بين الدمج والإذابة.. الطالب المقدسي رهين قرارات حكومة الاحتلال

مع اقتراب العام الدراسي الجديد وقرب افتتاح المدارس في القدس أبوابها لآلاف الطلاب والطالبات، يطل ملف فرض المنهاج الإسرائيلي بالقوة، ومعها يطل ملف الأموال المقرة لدعم اندماج المواطن المقدسي في المجتمع الاسرائيلي، فيما يظهر ملف آخر معارض يترأسه تيار متطرف في الحكومة الإسرائيلية، يرى في تلك الأموال دعما “للإرهاب” ولمن لا يستحق، بوصف المقدسيين أقلية بلا حق أو رأي، ويهدد بتجميد دعم التعليم العالي في المدينة.

بين الدمج والإذابة يرى الدكتور زيد حسن القيق الباحث المختص في شؤون التعليم في القدس، أنه بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة وما نتج عنها من وصول المتطرفين إلى داخل الكنيست ظهر تيار جديد متطرف داخل مؤسسات القرار تعارض مع السياسات القائمة اتجاه التعليم في القدس.

وأضاف الدكتور القيق، أن السياسة القائمة بناء على ما جاء فيما أطلق عليه الخطة الخمسية الأولى والتي بدأت في العام 2017 وكُشف عنها قي صحيفة هآرتس في العام 2018 تهدف إلى دمج المقدسي بالمجتمع الإسرائيلي من خلال التعليم والاقتصاد، عن طريق زيادة عدد المدارس التي تدرس المناهج الإسرائيلية ثم تفضي إلى دخول الطالب المقدسي إلى جامعات إسرائيلية، وبالتالي تمكنه من إتقان اللغة العبرية واندماجه في سوق العمل الإسرائيلي ليصبح ” مواطن صالح” على حد قولهم، موضحا بأن هذه السياسة وافقت عليها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ودعمتها حيث أنها لا تفضي إلى صدام مع الشارع المقدسي، بل تقوم على استيعاب ودمج المواطن المقدسي في المجتمع الإسرائيلي تدريجياً.

وكانت الحكومة قد أقرت عام 2018 الخطة الخمسية بعنوان” كسر الفجوات الاقتصادية ودمج سكان القدس الشرقية”، وحددت في حينه 6 قطاعات للعمل عليها وهي: التعليم والتعليم العالي، المواصلات، الاقتصاد، التشغيل والرفاه، تحسين الخدمات العامة للسكان، وتخطيط وتسجيل الأراضي، وكان من المقرر أن تقر الخطة الجديدة شهر أيار الماضي، وتم تجميدها بسبب الخلاف عليها خاصة على ملف التعليم، كما ألغيت جلسة “المجلس الوزاري الاجتماعي-الاقتصادي” التي كانت مقررة اليوم للمصادقة على الخطة الخمسية لشرقي القدس، حيث لا يزال الخلاف على ملف التعليم.

 

وأضاف الدكتور القيق أن سياسة “الخطة الخمسية” لم ترق لتيار المتطرفين الجدد الذين كانت وزارة المالية من نصيبهم واعترض عليها، حيث يتبنون فكرة سحق المقدسي لا دمجه في المجتمع الإسرائيلي، وهذه السياسة تعارضت مع رؤية الشاباك الذي يريد إذابة المقدسي في المجتمع الإسرائيلي من وضع الخطة الخمسية، واليوم يظهر التجاذب بين وزارة المالية ومن طبق الخطة وأيدها بشكل واضح.

وأضاف القيق كلا الطرفين “المؤيد للخطة والمعارض لها” لا يريدان الفلسطيني المقدسي، فالأول يريد إذابته من خلال الخطة الخميسية، والثاني يريد سحقه، ومن هنا بدأت تظهر إلى الساحة قرارات وكأن الطرفين في سباق من يريد إظهار قوته أمام المجتمع الإسرائيلي، لأن هذا الملف من الملفات التي لا توضع رقابة إعلامية عليها، فيمكن للطرفين الحديث أمام الإعلام عنها وليس مثل الملفات ذات الطابع العسكري خاصة في غزة وسوريا وغيرها.

وأوضح الدكتور القيق أن المتطرفين يتعاملون مع المقدسي بأنه أقلية عربية تعيش في دولة إسرائيل، لا يرى بأن إذابته بالمجتمع هي الطريقة المجدية، انما بطيئة ويريدون طرده كليا وانهاء وجوده من خلال السياسات المختلفة، وإضعاف وجوده في القدس، كما يرى المتطرفون الجدد أن أي تمويل لدمج واستيعاب المقدسي في المجتمع الإسرائيلي، هو دعم للإرهاب.

كما لفت القيق أن وزراء في الحكومة الحالية لا يريدون احتكاك بين الفلسطينيين في الداخل والقدس والضفة الغربية، ويعتقدون بأن الجامعات أفضل نقاط لذلك، فقد بدأ الحديث في الحكومة باتخاذ إجراءات لإضعاف التحاق بالجامعات الفلسطينية، حتى لا يحدث اثراء للروح الوطنية الفلسطينية.

كما تطرق الدكتور القيق الى مصادقة الهيئة العامة للكنيست بالقراءة التمهيدية مطلع حزيران الماضي، على مشروعي قانون يهدفان إلى زيادة الرقابة الأمنية على المدارس والمعلمين في المجتمع العربي، من خلال تعميق ضلوع جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) في التدقيق في نشاط معلمين عرب، وتسهيل فصلهم.

ولفت القيق أنه في الآونة الأخيرة بدأت تظهر قرارات مثل منع الميزانيات، والرقابة على توظيف المعلمين ذوي الاعتقال السابق أو ما يسمى أصحاب الملفات الأمنية، وكأن هناك سياسة جديدة.

 

وأضاف “مشروع القرار والذي أيده 45 عضو كنيست وعارضه 25 عضوا، ولم يقر بعد”، لكن في حال اقر معناه فإنه على الصعيد الدولي سيتم الاصطدام مع اتفاقية جنيف مادتها 24 و50 والتي تنص على أن الشعب المُحتل يجب أن يتعلم وفق ثقافته ومن شخص ينتمي إلى هذه الثقافة، في ظل الاعتراف الدولي أن القدس هي منطقة محتلة وليست ضمن ما يسمى دولة إسرائيل.

أما على الصعيد المحلي فأوضح الدكتور زيد القيق، ففرض المنهاج الإسرائيلي ومنع تدريس المنهاج الفلسطيني بالقوة، سيضع المؤسسات التعليمية المقدسية أمام قراراين، إما الإغلاق (وبالتالي سيجد الاحتلال نفسه في مأزق بسبب عدم وجود مباني للطلبة الذين أغلقت مدارسهم) .. أو القبول بتدريس المنهاج الإسرائيلي للمحافظة على المؤسسات وما تقدمه من أنشطة لا صفية تدعم هويتنا وتراثنا من خلال تضعيف دور المنهاج وزيادة دور المعلم.

كما قَدم أحد أعضاء حزب الليكود إلى الكنيست مشروع قرار يشترط على المدارس قبل حصولها على ترخيص للعمل “بأن تكون “متلائمة مع المنهاج الدراسي الإسرائيلي”، ما يدل على أن المدارس المستهدفة هي مدارس القدس المحتلة.

Exit mobile version