يبدو أن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيهنئ نفسه بعد الاتفاق على تبادل أسرى مع إيران الأسبوع الماضي.
ويقول دانيال جونسون في صحيفة “ذا تلغراف” البريطانية إن ذلك سيعني منح نظام شرير 6 مليارات دولار، لكن هذه عائدات نفطية محجوزة بموجب قوانين العقوبات.. لذلك يمكن للرئيس أن يدعي أن صفقته لن تكلف دافع الضرائب الأمريكي سنتاً واحداً.
إضرار بالهيبة الأمريكية
لا شك في أن بايدن بدأ يتطلع إلى الوهج الدافئ لوسائل الإعلام الصديقة وهو يرحب بالرهائن في الوطن، ربما يأمل تعزيز شعبيته في السباق إلى البيت الأبيض.. لكن الحقيقة هي أن تبادل الأسرى الغامض الذي وافق عليه بايدن لن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بالهيبة الأمريكية، وتشجيع الإيرانيين على أخذ المزيد من الرهائن الغربيين والمساعدة في تمويل طموحات النظام النووية.
يُفهم أن من بنود الاتفاق نقل 6 مليارات دولار من كوريا الجنوبية إلى قطر. سيتم منح إيران إمكانية الوصول إلى الأموال النقدية لأغراض “إنسانية”، بالرغم من أن ضبط هذا الأمر سيكون إشكالياً. ومن المرجح أيضاً أن يشمل الاتفاق إعادة عدد من الإيرانيين المحتجزين في الولايات المتحدة بسبب خرقهم العقوبات. عندها فقط سيتم إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين.
بديل عن موت الاتفاق النووي
بالطبع، تابع الكاتب، ليست هذه أول اتفاقية فاوستية من نوعها بين الغرب وإيران، ولن تكون الأخيرة.. سلم رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون السنة الماضية ما يقرب من 400 مليون جنيه إسترليني، من الأصول المجمدة مقابل الرهينتين البريطانيتين نازانين زاغاري راتكليف وأنوشه عاشوري.. كسبت حملة الإضراب عن الطعام التي قام بها زوج نازانين ريتشارد راتكليف الرأي العام البريطاني، ما أجبر رئيس الوزراء آنذاك على نقض إحجام وزارة الخارجية عن تأييد طلبات فدية كهذه.
حسب أنباء واردة، انزعجت إدارة بايدن بسبب قرار داونينغ ستريت الموافقة على اتفاق منفصل، بعدما كانت تأمل في تضمين الثنائي البريطاني في حزمة شاملة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني المحتضر.. مع ذلك، تتقبل وزارة الخارجية الآن أن آمالها في إحياء اتفاق 2015 قد ماتت وتكتفي بتبادل الأسرى.
أين الخطورة؟
يتمثل أحد الجوانب السلبية لصفقة بايدن في أنها تضفي الصدقية خلال لحظة حاسمة على واحدة من أخطر الدول المارقة في العالم، ما يمكّن إيران من نشر نفوذها الخبيث.. قدم الهجوم الروسي على أوكرانيا عرضاً للطائرات الإيرانية من دون طيار، وهي الدعامة الأساسية لهجمات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على المدن.. من خلال تحدي عقوبات الأمم المتحدة على روسيا بالتوازي مع إفلاتها من العقاب، أدخلت طهران نفسها في صراع آخر مع الغرب، كما أنها تبني صناعة أسلحة جديدة وتحيي حلم الخميني بتمرد عالمي ضد “الشيطان الأكبر”.
الحرس الثوري يصعّد
في الخليج العربي، تهاجم البحرية الإيرانية الناقلات التجارية، ما يهدد حركة الملاحة البحرية العالمية.. لطالما كان الحرس الثوري الإيراني في طليعة مثل هذه القرصنة، وينتشر الحرس الثوري في سوريا واليمن وجميع أنحاء الشرق الأوسط، ويتسلل إلى الدول الغربية.. كما وصفت وزيرة الداخلية سويلا برافرمان الأسبوع الماضي الحرس الثوري الإيراني بأنه أخطر تهديد حالي للأمن القومي البريطاني.
بعد أن تفادى تصنيفه كمنظمة إرهابية، تمتد مجساته إلى عمق المملكة المتحدة.. فقد أحبط جهاز إم آي 5 نحو 15 مخططاً للحرس الثوري الإيراني، يهدف إلى اغتيال أو اختطاف إيرانيين يعيشون في بريطانيا.. في غضون ذلك، أمر المرشد الأعلى علي خامنئي الرئيس الإيراني المتشدد إبراهيم رئيسي بسحق كل المعارضة.
يساعدها لتصبح قوة عالمية
من خلال اقتطاع دور محوري بين روسيا والغرب، رفعت إيران نفسها من دولة منبوذة إلى قوة إقليمية.. وبمجرد أن تمتلك أسلحة نووية، ستكون قوة عالمية.
ولفت جونسون في الختام إلى أنه ومن خلال رشوة إيران للإفراج عن رهائن من أجل تحقيق مكاسب انتخابية، يخاطر بايدن بتوجيه إشارات ضعف، ليس فقط إلى الشرق الأوسط، ولكن إلى أعداء أمريكا في كل مكان.