يواصل الإعلام الإسرائيلي انتقاداته للاتفاق بين واشنطن وطهران، معتبراً أنه يتساهل مع إيران، ويتجاهل التبعات المحتملة على إسرائيل، كما أن نقل مليارات الدولارات للنظام الإيراني، مقابل إطلاق سراح رهائن، يدل على أن البيت الأبيض تخلى عن إمكانية “وقف البرنامج النووي”.
وألقى موقع ميدا العبري، الضوء على التفاصيل المتداولة عن عزم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تحرير 6 مليارات دولار من الأصول الإيرانية المجمدة، وإطلاق إيرانيين موقوفين في الولايات المتحدة، مقابل إطلاق سراح 5 أمريكيين محتجزين في إيران، معلقاً: “في الصراع بين المصلحة الوطنية ومصلحة الفرد، يبدو أن الخيار الأخير انتصر”.
يأس بايدن
وقال الموقع: “ليس صحيحاً القول إنه منذ وطأت قدماه البيت الأبيض، سعى الرئيس بايدن للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، الأصح أن نقول إنه يائس للتوصل إلى اتفاق”. ففي البداية، كان الهدف هو العودة إلى نسخة “أطول وأقوى” من الاتفاق النووي الموقع في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، والذي حظر على إيران تصدير الصواريخ البالستية، وفرض قيوداً على استخدام أجهزة الطرد المركزي، وقيّد تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67٪، لكن جميع هذه البنود انتهت صلاحيتها، كما أن القيود المفروضة على تصدير الأسلحة، على وشك الانتهاء في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
موقف متواضع
بحسب الموقع، حاول بايدن في البداية صياغة اتفاق عرضت فيه الولايات المتحدة تحرير 17 مليار دولار من الأصول الإيرانية وتخفيف العقوبات، وبعد فشل هذه الصيغة، وبعدما اعترفت طهران بتخصيب اليورانيوم إلى ما بين 60 و84%، اتخذ البيت الأبيض موقفاً أكثر تواضعاً، بحيث يطلق النظام الإيراني سراح رهائن ويجمد تخصيب اليورانيوم بنسبة 60٪، وهو تراجع أمريكي كبير، بالإضافة إلى سماح الولايات المتحدة لطهران بالوصول إلى 24 مليار دولار مجمدة.
وبعد فشل هذه الصفقة أيضاً، تنازلت واشنطن عن تبادل الأسرى، وستحرر 6 مليارات دولار، بالإضافة إلى 2.7 مليار تم الإفراج عنها بالفعل كبادرة حسن نية.
5 عيوب في الاتفاق الجديد
ويزعم البيت الأبيض أنه نجح في وضع خطة تضمن عدم استخدام إيران الأموال إلا للمعدات الطبية والغذاء والبضائع العادية.
أما العيب الثاني، فهو أنه سيمكن طهران من استخدام أموال ميزانية حكومتها في الأنشطة العسكرية والإرهابية، وتحويل الأموال التي تم تحريرها إلى الأغراض المدنية، وبذلك تكون قد التفت على الاتفاقية، التي تنص على استخدام الأموال التي كانت مجمدة لأغراض مدنية لا عسكرية.
والعيب الثالث يكمن في أن إيران قد تستخدم أساليب الغش مرة أخرى، ولا تلتزم بأي شروط من أي اتفاقية، ذلك أنها تتمتع بخبرة 5 عقود من العمل في ظل نظام العقوبات، وطورت آليات مبتكرة لتجاوزها، وهي تشارك بعضها مع دول مثل روسيا وبيلاروسيا، ومن الواضح أن الإيرانيين سيستخدمون هذه الأساليب مرة أخرى حيال الاتفاقية الحالية أيضاً.
دبلوماسية الرهائن
ويكمن العيب الرابع في أن الصفقة تمنح إيران مكافأة أخرى على السلوك السيئ، فعلى مدى العقود الماضية، اعتاد النظام في طهران على خطف أجانب واحتجازهم كرهائن، ثم إطلاق سراحهم مقابل المال، أو تخفيف العقوبات، أو إطلاق سراح مجرمين إيرانيين في دول أخرى، وآخر مثال على ذلك كان في عهد الرئيس الرئيس السابق دونالد ترامب، عندما أطلقت إيران سراح طالب مقابل مسعود سليماني، الذي أدين في الولايات المتحدة بتصدير مواد بيولوجية حساسة إلى إيران.
وأكد “ميدا” أن دبلوماسية الرهائن الإيرانية حققت نجاحاً كبيراً لدرجة أن خصوم أمريكا الآخرين يقلدونها، حيث قامت روسيا وكوريا الشمالية والصين باختطاف مواطنين أجانب من دول في السنوات الأخيرة، بهدف انتزاع تنازلات.
ويتمثل الخلل الخامس والأخير في الاتفاقية في أن إدارة بايدن تخلت عن إمكانية وقف البرنامج النووي الإيراني، ذلك أن الإفراج عن الأموال في الاتفاقية سيقلل بشكل كبير من حجم الأصول الإيرانية المجمدة في أيدي الولايات المتحدة، مما يعني أن بايدن لا يرغب في مواجهة طهران، التي ستزداد قوة.
عراقيل أمام إسرائيل
في غضون ذلك، تواصل إدارة بايدن وضع العراقيل أمام هجوم إسرائيلي محتمل على إيران. ويقول الموقع إن بايدن، الرجل الذي نصح في عام 2011 بعدم تنفيذ الغارة الأمريكية التي قتلت أسامة بن لادن، خوفاً من إلحاقها ضرراً بإعادة انتخاب أوباما، يجدد الآن مرة أخرى سياسته قصير المدى المتعلقة بالمصلحة الوطنية الأمريكية.