بدم بارد.
لبيد قال إنه يصلي من أجل شفاء المستوطن المصاب بالعملية، منوهاً بأن “قوات الأمن ستواصل سعيها حتى تمسك القتلة، ملاحقة تلو الملاحقة حتى الإمساك بهم”. وتابع: “مقابل الإرهاب نحتاج لقبضة قاسية وقوية”.
من جهته، كررّ رئيس حزب “يسرائيل بيتنا” النائب أفيغدور ليبرمان دعوته للعودة للاغتيالات. وقال، في منشوره: “إننا في واقع مرعب يقوم فيه مخرّب بإطلاق الرصاص، ويقتل سيدة ويصيب رجلاً. في هذه الحادثة أيضاً يبدو أن منتج الإرهاب، والمبارِك له، هو تنظيم “حماس”، ولذا من غير الممكن مواجهة موجة الإرهاب الجارية دون القيام بعمليات اغتيال لرؤساء الإرهاب في غزة،.. ويتمتّعون بحصانة من قبل حكومة إسرائيل”.
عوامل تصاعد المقاومة الفلسطينية
في نطاق التعليقات والمقترحات الإسرائيلية، شبه الخالية من حلول سياسية، قال الجنرال في الاحتياط يسرائيل زيف إن الوضع داخل الضفة الغربية في حالة غليان، وإن وتيرة الأحداث والعمليات الفلسطينية هذا العام مضاعفة، مقارنة مع العام المنصرم. ويرى زيف أن هناك جملة أسباب خلف تصاعد المقاومة الفلسطينية، منها “ضعف السلطة الفلسطينية، استفزازات المستوطنين وبعض الوزراء، والتي تسخن الأوضاع الساخنة أصلاً، وترفع منسوب الغضب في الشارع الفلسطيني”.
وردا على سؤال الإذاعة العبرية العامة، اعتَبرَ زيف أن هناك حاجة لتغيير إستراتيجية إسرائيل، بغية خفض ألسنة اللهب والتوتر، وزيادة الهدوء، لافتاً لضرورة التعاون مع السلطة الفلسطينية، وتحاشي الاستفزاز.
وفي هذا المضمار، يتابع الجنرال الاحتياط يسرائيل زيف: “علينا أن نقرر؛ هل نريد الحد الأقصى من الاندماج مع الفلسطينيين، أو الحد الأقصى من الانفصال عنهم. خطة سموتريتش التي كشف النقاب عنها، أمس الأحد، والقاضية ببناء 155 بؤرة استيطانية، تعني الضمّ الفعلي للضفة الغربية، وهذا يعني تعقيد الأوضاع، زيادة الاحتكاك، والعمليات الفلسطينية”.
زيف الذي لا يطرح تصوّراً لكيفية تسوية القضية الفلسطينية، ولا يدعو لإنهاء الاحتلال، يرى أنه يمكن تحويل الواقع الحالي لواقع محتمل، وهذا برأيه يحتاج لقرارات شجاعة، والسؤال: هل هذه الحكومة مستعدة؟
تصعيد المستوطنين يصب الزيت على النار
زيف يعتبر وجود مستوطنين متطرفين داخل حكومة الاحتلال عاملاً محفزاً على تصعيد التوتر في الأراضي الفلسطينية، ويؤكد أن ما تفعله الحكومة الآن يعود كيداً مرتداً مضاعفاً على الإسرائيليين.
وقال زيف إن المسؤول الأكثر عقلانية ومهنية في حكومة نتنياهو السادسة هو وزير الأمن يوآف غالانت، ويتوقع منه أن يدفع باتجاه تحاشي الاستفزاز.
وتابع: “لدي شكوك كبيرة بالمجلس الوزاري المصغر الذي يطالبون بعقده الآن، ولا أرى فيه أي نجاعة”.
كما اعتبر زيف أن استمرار الصراعات الداخلية في إسرائيل يصب الماء على طاحونة الفلسطينيين، ويحفّز على المقاومة، لأنه يمنحهم دعماً معنوياً.
وعلى غرار جنرالات ومسؤولين إسرائيليين آخرين، يقول زيف إن إيران تلعب دوراً هاماً في تأجيج الأوضاع داخل الضفة الغربية.
وعدا أصوات قليلة، أعدادها تتزايد، تخلو الحلبة السياسية الإسرائيلية من طرح حلول سياسية. وتقّر تلك الأصوات بأن الاحتلال هو سبب المقاومة، ونهايتها بنهايته. ومن الأصوات القليلة نائب رئيس الموساد، رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست سابقاً النائب رام بن براك (حزب “هناك مستقبل” برئاسة لبيد)، الذي قال إن مخططات الضمّ ستؤدي لكارثة ولحالة احتراب بين الفلسطينيين والإسرائيليين في ظل نظام فصل عنصري، داعياً للانسحاب من الضفة الغربية المحتلة.