بعد شرعنة العديد من البؤر الاستيطانية غير القانونية في الشهور الأخيرة، لا سيما أفيتار وحوميش، وضع المستوطنون أنظارهم على الهدف التالي، ووضعوا مخططاً يسعى لتطبيق السيطرة على غور الأردن.
كجزء من المخطط، يقترح المستوطنون منح الإقامة لفلسطينيين من المنطقة، وبناء فنادق شمال البحر الميت، تمهيدا لإنشاء مدينة سياحية ستعطي عمقا استراتيجيا للاستيطان، وفي الوقت ذاته يمنع إقامة دولة فلسطينية.
إليشع بن كيمون مراسل صحيفة “يديعوت أحرونوت” لشؤون الاستيطان، كشف أنه “في الأيام التي تشهد اضطرابات بسبب الانقلاب القضائي، يواصل المستوطنون مخططاتهم التهويدية استمرارا لإنفاذ سياسة شرعنة البؤر الاستيطانية غير الشرعية، حيث تأتي مرحلة أخرى في إطارها يكشف قادة المستوطنين عن رغبتهم بالشروع في تحرك لفرض سيطرتهم على غور الأردن، حيث قامت نساء حركة “السيادة” بصياغة خطة فعلية تجلب الحلول القانونية والأمنية والاستيطانية لغور الأردن”.
وأضاف أنه “كجزء من المخطط الاستيطاني، سيتم توسيع عدد من الطرق في المنطقة فورا، وتوسيع الطريق رقم 5 بين مستوطنتي أريئيل وعيليه، وبناء تقاطعات عند نقاط الربط مع الطريقين 60 و90، ونظرًا لأن نظام الطرق واسع ومتدفق، فسيتوسع استخدامه، وسيقلل الازدحام المروري بأجزاء أخرى من الضفة الغربية، كما يقترح المخطط بناء مطار دولي جديد في المنطقة، بحيث يكون تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، في وادي “هوركانيا” قرب معبر اللنبي، بديلا لمطار عطروت المغلق في القدس المحتلة”.
وأشار إلى أن “المخطط الاستيطاني يتيح للفلسطينيين المقيمين في الضفة أن يستخدموا هذا المطار الجديد دون الحاجة للطيران عبر الأردن كما هو معمول اليوم، بزعم أن هذه الخطوة ستعمل على تحسين نوعية حياتهم إلى حد كبير، وبالتالي تحسين وضع دولة الاحتلال في الساحة الدولية، وفيما يتعلق بموضوع السياحة، يقدم المخطط عددًا من الحلول المختلفة لاستخدام الموارد الفريدة للمنطقة من أجل زيادة العدد من السياح الذين يدخلون دولة الاحتلال، مثل إنشاء مجمع فندقي في الجزء الشمالي من البحر الميت، وإنشاء مدينة سياحية أخرى قرب الحدود الأردنية تكون نقطة التقاء لرجال الأعمال من إسرائيل والأردن ودول الخليج، معفاة من الضرائب مثل إيلات”.
وكشف أن “هذا المخطط الاستيطاني أعدته نساء من حركة فرض السيادة على غور الأردن، نادية مطر ويهودت كاتسوبر، ويروج له لوبي غور الأردن بقيادة عشرات من أعضاء الكنيست من الائتلاف والمعارضة، بتنظيم من كوبي إليراز المستشار السابق لشؤون الاستيطان لأربعة من وزراء الحرب السابقين، والمحامي عيران بن آري خبير العقارات والقانون في الضفة الغربية، وقد عرضوا الخطة على الوزراء وأعضاء الكنيست، وشرحوا بالتفصيل الخطوات على طريق تطبيق السيادة في غور الأردن، ويرى واضعو المخطط أنه من أجل تنفيذه، يجب أولا تطبيق السيادة الإسرائيلية على غور الأردن”.
وأشار بن كيمون إلى أن “واضعي المخطط لا يتجاهلون الصعوبات التي قد تؤدي إليه، ويطرحون حلولاً لها، مع العلم أن منطقة السيادة لن تشمل مدينة أريحا وقرى العوجا وطوباس، كما سيتم السماح بالطرق المؤدية إلى ممر اللنبي، وسيحصل سكان القرى في المنطقة على الإقامة كما هو الحال حاليًا في شرقي القدس، رغم ما قد يشمله ذلك من توترات مع الأردن، ومع ذلك فإن أصحاب المخطط لديهم جرأة وتصميم، مصحوبين بعمل دبلوماسي شاق، في محاولة للإيضاح أن التفاهم بين إسرائيل والدول العربية، خاصة الأردن، على أن فرض السيطرة في وادي الأردن، وتسريع تطويره، هو مصلحة مشتركة لجميع الأطراف”.
صاحب المخطط كوبي إليراز زعم أن “البرنامج الذي يتحدث عن القدرة على تطبيق السيادة في وادي الأردن يعالج جميع القضايا الجوهرية، ويحللها، ويشرح كيف يمكن ذلك في مجالات البنية التحتية، والنقل، والزراعة، والطاقة البديلة، وأيضاً في موضوع الاستيطان، كما تستعرض الخطة الوضع الحالي، وتقدم حلاً واقعياً وعملياً”.
يهودت كاتسوفر ونادية مطر اللتان تنظّران للمخطط زعمتا أن “هناك دعما واسعا لمسألة السيادة على غور الأردن، وستضمن تسوية واسعة وتوازنًا في توزيع السكان دون اكتظاظ في الشريط الضيق بين الخضيرة والجدار، وستؤدي للانتقال إلى الحدود الشرقية، وما يشمله ذلك في مجالات الاقتصاد والسياحة والصناعة والطاقة، بزعم أن السيادة ستسهم في تعزيز الحدود الشرقية لدولة الاحتلال، الأطول لها، وستعطي عمقًا استراتيجيًا لها، وتمنع إقامة دولة فلسطينية”.
يأتي هذا المخطط الاستيطاني التهويدي الجديد استكمالا لإجماع إسرائيلي شبه كامل بإبقاء غور الأردن تحت السيطرة الاحتلالية في أي حل مستقبلي مع الفلسطينيين، بزعم أنه الحدود الأمنية للاحتلال، ومرتكز جدي للحفاظ على اتفاق السلام بين تل أبيب وعمّان، ويعتبر حاجزا مهماً وعقبة جدية أمام التهديد القادم على الاحتلال من الجبهة الشرقية، بحيث تكون حدودا أمنية مستقبلية له.
مع العلم أن بقاء غور الأردن تحت سيادة الاحتلال جزء من تحقيق قيامه كدولة يهودية على حدود آمنة ودائمة، ويتمثل ببقاء السيطرة على التجمعات الاستيطانية الكبرى بالضفة الغربية، والوصول بصورة نهائية للانفصال عن الفلسطينيين.