هآرتس- هاجر شيفاز- الحادث الذي قتل فيه قصي معطان جراء نيران مستوطنين في قرية برقة ذكّر المتابعين لما يحدث في الضفة الغربية بحادثة علي حرب، التي محيت من ذاكرة الجمهور. قبل حوالي عام، أقدم مستوطن يسكن في بؤرة “نوفيه محاميا” على طعن الفلسطيني حرب عندما جاء مع أبناء عائلته لطرد مستوطنين أرادوا إنشاء بؤرة استيطانية على أرضهم، أغلق ملف التحقيق بعد شهرين من ذلك.
أوضحت “هآرتس” أن ثمانية أحداث ذات خصائص مشابهة سجلت في الـ 15 عاماً الأخيرة: مستوطنون يأتون إلى مداخل قرية فلسطينية أو إلى منطقة مفتوحة بين المستوطنة والقرية المجاورة، وحينئذ تتطور مواجهة تنتهي بقتل فلسطيني. تبدو الادعاءات بالدفاع عن النفس مبررة في بعض الحالات، وفي أخرى أقل تبريراً. ولكن لم يتم في أي واحدة من هذه الحالات تقديم إسرائيلي للمحاكمة. ولا يمكن في أي منها معرفة من هو مطلق النار على الضحايا بسبب إخفاقات في التحقيق الشرطي.
حسب بيانات “بتسيلم” و”ييش دين” التي فحصتها “هآرتس”، فقد قتل إسرائيليون ليسوا من رجال قوات الأمن أو رجال حماية، 38 فلسطينياً منذ 2008. 21 منهم حاولوا تنفيذ عمليات. 4 من هذه الحالات ينطبق عليها التعريف الواضح للإرهاب اليهودي – قتل أبناء عائلة دوابشة وقتل عايشة الرابي، الملف الذي تتم معالجته بدون حسم منذ كانون الثاني 2019. وأطلق النار على آخرين بعد أن رشقوا حجارة أو من قبل آخرين على سيارات مستوطنين.
تعرض “هآرتس” هنا ظروف موت الضحايا الثمانية الذين سبقوا معطان، في أحداث لم يحاكَم عليها أحد.
علي حرب
في 21 حزيران 2022 خرجت مجموعة من حوالي 20 شاباً من مستوطنة “نوفيه نحاميا” في جولة مسبقة في منطقة تقع خارج جدار مستوطنة “أرئيل”، بهدف إقامة بؤرة استيطانية هناك. المنطقة قريبة جداً من مقر شرطة لواء “شاي” (يهودا والسامرة) وللبوابة الخلفية لمستوطنة “أرئيل”. المكان هو قطعة أرض لسكان القرية الفلسطينية إسكاكا المجاورة، الذين جاءوا إلى المكان بعد سماعهم عن تجمع المستوطنين.
المشبوه بعملية الطعن لم يعتقل مطلقاً في يوم الحادث. لقد ترك السكين في ساحة الحدث، وعاد إلى بيته واعتقل في اليوم التالي، عندما جاء لتقديم شكوى عن الفلسطينيين بذريعة أن هؤلاء هاجموه وزميله. فيما بعد، تم اعتقال الفلسطينيين والتحقيق معهم بسبب الاعتداء. ادعى المستوطنون أن الفلسطينيين رشقوا عليهم حجارة وكانوا مسلحين بعصي وبلطات، في حين نفى الفلسطينيون ذلك.
في البداية، كان “الشاباك” قد اعتقل المستوطن، ولم يسمح له بالتحدث مع محاميه. في التحقيق الأول التزم المتهم الصمت عندما طلب منه وصف عملية الطعن، وفيما بعد ادعى بأن جزءاً من الفلسطينيين أيضاً كان بحوزتهم سكاكين، وأما حرب فقد رمى عليه حجرا قبل أن يطعنه – حسب أقواله، بالخطأ، عندما حاول صده. قالت النيابة العامة إنه ليس بالإمكان استبعاد ادعائه بالدفاع عن النفس.
