كتب: حمادة فراعنة
قد يقول قائل هذا أمر مبالغ فيه، ولكنه الحقيقة التي تؤكدها الوقائع الحسية، والسلوك الإسرائيلي، وفعل مؤسسات المستعمرة.
في مؤتمر هرتسيليا السنوي السياسي الأمني، خلصوا إلى نتيجة عام 2002 بقولهم ولسان حالهم: يجب أن يتخلصوا مسبقاً من ولادة أو تصنيع قنبلتين نوويتين هما:
الأولى مشروع قنبلة إيران.
والثانية قنبلة النقب الديمغرافية نتاج زواجات البدو التعددية.
هذا ما يقوله ويؤكده عطية الأعصم رئيس المجلس الإقليمي لقرى النقب الفلسطيني غير المعترف بها.
في النقب ستة قرى معترف بها من قبل حكومة المستعمرة ومؤسساتها هي: اللقية، حورة، كسيفة، عرعرة، شقيف السلام، تل السبع، ومدينة واحدة هي راهط غدت أكبر مدينة عربية فلسطينية من بين سبعة مدن عربية لا يسكنها ولا يقيم فيها أي إسرائيلي، من الناصرة وشفا عمرو وسخنين في الشمال، إلى كفر قاسم وأم الفحم وجلجوليا في منطقة المثلث – الوسط، وراهط في الجنوب.
يقيم في مدينة راهط والقرى الستة و46 قرية غير معترف بها 340 ألف مواطن فلسطيني، 52% منهم يقيمون في القرى غير المعترف بها، يتعرضون من “سلطة توطين البدو” إلى عمليات الهدم والملاحقة، ويفتقدون إلى الخدمات الأساسية من مدارس وعيادات صحية ومياه وغيرها، بهدف ترحيلهم عن قراهم التي يعيشون بها منذ عشرات السنين قبل نشوء المستعمرة ونكبة الفلسطينيين عام 1948، وجعل أرضهم وقراهم وأماكن ولادتهم ووراثتها عن أجدادهم، طاردة لهم.
بالأمس الأحد 6 آب أغسطس، التئم على أرض قرية رأس جرابا، مؤتمر جماهيري دعت له رئاسة المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، حضره قيادة لجنة المتابعة- القيادة العليا للمجتمع العربي الفلسطيني في مناطق 48، ورؤساء البلديات، وقادة الأحزاب السياسية، وقطاعات واسعة من مؤسسات وممثلي المجتمع العربي الفلسطيني بهدف التصدي لبرنامج مؤسسات المستعمرة الهادف إلى طرد وترحيل أهل القرية، التي تتبع أرضها جغرافياً إلى مدينة ديمونا الإسرائيلية.
الشيخ فريج الهواشلة الذي يستضيف هذا المؤتمر على أرضه وفي ديوانه يقول: نحن على هذه الأرض في قرية رأس جرابا منذ العهد العثماني وخلال عهد الاستعمار البريطاني وقبل قيام مستعمرتهم على أرضنا، وهم اليوم يريدون طردنا من هذه القرية لإقامة حي يهودي إسرائيلي يدعى “روتم” تابع لمدينة ديمونا التي أقيمت عام 1952 فقط، إنهم يرفعون شعاراً عنصرياً يهدف إلى: “طرد العربي ليسكن اليهودي الإسرائيلي” ، وهم لا يريدون أي عربي يسكن في مدينة ديمونا، هل توجد عنصرية أكثر من هذا الوضوح والتوجه والسياسة؟؟.
يتوهم قادة التسوية والتطبيع العربي أن المستعمرة تبحث عن السلام أو تريده، بل هي تبحث عن بلع المزيد من الأرض، وأقل القليل من الفلسطينيين العرب، وقد نجحت عام 1948 عبر المجازر والتطهير العرقي على طرد نصف الشعب الفلسطيني خارج وطنه، ولكنها فشلت في طرد كل الفلسطينيين، ولذلك تعمل جاهدة على جعل ممارسة التضييق والخنق ومصادرة الأرض، عبر هجمة مسعورة زادت حدتها بعد نجاح التحالف بين الأحزاب السياسية المتطرفة والأحزاب الدينية اليهودية المتشددة، في انتخابات الكنيست رقم 25 يوم 1/11/2022.
أهل النقب يتسلحون بالوعي والصلابة والصمود والتكاتف مع بعضهم لمواجهة سياسات الهدم والترحيل، ونموذجهم أهل قرية العراقيب التي تم هدمها 220 مرة، وتم إعادة بنائها 221 مرة ولا زالت المعركة متواصلة، ولا خيار لهم سوى الصمود والعمل والنضال ضد التمييز والترحيل والمصادرة.