منظمة “ييش دين” التي تمثل عائلة حرب، قدمت اعتراضاً على القرار بإغلاق الملف. أحد الادعاءات الرئيسية في الاعتراض، أنه على الرغم من إجراء تشريح لجثة حرب من قبل المستشفى في رام الله، لم تطلب الشرطة تسلمه. تقرير التشريح الذي حول لـ “هآرتس” وترجمته الجمعية، يقدر بأن عمق الجرح بلغ حوالي 9 سم، وأن السكين اخترقت جسد حرب من جانب الصدر، بطول السكين الذي عثر عليه قصاص الأثر فيما بعد. ولكن طوال عملية استعادة الحدث الذي جرى للمتهم والذي شاهدته “هآرتس”، فقد مثّل المتهم عدة مرات كيف دفع حرب من الجانب الأمامي للصدر، ونتيجة لذلك حسب أقواله طعن حرب، نظراً لأن المتهم كان يمسك سكيناً في يده في ذلك الوقت. إن حقيقة عدم وجود تطابق ما بين الطريقة التي مثل بها الطعن ونتائج التحليل، لم تظهر في الملف.
علاوة على ذلك، شهد فلسطينيان في القضية بأن المستوطن حاول طعن أحدهما حتى قبل ذلك، وحتى إن أحد المستوطنين شهد بأن أحد زملائه قال إنه رأى المتهم حين طعن فلسطينياً في رجله. عندما تم التحقيق مع ذلك الصديق، حافظ على حقه في السكوت ولم يسأل عن الموضوع مطلقاً. بالإضافة إلى ذلك، احتجت الجمعية على عدم فحص الأفلام التي حولت للشرطة كما يجب، وأن الشرطة لم تحاول الحصول على وثائق من الفلسطينيين تدل على ملكيتهم للأرض، الأمر الذي يشير إلى أن الموضوع منذ البداية تجاوز للحدود. جمعية “هموكيد” لم تحصل حتى الآن على إجابة بخصوص الاعتراض.
ردت النيابة العامة بعدم الانتهاء من معالجة الملف، حيث الاعتراض ما زال قيد الفحص حتى الآن، وأن وثائق التشريح بعد الموت لم تحول لهم إلا في مرحلة الاعتراض، على الرغم من محاولتهم الحصول عليها أثناء التحقيق. وقالوا أيضاً إن وثائق ملكية الأرض ليست ذات صلة، وأن إعادة التمثيل الذي أجري بالتحديد كان مطابقاً لنتائج التحقيق.
مثقال ريان
في شباط هذا العام، أطلق مستوطن النار نحو مثقال ريان، ابن الـ 27 عاماً من قراوة بني حسان، فأدى إلى قتله. لم يعتقل أحد بتهمة تورطه في التسبب بموته. قتل ريان على مدخل قريته على بعد بضع مئات الأمتار من موقع البناء الذي وصل إليه. وحسب شهادات الفلسطينيين الذين تحدثوا مع “هآرتس”، فقد وصل المستوطنون أولاً. نشر المجلس الإقليمي “شمرون” في حينه، بياناً ادعى فيه أن الأمر كان متعلقاً بمجموعة متنزهين من “حفات يئير” التي هاجمها فلسطينيون.
ادعى الفلسطينيون بأن الوضع في المنطقة تدهور بصورة عامة عقب إنشاء بؤرة استيطانية للرعاة مجاورة لمستوطنة “حفات يئير”. وأضافوا بأن المستوطنين اعتادوا الوصول إلى مداخل القرية وحتى تشغيل حوامة لمراقبة البناء فيها. في ذلك اليوم، قالوا، وصل عدد منهم إلى موقع بناء وبدأوا بالشتم والاعتداء على عمال البناء الذين استدعوا تعزيزاً من القرية. فيما بعد، تطورت مواجهات تضمنت رشق حجارة من قبل الجانبين وإطلاق نار من قبل المستوطنين على الفلسطينيين، والذي تم في نهايته قتل ريان. في حينه، قالت الشرطة إنه تم فتح تحقيق، ولكن على حد علم “هآرتس”، لم يعتقل أي مستوطن في إطار هذا التحقيق، وفي كل الحالات لم يتم تمديد اعتقال أحد. الملف ما زال مفتوحاً.
إسماعيل طوباسي
على الرغم من أن الشرطة ملزمة بالتحقيق في حالات القتل حتى وإن لم يقدم لها شكوى، فإن شرطة “شاي” اعتادت عدم القيام بذلك خصوصاً عندما يدور الحديث عن فلسطينيين. مثل هذه الحالة كانت حالة موت إسماعيل طوباسي، من الريحية الواقعة جنوب جبل الخليل، في أيار 2021. بعد شهر من موت الطوباسي والتي ظلت ظروف موته غير واضحة، نشر أن الشرطة لم تفتح تحقيقاً. رغم طلب قناة “كان 11” ومحادثة محلية، لم تفتح الشرطة تحقيقاً حتى شهر آب.
شهادات عائلته قادت إلى شبهة أن طوباسي مات من رصاص أطلقه مستوطنون. وبعد أن فتح تحقيق، لم يتم استدعاء أبناء عائلة طوباسي لتقديم شهادة. وفي تشرين الأول، تلقت جمعية “ييش دين” وبعد العديد من الطلبات، رداً أولياً من الشرطة، التي ادعت بأنها “تجد صعوبة في الاتصال مع أبناء العائلة للمجيء لتقديم شهادتهم”. وفي آذار 2023 وصل أخو الطوباسي لتقديم الشهادة في مركز الشرطة. تم دفن جثة الطوباسي منذ فترة. ما زال الملف مفتوحاً.
سامح أقطش
ثمة حادثة أخرى لم تفتح الشرطة فيها تحقيقاً رغم معرفتها بمقتل فلسطيني، وهي حادثة سامح أقطش الذي أطلق مستوطن النار عليه وقتله أثناء أعمال شغب حوارة في شباط الماضي. أطلق المستوطن الرصاص على أقطش عندما كان واقفاً على مدخل القرية مع رجال آخرين جاؤوا للدفاع عن أنفسهم من المستوطنين. ووفقاً للأدلة، كان أقطش يقف خلف السور عندما أصابوه بالرصاص ولم يكن مشاركاً في المواجهات. ثمة أفلام فيديو وثقت جنوداً يقفون بالقرب من المستوطنين الذين تجمعوا على مدخل القرية، ولكن الجيش نفى أن الجنود أطلقوا النار في المكان، وظن الفلسطينيون أن إطلاق النار كان من بين المستوطنين.
لم تفتح الشرطة تحقيقاً، في البداية بذريعة أنه لم تقدم أي شكوى. وبعد عدة أسابيع، وعندما تمكن أخو أقطش من تقديم شكوى بعد عدد من المحاولات، تم فتح تحقيق. في هذه المرحلة، كانت جثة أقطش قد دفنت، وقالت الشرطة بأنه وبسبب غياب الجثة يصعب إجراء التحقيق. ورد من المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أنه “في الفحص الذي أجري، وجد أن ليس هنالك شبهة تدل على أن جنود الجيش الإسرائيلي متسببون بموته”.
حمدي طالب نعسان
النعسان، ابن 38 عاماً وأب لأربعة، قتل جراء إطلاق النار عليه سنة 2019 بالقرب من قرية المغيّر الواقعة في منطقة رام الله. لقد كان للمستوطنين ادعاءان متناقضان فيما يتعلق بالحادث: الأول، أن مجموعة متنزهين من البؤرة الاستيطانية “عادي عاد” ذهبوا في نزهة وتم الاعتداء عليهم، والادعاء الثاني أن فلسطينياً طعن مستوطناً ثم حاول سحبه إلى داخل القرية. على كل الأحوال، هم ادعوا أن إطلاق النار على النعسان جاء بدافع الدفاع عن النفس، بعد أن هوجم المستوطنون الذين كانوا في المكان بالحجارة.
حسب وزارة الصحة الفلسطينية، اخترق الرصاص ظهر النعسان. في سنة 2019 حققت الشرطة العسكرية مع اثنين من “مسؤولي الأمن الجاري” من تجمع المستوطنات “شيلو”. بعد التحقيق مع مسؤولي الأمن، نشر موقع “الصوت اليهودي” غضباً بخصوص التحقيق معهم، وأشير إلى أن هواتفهم أخذت منهم. لم تقدم حتى اليوم في هذا الملف أي لائحة اتهام، وهو ما زال مفتوحاً. ورد من الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أنه “بعد فحص النتائج، أمرت النيابة العسكرية بإغلاق ملف التحقيق مع الجنود، أما النتائج التي ظهرت في نهاية التحقيق في كل ما يتعلق بشبهة تورط مدنيين في الحادث فقد نقلت لمعالجة ومواصلة التحقيق من قبل شرطة إسرائيل”. لم يوضح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ما حدث في مصير التحقيق مع مسؤولي الأمن الجاري.
محمود عودة
في تشرين الثاني 2017 قتل محمود عودة من قرية قصرة جراء إطلاق نار، بعد أن هوجمت مجموعة من الأولاد من سكان المستوطنات الذين تجولوا في منطقة القرية بالحجارة. ادعى الفلسطينيون بأنه تم إطلاق النار على عودة وقتل أثناء فلاحته لأرضه، وأن رشق الحجارة كان رداً على ذلك.
مرافقا جولة التنزه، اللذان جرحا بصورة خفيفة في الحادث، حققت الشرطة معهما بتهمة التسبب بالقتل غير المتعمد، وأطلق سراحهما في نهاية التحقيق. أغلق الملف، وتم قبول ادعائهما بالدفاع عن النفس. تحقيق عسكري قال إن رحلة التنزه بالقرب من قرية قصرة جرى دون القيام بالتنسيق المطلوب مع قوات الأمن.
يوسف اخليل
في كانون الثاني 2011 وصل حوالي 30 متنزهاً يهودياً إلى منطقة خربة صفا المجاورة لبلدة بيت أمّر، وهاجمهم شبان فلسطينيون بالحجارة. قتل اخليل ابن 15 عاماً من بيت أمّر، جراء إطلاق نار أصاب رأسه. في إطار هذا الملف، اعتقل أربعة مستوطنين مشبوهين، أغلق الملف ضد ثلاثة منهم لنقص الأدلة، في حين أغلق ضد الرابع نظراً لعدم وجود تهمة. رغم حقيقة أن التحقيق في موت اخليل انتهى بعد ثلاثة أشهر، لم يغلق الملف إلا في تموز 2013، أي بعد سنة ونصف من انتهاء التحقيق فعلياً.
أظهر التحقيق الأولي أن المتنزهين الذين تنزهوا دون تنسيق مع الجيش وبعد أن تم رفض طلب مشابه، لم يبلغوا المراكز المختلفة بأنهم هوجموا. حسب الشهادات والتي اقتبست في الاعتراض الذي قدمه المحامي ميخائيل سفراد في شأن إغلاق الملف، فإن هذه المجموعة من المتنزهين تنزهت في منطقة E دون تصريح في الماضي. وعندما هاجمهم فلسطينيون (هكذا حسب الاستئناف) استخدم اثنان من بين الستة المسلحين السلاح ووجهوه ضد راشقي الحجارة، أصيب فلسطينيان شابان جراء ذلك. الاعتراض الذي قدمه سفراد، اشتكى أن الشرطة لم تعثر على المقذوفات أو على الأعيرة الفارغة من سلاح مطلق النار. الاعتراض رفض.
عدي قادوس
قبل يوم من موت اخليل، جرى إطلاق النار على عدي قادوس، ابن الـ 18 عاماً من قرية عراق بورين، المجاورة لمستوطنة “هار براخا”. أطلق أحد المستوطنين النار على قادوس فقتله. فيلم من كاميرات الحماية للجيش وثق ملاسنات بين مطلق النار وشبان فلسطينيين، والتي بدأ قادوس بعدها برشق الحجارة على مطلق النار من مسافة صفر. بعد ذلك، أخرج مطلق النار مسدساً وأطلق النار وقتل عدي. اعتقل المتهم بعد خمسة أشهر من ذلك، وتم إطلاق سراحه للإقامة الجبرية في المنزل. لم تقدم حتى الآن أي لائحة اتهام.